سأسميه السوري، وسأروي حكايته، وأعذروني على كل الألم الذي سأسببه لكم… لكنها حالة من وطن في بعض زواياها، لكن ليست في سوريا يحدث مثل هذا ولن أناقش مع من يقول هي صورة فردية وليست عامة، هي لاتمثل كامل الوطن، هي في وضع استثنائي، أتراه استثنائي كما اليوم ! يا تقرأ التاريخ والأحداث من ثقب أبرة ! أبرتك ومصالحك فقط !
صديقي السوري : رجل مبتسم دوماً هادئ متزن بعقلية فريدة، لكنه أيضاً متزمت برأيه لا يقبل النقاش حاد المزاج،هو الأخ الوحيد لأختين تكبرانه، لعلاقته مع أمه دلائل، ولطبعه الحاد مرجعية متعلقة بطبيعة والدته في التعامل معه، التي كانت تكاد تخفيه عن الشمس من حرصها عليه، لكنه خرج بعد تلك التربية حاد الطبع لعدم تقبله الحرص الشديد من أمه، لكنه طيب حمل من أختيه طباع الفتاتين وحنانهم وخوفهم الدائم على الأسرة و الإنشغال بكل شيء متعلق بالأسرة، وحمل من أمه ردة الفعل العنيفة على الخوف الزائد فخرج كما هو…
لكن ليس هذا هو… صديقي حياته هي أثنتي عشر يوماً لا غير !
تختزل كل ما فيه من عمر فات وما هو قادم… صديقي يبتسم ولا تفارقه البسمة، لكنه مطعون، صديقي يحمل ما يكفي لكل من في الحياة ألماً وحزناً…
أثنتي عشر يوم حياة إنسان يقارب الأربعين…
في إحدى الملاجئ المنزلية، في إحدى أحياء حماة في فترة الأحداث المشهورة، كان مختبئ مع أختيه وأمه، وأبيه ( الجريح ) بطلق ناري…
حكاية عمر لم يعشها بعد في تلك الأيام الأثنتي عشر، كل يوم وعلى مدار الأربع وعشرين ساعة تتكرر صورة والده أمام عينيه، أي طريقة سيجدها تنقذ والده، من أي نفق قد يخلق يستطيع الوصول إلى ما يمكن انقاذ أبيه، صورة الألم في كيان أختيه وأمه، وفي عقل وملامح طفل بعد لا يقوى على أن يتحدى القدر…
رحل الأب الجريح بعد اثنتي عشر يوماً بل اثنتي عشر عمراً… مرت عليهم دهراً… تركت ابتسامة الحياة… لكن مع كل هذا الجرح، هذه الصورة هناك في سوريا …. وتقول لي أفغانستان !
بعد تلك الايام القليلة انتهت مأساة الأمل !
أي قدر يجعل الأمل في لحظة عيشها مأساة؟ أي قدر يجعل من الموت بطئياً أثنتي عشر يوماً؟ وأي حياة كانت بهذه السرعة، لتصبح اثنتي عشر يوماً؟
يا غدي فرنسيس… كنتِ يومها طفلة أو ربما لم تخلقي… كنتِ بعد لم تتعلمي التمنطق على الحق…
ربما صدق كلامك يومها… أنها كانت في قندهار… في الصور الشبيهة بهذه وليست بروايات التاريخ المسيسة…
كنت أملك الكلام الكثير لاتحدث عن هذه المأساة لكني نسيت…
وتذكرت شيئاً واحداً، أنها من سوريا هذه الحكاية وأنا من سوريا……
أنها:
في الثمانينيات من القرن الماضي… في عصر ليس ببعيد… وليس في أفغانستان… كان ضمير التاريخ ينتهك… واليوم ضمير التاريخ في مأزق ما بعد الأنتهاك…
————————–
Adnan A A
تعليق واحد
للآن لم أستطع أن أترجم ألمي إلى كلمات… كلما حاولت أتعثر بحروفي فأجدها سطحية سخيفة
لكنك فعلت وأستطعت أن تصور لنا بعضا من هذا الألم العصي على الكتابة