وأقول لنفسي: ما هذا الذي تفكر به؟ الزمن الآن: عيدٌ. والمكانُ: ترابٌ تحت السماء. فافرح ولا تدع الحزن يعرفُ طريقاً إليك.
أعود إلى نفسي لأرى ما لا يمكن أن يُرى، ما هذا الذي أرى.
الزمن: عيدٌ، مصحوب بزغاريد الأمهات “أمهات الشهيد” لا بفرح الأطفال
المكان: ترابٌ تحت السماء، مضرج بدماء الشهداء، ولا موضعٌ لألعاب الأطفال فوقه، بل هناك دبابات تحتل أماكنها.
وكيف؟ أسأل نفسي، كيف يمكن لمدرعة عسكرية أن تغتصب حق طفلٍ في اللعب؟ أمن العدلِ أن يخرس صوت الرصاص صرخات طفلٍ أراد الفرح في هذا العيد؟ وهل إنصاف أن تجلس قناصة فوق سطح منزلي لتحميني، فتقتلني؟
يصيبني الجنون في هذه الأيام، وهذه الأسئلة تلازمني. لا أعرف جواباً لها. وهل من المفترض أن تكون هناك إجابةٌ لكل سؤال؟
أحاول أن ألجأ إلى فراشي ﻷنام، فلا أستطيع، توقظني صرخات الأطفال المناديةُ: لا عيدَ لدينا هنا، لدينا هنا شهيد. أقفز من مكاني ﻷحتمي من هذه الأفكار فأهرب إلى ورقتي ﻷكتب نصاً، يا إلهي، ما هذه الدماء التي تسيل فوق أوراقي؟ من أين أتت؟ أعاين نفسي فلا أرى أثراً لجرح، أرفع رأسي فأرى وجه الشهيد يبتسم لي ويقول: هذه دمائي لن تفارقك حتى تحيا من جديد. أخاف أخرج من غرفتي متجهاً إلى الشارع، أركض فأراه يلاحقني لا أستطيع الفرار. أقف عند الزاوية البعيدة أراقب، فأرى مظاهرات كثيرة كلهم يشبهون ذاك الوجه الذي رأيته منذ قليل. فأسأل نفسي: هل كلهم شهداء؟
أعود إلى نفسي، فلا أجدها، وأرى نفسي بينهم أمشي مع الشهيد إلى الشهيد.
أرجع إلى غرفتي، أكتب على ورقتي عهداً: لن أخون دم الشهيد، لن أخون دم الشهيد
———————————–
بقلم: دلير يوسف