أحمد جلل لجريدة شام – وكل ماسيذكره حقيقة و لايمكن تجاهلها في مختلف المدن السورية وربما أخطر..
كفرنبل.. مدينة اللافتات التي اشتهرت بالنقد اللاذع الذي طال معظم الجهات العربية والعالمية ذات الصلة بقضية الشعب السوري، ولم تكن المعارضة السورية بمنأى عن النقد، ابتداءً من كتائب الجيش الحر، مروراً بالمجلس الوطني وانتهاءً بالائتلاف.
ولكن أليس الخارج هو مرآة الداخل؟ هل يخفى على أحد ان المعارضة في الداخل حالها أكثر تشتتاً من الخارج؟ هل ينكر أحد أن المعارضة في الداخل كانت عاجزة لمدة عامين عن تشكيل أي هيئة ممثلة للشعب السوري، قادرة على قيادة الحراك الثوري على مستوى سوريا؟
وكي نكون منصفين وأصحاب مصداقية، وجب علينا نقد أنفسنا أولاً، وإليكم ما يحصل في مدينتي: كفرنبل..
قد تختلف كفرنبل عن بعض جيرانها من القرى والمدن بأن قيادة الحراك الثوري فيها كانت دائماً مدنية منذ بداية الثورة السورية وحتى الآن، حيث تم انتخاب تنسيقية أو مجلس ثوري ثلاث مرات، كان أولها في الشهر السادس 2011. بالمختصر لم يكن هناك مشاركة فعالة لكتائب الجيش الحر في إدارة كفرنبل، قد تكون هذه ظاهرة إيجابية، ولكن بنفس الوقت لها بعض التأثيرات الجانبية السلبية والمتمثلة بالجدل الدائم وأحيانا الخلاف داخل الوسط الثوري، والذي ظهر جلياً بعد أن حلّت التنسيقية نفسها لأسباب معقدة، وذلك قبل معركة تحرير كفرنبل بشهرٍ تقريباً. وبعد التحرير لم يتم الوصول إلى تشكيل هيئة بديلة، إنما تمّ اللجوء إلى العناصر الناشطة على الارض والمتمثلة في أربعة مكاتب: (المالي-الإغاثي-الإحصاء-الإعلامي) شكلت هذه العناصر ما يسمى: “اتحاد المكاتب العاملة في كفرنبل”، وظل هذا الاتحاد يقوم بإدارة كفرنبل لفترة لا بأس بها، ومنذ ثلاثة أشهر تقريباً، قام رؤساء المكاتب وبعض الشخصيات الثورية المعروفة بمبادرة لتشكيل مجلس محلي بهدف الارتقاء بالتنظيم لكي يتماشى مع المرحلة الحالية، وتم الاتفاق بعد عدة اجتماعات على تشكيل المجلس الذي ضم 15 شخصاً من غير المنخرطين في العمل الثوري (أطباء ومهندسين ومحامين … الخ)، أي أنه مجلس اختصاصيين أو تكنوقراط .
ولكن بعد مرور ثلاثة أشهر، ظهر أن تجربة المجلس التكنوقراطي كانت الأفشل على الإطلاق، حيث أن المجلس اتبع سياسة الروتين والبيروقراطية القاتلة والمعطلة للعمل، وبدلاً من الارتقاء بالتنظيم والانخراط في العمل وتشكيل مكتب خدمات على أقل تقدير، انخرط المجلس في خلافات شخصية جانبية تحولت إلى صراع صلاحيات بينه وبين بعض رؤساء المكاتب، وانعكس الصراع إلى داخل المجلس حيث دبت الخلافات بين أعضائه.
هذا طبيعي، فكيف يمكن لمجموعة أعضاؤها أبعد ما يكونون عن الفكر الثوري أن تقود حراكاً ثورياً عمره عامان؟!
فقام اتحاد المكاتب بإصدار بيان يعلق فيه العمل مع المجلس ريثما يتم تحديد آلية عمل واضحة بينهما، مما دفع بعض أعضاء المجلس إلى نشر الإشاعات وتخوين بعض أعضاء المكاتب بهدف الضغط، وما زاد الطين بلة هو محاولة أحد التيارات المعروفة في الثورة السورية استقطاب بعض أعضاء المجلس بهدف السيطرة وتسييس المجلس لحزبها.
وهنا كان الفصل، حيث اجتمع رؤساء وأعضاء المكاتب مع الوجوه الثورية المعروفة (الجهة المشكلة للمجلس) وقاموا بالتوقيع على بيان حلّ المجلس نهائياً. وهذا ولّد ردة فعل عند بعض أعضاء المجلس المنحل، فلم يعترفوا بحل المجلس وقام أحدهم (المسؤول الاعلامي في المجلس) بنشر بيان مشين يشهّر فيه بأحد رؤساء المكاتب، ويتهم كل الموقعين على بيان حل المجلس بأنهم شبيحة ومرتزقة! طبعاً دون علم بقية أعضاء المجلس الذين تبرؤوا لاحقاً من المنشور بحجة أن الصفحة تعرضت للقرصنة.
وفي يوم الجمعة 22-3-2013 الذي تم فيه تشييع الشهيد المجاهد مخلص سعيد الحمود، استغلّ بعض أعضاء المجلس المنحل بمساعدة بعض المتضامنين معهم المظاهرة، وقاموا برفع لافتات كتب عليها: “المجلس المحلي يمثلني”، علماً بأن الشهيد البطل كان أحد الموقعين على بيان حل المجلس!
وفي يوم الأربعاء الماضي، قام مجهول بحرق أحد غرف المستوصف، وهي مكان اجتماع المجلس بعد حلّه، وهذا ما أحدث بلبلة كبيرة وتبادل للاتهامات في كفرنبل وعلى صفحات الانترنت، حيث اتهم أعضاء المجلس المنحل الوسط الثوري بالقيام بهذا العمل، في حين اتهم الوسط الثوري بعض أعضاء المجلس المنحل بذلك (الهدف هو دب الفتنة وكسب تعاطف الأهالي مع المجلس).
ولم يعرف الفاعل حتى الآن…
وبسبب هذا الجو المشحون قرر المكتب الاعلامي في كفرنبل ولأول مرة منذ بداية الثورة، عدم كتابة لافتات أو المشاركة في مظاهرة الجمعة 29-3-2013، وذلك من أجل تجنب الشجار والاقتتال ضمن المظاهرة.
منذ بداية الثورة وحتى الآن كانت مظاهرة كفرنبل بمنأى عن الخلافات الداخلية رغم كثرتها، وحافظت دائما على هدفها الأساسي وهو إسقاط النظام، وشكلت دائما صورة مشرقة لمدينتنا الصغيرة أمام العالم كله.
ما هو عذر من يحاول استغلال المظاهرة وتسييسها وتحجيمها في مطالب وخلافات ضيقة؟ ما هو عذر من يحاول إفساد واجهة وصورة مدينته أمام العالم؟ إن افترضت حسن النية لن أجد عذراً غير قصر النظر والغباء!
لقد تمكن هؤلاء المتسلقون من فعل ما عجز عنه نظام الأسد لمدة عامين. قال تعالى: “والفتنةُ أشدُّ من القتلِ”