سأسرد لكم القصة منذ بدايتها.
مناوشات هنا وهناك أمام سفارات “شقيقة” هتافات كانت لنا نرددها ﻷخوتنا. ثم كان الصدفة وإشتعال النخوة في أحد الأسواق. بعدها بقليل تجمع الأحرار في مكانٍ يُسمح بالتجمع فيه، وكان الجامع. ما لبث أن استنشق بعض الأطفال رائحة الحرية فكتبوا على الحائط بضع كلام. وفي البدء كان الكلمة. وكان الدم. فانتفض الأبطال.
كبرت كرة الثلج وتدحرجت لتُسقط آخر أوراق التوت التي كنّا نستر بها عوراتنا، وظهر الصالح وظهر الطالح، ولم تسعف كؤوس الخمر مثقفيها، كانت الثورة تنبع من الشارع وإلى الشارع، من أراد اللحاق بها فهي له.
وعندما يقال هي ثورة شارع فلا يقصد أن ينقص المرء من شأنها، بل على العكس تماماً، فهي ليست ثورة نخب، ولا ثورة فئوية، لقد كانت للشعب، فلم تنبى على نظريات مفكرين، ولم يمهد لها عن طريق أفلام أو أغنيات. لقد صنع الشعب معجزته، فأخرج الأفلام وغنى أغنياته عندما تخاذل المغنون. نعم، لقد صنع معجزته، الشارع صنع معجزته، كيف لا، وهو بلد الثورات كما كان يقال عنه قبل تسلم هذه العصابة المستبدة التي حكتمته حوالي نصف قرن، أعادته إلى الوراء سنوات كثيرة جداً.
صنع الشعب معجزة بثورته على هكذا نظام متجبر ظالم طاغٍ، وصنع معجزة أخرى بتفوقه على الكثير من الشعوب، فها نحن نعلم الثوار في بلدان أخرى كيف يحافظوا على ثوراتهم وكيف يقتدون بنا وبسلميتنا، وها نحن ذا نسبق دول كثيرة بقدرتنا على استخدام التكنولوجيا رغم تأخر وصولها إلينا نسبياً.
أقولها بحق ودون مجاملات: الثورة السورية معجزة القرن.
—————————
بقلم: دلير يوسف