سعى النظام السوري منذ عام 1970 جاهداً لتدمير البنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية للمجتمع السوري وإعادة صياغتها وفق نظام أمني قائم على ثقافة الخوف، وعلى إلهاء المواطن السوري في البحث اليومي المستمر للحصول على لقمة العيش بعد سحق الطبقة الوسطى التي تحولت إلى الطبقة الفقيرة بعد أن عوّمت شرائح الخريجون من خلال سياسات “الاستيعاب بالجامعات” وإيفاد الأعداد الكبيرة من زبانيته للدراسات العليا إلى “الدول الاشتراكية” ليحلو بدلاً من الأكادميين و الخبرات في الجامعات و الوزارات في المراحل السابقة.
بنفس الوقت أقام تحالف مع مجموعة من رجال الدين وعلاقة مصلحة مع طبقة الرأسمالية الطفيلية التي ظهرت في هذه المرحلة، والتفت حول النظام مجموعات مجموعات لتتمكن من البقاء والحياة “من كافة قطاعات المجتمع”، هذه المجموعة من رجال الدين والرأسماليين والمثقفين والفنانين، تمركزت بجانب السلطة بدمشق لأن حافظ الأسد “قليل الأسفار” لأسباب صحية وأمنية .
نعود إلى مدينة حلب العاصمة التجارية لسوريا، كانت تعيش على هامش النظام من تجارة وصناعة ورجال دين لذلك عند أحداث 1980 انخرطت المدينة مع أخواتها المدن الأخرى للاعتراض على النظام من خلال نقاباتها وتجارها ورجال الدين، وأخذت نصيبها من الإجرام الأسدي الشيء الكثير…
وبعد تلك الأحداث، أعاد النظام صياغة العلاقة مع تحالف رجال الدين مع التجار في حلب، واستقطب رموزاً قربها إليه إلى جانب من معه بدمشق وأثمرت هذه العلاقة إلى نهب مدخرات المواطنين في حلب وأطرافها من قبل “جماعة مشغلي الأموال” تحت رعاية النظام.
ولما وصل الوريث إلى السلطة ومنذ اعداده للوراثة فتح قنوات اتصال مع حلب من خلال رجال الدين والتجار والصناعيين ورجال العشائر، وطفت هذه العلاقة على السطح عندما استلم السلطة، فأخل بالعلاقة المتوازنة بين تحالف رجال دين وتجار دمشق، وبين تحالف رجال دين وتجار حلب الذي أقامه حافظ الأسد لمدة أربعين عام.
فانحاز إلى تحالف حلب وعين مفتي الجمهورية لأول مرة من حلب وأساء إلى ميراث المفتي السابق بالانتقام من أبناءه وطلابه.
إن هذا التحالف والزواج المصلحي بين رجال الدين والتجار ورؤساء العشائر مع النظام وأجهزته، يقوم بكل ما أوتي من قوة بقمع أي تحرك شعبي ضد النظام في حلب.
لكن إلى متى يستمر هذا التحالف؟
نرى أنه عندما تضرب مصالح هذا التحالف المادية بشكل ما… “نتيجة عقوبات اقتصادية خارجية أو ازدياد ضعف النظام”
حينها سوف تثور حلب ويزال العجب…
وإنها لثورة حتى النصر بإذن الله…
———————-
عمر أبو دياب