رُدين عيسى
مع أني لا أملك الكلمات لوصف مذيعة قناة الدنيا على ما قدّمته يداها في تغطية مجزرة داريا، إلا أنّي أتمنى ألّا يصبّ السوريون جام غضبهم الناجم عن هذه الجريمة النكراء وعن الفعلة السوداء لقناة الدنيا على شخص واحد مهما بلغت صفاقته.
هناك ما يُسمّى بمؤسسة تقف خلف هذه الفعلة وهذا الانعدام الأخلاقي والانحطاط الإنساني. فإن كان للسوريين أن يصبّوا غضبهم على أحد، أو أرادوا أن ينتقلوا من فئة المثرثرين والناقمين المتسلحين بألسنتهم وكلماتهم الجوفاء المنتشرة افتراضياً، فأنا أدعوهم لمقاطعة قناة الدنيا مقاطعة كاملة عوضاً عن الإبداع في خط السطور الناقدة ورسم الكاريكاتورات اللاذعة بحق هذه المرأة. فقد غصّت صفحاتنا الإفتراضية بشتّى العبارات والرسومات بحق المذيعة حتى ظننت جذر المشكلة فيها وحدها. وذلك ما دفع بمجموعات أخرى من السوريين، وإن قلّوا، للشروع بتنظيم الحملات المدافعة عن شخصها فزادت الفرقة بيننا بدل أن نجعل من هكذا جريمة بحق الإنسانية كلها تعود لتجمعنا على طريق نصنعه بأيادٍ سورية للخروج من هذه الأزمة.
أدعو العاملين في هذه القناة ممن يحملون بقيّة من الإنسانية في أرواحهم الجوفاء أن يتقدموا باستقالاتهم. أدعوا المنتجين والمخرجين والممثلين أن يرفضوا التعامل مع هذه المحطة. أدعوا رجال ونساء الفن والفكر والثقافة والسياسة والتعليم أن يرفضوا الظهور على شاشاتها العفنة لإجراء المقابلات وبرامج الحوار المونولوجية. وأهم من كل ذلك، أدعوا التجار ورجال الأعمال أن يتوقفوا عن إبرام الصفقات الفاوستية وأن يتحفونا بالإعلان عن منتجاتهم الثقيلة من خلال وسائل أخرى إن كان من حاجة.
رجاءً، توقفوا عن شخصنة كل شيء في حياتنا.. توقفوا عن اللجوء إلى الذم والقدح من غير طائل.. توقفوا عن إراحة ضمائركم من أحمالها الثقيلة بالثرثرة.. ودعونا نبدأ صفحة جديدة من التعامل مع مشاكلنا وأزماتنا بشكل بنّاء وبخطط مدروسة وأدوات مشروعة.