RaNa
————————-
كلما طال الليل أبتسم
عند انقطاع التيار الكهربائي…أبتسم
حين أفتح الصنبور فلا أجد ماءً أبتسم
عندما أعطيك هويتي على الحاجز أبتسم
كلما فتحتم حقيبتي للتفتيش أبتسم
كذلك رؤية طوابير العامة بانتظار الرغيف تجعلني أبتسم
أُناسٌ كُثر يقفون في رتلٍ طويــــــــــــل ابتغاء الديزل يدفعني لأبتسم
سيارات الجيش التي بقيت على حالها ولكن كتب عليها قوات حفظ النظام ..أيضا تجعلني أبتسم
رجال الأمن معنا في كل مكان في الأروقة والأزقة والطرقات وحتى على مقاعد الدرسة.. أمرٌ يستدعي ابتسامتي
حين أُحس بأحدهم يتتبع خطواتي ويراقب حركاتي وسكناتي.. أبتسم
عندما رأيته على الأرض مضرجاً بدماءه الدافئة ابتسمت
عندما أسمع عن الثلاثين والأربعين شهيد يوميا في بلدي.. أبتسم
كلما اعتقلوا أحدهم ..أبتسم ..وأكرر ابتسامتي وأنا أحذفه من قائمة أصدقائي على الفيس بوك
كلما رأيت دمعةً أبتسم
مشاهد التعذيب والإهانة… وضع اللاجئين… استكبار المستبدين… ظلمٌ في شتى الأرجاء… وأنا أبتسم
ممارساتكم… ظلمكم…تصرفاتكم… كذبكم… ذلكم… استبدادكم… ضعفكم… كل ذلك عندكم… يجعلني وكل الثوار نبتسم
تنتزعون الحناجر تقطعون الأصابع تفقأون المقل… فنبتسم
نبتسم ابتسامة حب وأمل وسعادة ورضا
نبتسم لأنكم لا ولم ولن تقتلو فينا الحُلم
أرى الشهيد لفظ آخر أنفاسه وسكن وبقيت عيناه الحالمتان مفتوحتان تروم النجوم تعانق السحاب… فأبتسم
تأسرون الشبان… تقيدون أجسادهم تسلبون حريتهم وتعجزون عن منع عقلولهم من التحليق…فأبتسم
يبقى المفكر في أقبية فروعكم ما شاء الله له أن يبقى لايرى نور الشمس بعينيه ولكنه لا يغيب عن قلبه البتة
لا يتجاوز حدود زنزانته ولكن فكره لا يدخلها أصلاً وهو يجوب أصقاع الكون بحثاً عن عوالم جديدة يرضاها لنفسه وبلده.. فيبتسم تحت التعذيب .. وأبتسم
حين تسجنون الجسم وتقفون مكتوفي الأيدي امام الأرواح .. نبتسم
لا…لن تقتلوا فينا الحلم
لا لن تسلبوا منا الأمل
في كل قطرة دم تراق نرى ربيعا يزهر
في كل صرخة ألم نسمع صوت الحق يجلجل
في كل رعشة هلعٍ نجد سكينة وطمأنينة
على خد كل طفلٍ نجد دمعة همة لبناء بلدنا الذي نرجوا
في كل موقف ذلّ… نرى شرارة انتفاضة وشعلة ثورة
في كل خطأ ترتكبونه وكل انتهاكٍ وكل تجاوزٍ نحس بقرب نهايتكم
في أعيننا بريق تزيده الغازات المسيلة للدموع… تزينه الثقة… يجمّله الألم… ويوقده الرصاص رصاصكم الذي لم يقتل فينا إلا الخوف والجبن
معتقلاتكم لم تسجن منا إلا الخنوع والاستكانة
حواجزكم لم توقف إلا زحف اليأس إلينا
جنودكم ماعدات لترهب منا حتى الأطفال
نمّيتم مارداً ثائراً في قلب كلٍ منا… مارداً لايفنى حتى بفناءنا… مارداً من نور لا يخترقه الرصاص
مقاتلا صنديدا يسكن في صدورنا يلهبها حبا ويملؤها يقينا
خذوا ماشئتم من دمنا…وارحلو
خذوا بعدد ما تملكون من رصاصٍ شهداء وانصرفو
اسكروا بدمائنا واشربوا منها ما يطيب لكم… ثم اجمعوا شتاتكم وارحلو
ولكن لاتتعبوا أنفسكم
مهما بذلتم من جهد لن تنتزعوا الحلم من مقلنا…لن تُطْفُوا بريق أعيننا… لن تخمدوا لهيب صدورنا
لن تقتلو مارد الحرية الذي انبعث في قلوبنا
لا… ولم ولن تقتلو فينا الحلم
وسنبقى نبتسم