لثورتنا معنى آخر أراه في إعادة تقييم الأنثى في ثقافتنا العربية. ليست الأنثى هنا بالمعنى الدارج لتلك الكلمة أي تلك الفاتنة، المثيرة، والغاوية… إنها رفض لمركزية العقل الفحولي التي يعاني منها مجتمعنا، المسؤولة عن إخضاع المرأة والرجل معاً، بل ولقهر كل حياتنا الثقافية والاجتماعية والسياسية. هذه المركزية أدت إلى سلسلة من الأفكار التدميرية، والعقلية العنيفة، والاستبداد، والحروب…
فبنية المجتمع السوري خير مثال على هذه المركزية، من حيث قيامه على سلطة هرمية استبدادية تسلطية ذات وجه فحولي، يترأسها فحل بلغ مرتبة الإلهي. هذه الثقافة الفحولية صبغت كافة قوانيننا وممارساتنا، وتفشت العلاقة الواحدة الوحيدة في مجتمعنا؛ علاقة الحاكم والمحكوم، الرأس والأعضاء، الأقوى والأضعف، والقاهر والمقهور.
وحتى نساءنا صاحبات المراكز السياسية المرموقة يندرجن ضمن هذا الهرم الاستبدادي حيث غلبت عليهن الفحولة، وغابت عنهن الأنوثة. وطغى الأنيموس على الأنيما. ليس ذلك فحسب بل تحولن إلى فحول مشوهة لأنهن في صورة نساء!
بكلمة أخرى، ثورتنا تعني التخلص من كل الفحول السياسية التي تحكمنا، بدءاً من نائبة الرئيس إلى نائبة في مجلس الشعب. بل وتحتاج إلى ثورة لاستعادة الوجه الأنثوي في الرجل السياسي والمرأة السياسية على حد سواء. وكل مفاهيم الحقوق الإنسانية والمساواة والعدالة الاجتماعية ستظل ناقصةً مشوهةً إذا لم يُأخذ هذا الجانب الأنثوي (الحامل للنماء والعطاء والتوازن والوفاء وتصويب العقل ودفعه إلى ما هو إنساني) بعين الاعتبار جنباً إلى جنب الجانب الذكوري في الإنسان.
وستعود العلاقات بين الجنسين في سوريا الحبيبة إلى طبيعتها الأم في ظل دولة ديمقراطية مدنية، علاقة مواطنة بين أفراد متساويين في الحقوق والواجبات، ليست أبداً علاقة بين سيد (فحل) وعبيد لا جنس لهم. ستعود مع ثورتنا… ومع هذا المعنى الآخر لها…
———————-
Sittalsham Alayoubiya