عندما تصبح الهوة عميقة بين المصطلح اللغوي و الواقع , فلا بد أن أغفر لشعبي اذا ما اخذ يسقط الواقع دائما على عكس المصطلح المألوف
فعندما تصبح كلمة رجل أمن = بعبع , ارهابي , قاتل , سادي بسلطة مطلقة
وتصبح الاقامة بيت الخالة = غرفة رعب تتخلل اقامتك فيها -لا سمح الله-صرخات عذاب مدوية ودوس على الكرامة الإنسانية ومحاولة فاشلة للترويض بالكبل الرباعي…و تخرج لتواجه واقع يرفضك لأنه عجز عن إيقاف جلادك من لوم من الاهل و الاقارب و الاصدقاء و بالعامية : شو بدك بهالحكي , غبي , تنح , وحمار !!! بدل ان تكون بطل أبي , رافض للذل … ولا ينتهي الكابوس عند
هذا الحد بل ينتقل الى لقمة العيش حيث يرفض توظيفك الجميع , الدولة : لأنك عدو عميل و العامة : ما بدنا وجع راس !!!!
باختصار خلال نصف قرن تحولت قيم الاباء والشهامة إلى معاني الغباء والتهور…والتزمنا ثقافة الحيط بالحيط،والايد اللي بتضربنا منبوسا ومندعي عليها ومن هالعلاك…
بالعودة الى المصطلحات
الانتخابات الرئاسية والتي يجب ان تكون يوما لفقدان الاعصاب والنضال لتوصيل ممثلك الرمز الى الكرسي ليوصل صوتك و يرفع من مستوى معيشتك = عرس وطني ننقاد فيه كالأغنام الى صناديق الاقتراع و تصل بنا سكرة الحالة العامة الى البصم بالدم على موافق , و ثم نرقص وندبك كالحجيات في شوارعنا الزفت وقد نملأ ثيابنا بمياه الحفرة المجاورة ولكن لا يهم فنحن اليوم بعرس وطني لانتخاب ابن رئيسنا في الجمهورية
مشهد لا يذكرني الا بالمشهد المجوني لرواية و فيلم العطر عندما يقوم الجميع وتحت تأثير العطر بأفعال مجنونة مجونية و يطلقون سراح القاتل !!! … وإذا كان عامة الشعب بالفيلم يطلقون سراح القاتل و يعفون عنه فنحن نباركه و نعينه رئيسا !!!!
الرئيس هو منصب يستمد سلطته وقوته من الشعب و يخاف ان يخطئ فيغضب الناس و يرفضونه و يعينون بديلا عنه في الانتخابات المقبلة = في داعي اشرح ولا بتعرفو الواقع !!
بعد كل ما ذكر و أكثر .. بعد سقوط جميع المصطلحات اللغوية في سوريا لتعطي معنى معاكساً تماما و مؤلماً … فأنا أغفر الآن لشعبي الذي أصبح يخاف
الديمقراطية = دكتاتورية بغلاف مصطلحي تتحكم به امريكا واسرائيل
الحرية = امرأة مغلفة بالسواد و رجل ملتحي يجرها
دولة علمانية = لا يستلم قيادة الدولة الا شيخ جامع تابع للعرعور
حرية سياسية = ضحك على اللحى و حزب الاخوان حتى لو اعتذر متل مصر بس رح يكون القائد الفعلي لبقية الاحزاب
حراك سياسي = حرب طائفية مزمنة ولن نخرج منها بأقل من مليون قتيل !!
خطط اقتصادية لتحسين معيشة المواطن = زيادة بالسرقات لأصحاب السلطة , رفع الاسعار
و هكذا نجح نظامنا بجدااااارة ليس فقط من تفريغ المصطلح اللغوي من معناه بل بقلب المعنى 180 درجة و أصبح العقل الباطني للمواطن السوري يرسل اشارات تنبيه و خطر لأي مصطلح جميل و نظيف و اشارات أمل لاي مصطلح قمعي ارهابي
أصدقائي كفوا عن محاكمة اصدقائكم و شعبنا اذا لم يصدق المتظاهرين و هتافاتهم فهم بحاجة الى وقت لأن يشفوا من هذا الوهم … خاصة ان أغلبنا-نحن معشر المندسين- لا تتجاوز اعمارنا ال35 و قد رضعنا ما سبق مع حليب امهاتنا و رأينا الخذلان بعيون أبائنا الذين تركوا لنا هذا الارث الثقيل على ظهورنا و هم يحنون رأسهم خجلا عندما يعلمونا خوفا علينا بأن نسكت ولا نتكلم بالسياسة و حسرة على زمن جميل عاشوه وحرمنا نحن منه
أصدقائي ضعوا يدكم بيدي و لنقف مع الحراك الشعبي لشباب سوريا , دعونا نعيد للمصطلحات معناها الحقيقي , دعونا نقدم لأبنائنا سوريا حرة من اي احتلال داخلي او خارجي
ولنعش نحن الزمن الجميل و نعلم ابنائنا غير ما تعلمنا و نخبرهم قصتنا و نضالنا
فنحن الآن نكتب التاريخ لا نقرأه
.
3 تعليقات
كلام جميل
أشكركم على هذا الموقع الرائع
وهذه المقالات الموجهة من قلب السوري الحر
تموا يقولولنا لا تحكوا بالسياسة لا تحكوا بالسياسة لحتى قرفنا حالنا قرفنا عيشتنا وقرفنا أبو اللي خلق السياسة مشان هالعصابة تتحكم فينا وبحياتنا، بدنا نلعن أبو اللي عمل السياسة والدين والقومية لعبة بين إيديه وهو ما بيمثل حتى حاله لأن المجرم بعمرو ما بيساند مجرم من قلب ورب ولكن بس للمصلحة الفاسدة…
كلام جميل في الصميم!