رح جرب أنقلكن تفاصيل يوم من حياتي و بيشبه حياة كتير شباب هون.
أنا طالب جامعي من مدينة حمص بدرس بجامعتها … بس هلأ الدراسة سيئة شوي لأني مطلوب و حياة المطلوب كلها مغامرات ..
مبارح مثلا قالوا الناس إنو في حملة مداهمة جديدة فا رحت لعند رفيقي من بكير (طبعا هو كتير أمتعض لأنو مل مني) بس رحت بكل الأحوال .
شربنا قهوة الصباح على أنغام الأخبار حتى نعرف شو صاير و إذا فعلا في مداهمة أو لأ . و حتى نشوف مين نقص من رفقاتنا من مبارح لليوم .فجأة رن التلفون (نتبهو على فجأة .. عم جرب فوتكن بالجو) كان شب بنعرفو بدو ياخد مساعدات لضيعة قريبة من حمص أسمها الحولة ..رحنا معو مشان نساعدو .. طبعا عم تفكرو شو هل المساعدات …… شوية ربطات خبز و شوية بطانيات و شوية معلبات . و طنجرة فاصولية .. تبرعت فيها وحدة ختيارة ما عرفنا ليش. بس ما حبينا نخجلها .
وصلنا عالحولة عن طريق زراعي و فتنا لجوا .. الوضع عادي … لسا في ناس عايشين و عم يضحكوا .. ناقصن شوية شغلات بس مافي مشكلة عم يدبرو حالن (الشوية شغلات هني كهربا .. مي .. إتصالات .. غاز .. مازوت …بس ) وصلنا الأغراض و أستضافنا رجال كبير و عزمنا على كاسة شاي عالحطب .. بجوز أطيب كاسة شاي بشربها بحياتي و علمني كيف بلفو دخان عربي .
رجعنا على حمص قبل ما تعتم العين (قبل أن يحل الظلام يعني) بس عالطريق أكتشفنا أنها علقت و مستحيل نرجع عايشين فا رجعنا على الحولة ما بدي طول عليكن و فوت بكتير تفاصيل الخلاصة صار تاني يوم .. فقنا بالصباح الباكر على صياح الديك !! حلفوا بدن يخلونا عندن !! و رغم إنو هني ما ملاقيين ياكلوا بس كتير أصروا أنو لازم نبقى و نتغدى عندن .. الخلاصة ما خرج نبقى لأنو أهلي بجوز يفرموني إذا ما رجعت .. وصلنا على حمص بأمان ..
نزلت على الجامعة لأنو كنت متفق مع البنت الي بحبها أنو نلتقى بالجامعة ..
قعدت بالكافتيريا حتى أستناها و طلبت كأس من ال 3 ب 1 و أترعلي ياه لأنو انا من الطلاب القدامى ..
و قعدت أحتسي الل 3 ب 1 (نشالله بيتكسرو أيديه لأنو ما بينشرب ).
كانت أعمدة الدخان عم تتصاعد من سيكارتي و من بابا عمرو…..
و الشب الي بيشتغل بالكافتيريا مندس بس بالسر . و كان حاطط فيروز و حاطط بين الأغاني غنية جاي الحرية ..
أنا كنت حاسس بسعادة كبيرة من دون ما أعرف ليش .. مع إنو بابا عمرو كانت عم تنقصف بنفس اللحظة و مبنى كليتي قريب منها يعني الإنفجارات جنبي ..
بس كنت كتير مبسوط .. رح شوف البنت الي بحبا … بعدين تذكرت شغلة ..
أنا و هل البنت تركنا .. و ما عادت حبيبتي .. بس جاي حتى تعطيني خاتم تنك كنت هاديها ياه و أنا ما بعرف ليش ناطر ..
بس كنت مبسوط و ما كنت قدران خبي إبتسامتي .. كان في صبية قاعدة على طاولة قريبي مني .. كمان كانت عم تبتسم …
حسيت حالتها بتشبه حالتي..و إنو لازم سلم عليها .. قلتلها مرحبا . قالت أهلين . قلتلها كيفك .. قالت تمام كيفك إنتي .. قلتلا بجنن … ضحكنا سوا بدون ما نعرف ليش .. و كل مين كمل الي كان عم يعملوا ببساطة ..علي صوت الإنفجارات كتير و أنا فتحت نت من على موبايلي حتى أقرا شو عم يصير ..
قريت أسم وقفت عندو …
بعرفوا ..
بعرفوا منيح..
سكرت النت……….
و فتحت الأسماء على موبايلي رحت لعند نفس الأسم ..
كبست تعديل الأسم.. صار الأسم . الشهيد …… كبست حفظ ..
قلي الموبايل هل أنت متأكد ؟؟ نزلت دمعة تجمدت بالبرد و قلتلوا نعم ..
حطيت الموبايل بجيبتي و قمت مشيت .. لوين ؟؟ ما بعرف بس مشيت ..
و البنت الي بحبها و ناطرها ؟؟ كمان ما بعرف بس ما بظن أنها تجي تحت هالقصف ..
لقيت رجلي عم ياخدوني بإتجاه الحارة لحالن ..
مريت من جنب دوار الرئيس(أبو موزة) كانوا الشباب مبارح قالولي إنو الجيش الحر دمر التمثال … لقيت التمثال موجود ..
رجعت إبتسامتي لحالا .. بس هل المرة بعرف ليش .. ما بدي الجيش الحر يشيلوا ..
بدي ننزلو نحنا بأيدينا ..
وصلت على الحارة .. رحت على الجامع لأنو هلأ رح تطلع جنازة الشهيد .. و لازم شارك ..
شفتو….
قربت منو ..
بستو على خدو و كان خدو دافي رغم كل البرد برا و رغم إنو مافي مازوت …
حملنا التابوت و طلعنا .. عم نهتف من فوق الدموع حتى ما حدا يحس بدموعنا .. هي يالله ما بنركع إلا ل الله ..
سمعنا رصاص من بعيد ..
دم الشهيد .. ما نسيانينوا .. دم الشهيد .. ما نسيانينوا .. دم الشهيد .. ما نسيانينوا ..
يبدو إنو ما صدقوا إنو عنجد مات ..
معن حق . هو ما مات .هو عايش و هني إموات ..
شب وقع قدامي .. ركضت أحملو ما لحقت سبقوني الشباب ..
و نحنا كملنا التشييع للشهيد الأول ..
رجعت على البيت …………..
كانت أمي عم تستناني .. وينك لهلأ ؟؟ كنت بالجنازة .. جنازة مين ؟؟ جنازة الشهيد .. لا حول ولا قوة إلا بالله…..
حطلك تاكل ؟ لأ أمي بدي إرتاح …..
إلي 9 شهور بجرب إرتاح .. ولا مرة قدرت …
بعد شوي نزلت جيب دخان .. أمي قالت .. ما بدك تبطلوا بقا ؟؟ شي يوم رح يقتلك..
بست جبينها و شعلت سيكارة …
الدخان مفيد .. بخبي وجهك أحيانا و إذا حدا سألك ليش عيونك هيك .. بتقلوا من الدخان و بتبتسم ..
رن التلفون .. رفيقي ..
*ألو
*لك وينك يا كلب
*هون … إنتي وينك ..
*جاي لعندك
*ما خرج
*ليش ما بدك تشوفني يا حقير ؟؟
*لأنو بدي شوفك ما خرج
*طيب طيب .. فهمت . وين اليوم السهرة ؟؟
*و الله ما بعرف .. أنا كتير متدايق .
*معناها مالنا غير الخالدية .. بعد ال… بتروق
*طيب بشوفك المسا .
*ماشي سلام
نزلنا المسا … كانت مظاهرة بتجنن كالعادة شباب الخالدية بيضوها .. ما بخلوا هم عالقلب ..
رجعنا تدريجة أنا و رفيقي لأنو مشتهي شم هوا ..
رجع رن التلفون ..
*ألو
* وينك ماما
* عند حسام بالخالدية
* طيب حبيبي لا تجي هلأ جايينا ضيوف .
* … أختن ما عاد يعرفوا يخلصوا مداهمات
* ضب لسانك يا ولد … شو هل الحكي عيب عليك
* أسف ماما .. و الله ما قصدي
* خلص مشي الحال .. بس يروحو بخبرك .
إجا حسام قلي روح مشي نطلع لعندي .. و الله مشتقلك كتير .. ( بدو ياني نام عندو بس بدو يخليها طبيعية مشان ما فكر إنو مشان المداهمات )
قلتلو لا على راسي بدي روح شوف ستي ..
ما حل عن **** حتى وصلني لعند ستي ..
مرحبا تيتي .. كيفك .. أيدك لبوسا ..
شو جابك ولا ؟؟ مانك شايف الوضع كيف ..
و الله يا ستي عنا ضيوف (إذا بقول مداهمات قدامها بجوز تروح فيها )
اي فوت خليك هون بكرة بتروح تأخر الوقت ..
يا ستي برضايي عليك لا تعذب أمك .. سماع كلمتها و شو ما بتقلك قلها حاضر
*حاضر تيتي
عم تتخوت يا حقير ……. أنا بفرجيك .. تعا كول كف ..(طبعا مالها حيل تجي هي)
رحت أكل كف .. ما بعرف ليش ضمتني و صارت تبكي ..
تعشيت عندها .. عشى عشى … مدلل يعني .. من تبع الستات .. ما تبع الأمهات .. شي فخم تماما
*تيتي مانك بردانة ؟؟ شعلك الصوبية ؟؟
*قعود ريح حالك .. مافي برد .. لعمى جيل بسكوت .. الله يرحم أيامنا كنا … و كنا …
و طبعا راحتلها شي ساعتين على قصص .. و نسيت إني بردان ..
بس بعدين إنتبهت إنو متل أغلب سكان حمص .. ما عندها مازوت …..
سكتت .. و نمت و أنا عم أحلم ببكرة .. بكرة يكون أحلى .. ما تتطر ستي تكذب علي و على حالها مشان ندفى…
ما نتطر ننام كل نهار بمكان مشان الضيوف الي بيجو من دون عزيمة ..
ما يوجعنا راسنا إذا وقف صوت الرصاص ربع ساعة و نركض عالشارع حتى نعرف شو في .. و ليش وقف الصوت ..
ما نتطر ننطر نشرة الأخبار حتى نعرف متنا و لا لساتنا عايشين …
شيلو ايدكن عن بلدنا يا كلاب
شيلو ايدكن عن بلدنا …
تركونا نحب و نحلم و ندفى…
تركونا نحب …. حاج تزرعوا حقدكن فينا …
———————–
المصدر