30/8/2011 (أول أيام العيد- دمشق- الزاهرة)
وصلت… لم أسمع أي صوت فاعتقدت أنني وصلت متأخرة، لكنني لمحت فتاتين تتلفتان حولهما وتبحثان عن أي شخص، أي صوت، فعرفت أنني وصلت في الوقت المناسب… ماهي إلا ثوان حتى انطلقت الشرارة: الله أكبر، وبدأ هدير الهتافات… خرج الشهيد ملفوفاً بكفنه ومحمولاً على عشرات الأيدي التي كانت تتسابق لترفعه, والأصوات كانت تعلو لتخترق السماء… أحسست بالخجل للحظات إلا أنني ما لبثت أن وجدت نفسي وسط الحشد… لم أكن أعرف أحداً، لكن حدثاً من هذا النوع يجعلك تحس وكأنك تعرف كل من هم حولك منذ زمن غابر… علا صوتي بالهتاف، يداي ارتفعتا وانضمتا لآلاف الأيادي وهي تصفق…
جبنا الشوارع… هتفنا للشهيد الذي لا يعرفه معظمنا… اختنقنا بالدموع والأسى… وفجأة وسط الهتاف علا صوت الرصاص من الجهة المقابلة… كان صوتاً جافاً… صوتاً جافاً في مواجهة أصواتنا المليئة بالحزن والغضب… حاولنا ألا نخاف، ألا نفترق… كنت أحس بالذهول، كأنني لست أنا من يتواجد في هذا المكان، كأنني أتفرج على المشهد في التلفاز… لم أتحرك، لم ألتفت، لكنني عندما لمحت القنابل، والدخان، وعناصر الأمن من بعيد يلقمون أسلحتهم كي يطلقوا النار من جديد، عندها خرجت من ذهولي… ركضنا… تفرقنا… عدنا وتجمعنا… هتفنا… “الله أكبر”… “الموت ولا المذلة”… كنا عشر فتيات وكان شارعاً قاسياً كبيراً… وعندما غلبنا اليأس تفرقنا, وعاد كل منا إلى خيباته…
لن أنسى يوماً كم كان جافاً صوت الرصاص، وكم كانت وجوهكم قاسية، بدون ملامح، وأنتم تنظرون إلينا، ولا ترون فينا إلا عدواً لكم، ولهذه الأرض…
——————-
فتاة دمشقية
تعليق واحد
يا كل الاخوات يا كل الامهات ما اجمل وطنا انت فيه ما اروع وطننا انت من ابنائه وما اقبح ذكرا يدعي انه رجل يوجه سلاحه ضد شخص لا يعرف الا انه يطلب حريته يركل شخصا لا يستطيع الدفاع عن نفسه يرقص فوق اجساد لا تبدي اي رد فعل رائحتها بعد ان تتفسخ اطيب من عطره ليلة زفاف ابيه .