رشيد سليم محمد
———————–
لم تكن قد مضت ثلاثة أيام على إذاعة المقابلة الصاروخية التي أجراها المذيع “الفتاك” أحمد منصور مع “شيخ الديبلوماسية العربية” الأمير حمد بن جاسم بن جبر في برنامج بلا حدود والتي انهال فيها منصور على الشيخ بعشرات الأسئلة الجريئة والمباشرة، وكان من أهمها سؤاله عن دعم قطر للحركات الإسلامية والسلفية في بلدان الربيع العربي، واكن جواب الأمير بأن قطر تدعم “خيارات الشعوب”، غير أن أحمد منصور والذي لا يمرر شاردة ولا واردة أصر على الأمير في تفسير زيارة خيرت الشاطر إلى الدوحة ومكوثه فيها ثلاثة أيام وفيما إذا كان ذلك له أية مؤشرات، فكان جواب الأمير الديبلوماسي بأن الدوحة منفتحة على الجميع وتستضيف الجميع.
نقول أنه لم تكن قد مضت ثلاثة أيام على تلك المقابلة حتى أعلنت جماعة الإخوان المسلمين في مصر وبشكل “مفاجئ” ترشيح المهندس خيرت الشاطر لمنصب رئاسة الجمهورية! إذاً فالطموح القطري السعودي لا يتوقف عند مجالس الشعب والوزارات، بل يتعداه إلى حكم الدول لكي يضمن هؤلاء أن السلطات الثلاث ستبقى في أيد “أمينة”، ولا عجب أن يكون أول تصريح للمهندس “الشاطر” أن أول وآخر أهدافه هو حكم الشريعة في بلد يعيش فيه اثنا عشر مليون إنسان من ديانة أخرى مختلفة.
لن تكون مشكلتنا بعد اليوم أن نثبت أن صناديق الاقتراع قد جاءت بمن أراده الشعب فعلاً، فالكل يشهد بزاهة الانتخابات المصرية والتونسية، غير انه يبدو أن ما لن يأتي بالسياسة عليه أن يأتي بقوة الذراع على اعتبار الأمر “فرضاً من الله”، وهنا نرى تصاعد التيارات الدينية المسلحة عندما لا تنفع السياسة وتظهر نماذج ليبيا والعراق ومالي ولتنضم إليهم سوريا منذ إعلان اسم أول كتيبة للجيش الحر (كتيبة عمرو بن العاص” ناهيك عن تزايد رفع رايات التكبير في المظاهرات او ما بقي منها سلمياً.
آخر حلقات هذا التجييش الكبير كان إطلاق اسم “من جهز غازياً” على جمعة جديدة من الثورة السورية التي لا تهدأ، وقد حذرنا سابقاً من تعاظم دور اللحى والعمائم في تسيير الثورة، حذرنا كذلك من انفراد وديكتاتورية لجان التنسيق وغيرها ممن يقود الحراك على الأرض، غير أن كل تلك التحذيرات كان يتم تفسيرها على أنها إضعاف للثورة ونيل من وحدتها، وكأننا لا زلنا في محاكم أمن الدولة سيئة الصيت ولكن بصورة محاكم التفتيش الثورية.
يعود نفس الناشطين الذين لم يقبلوا آنذاك أية انتقادات للثورة أو مسارها يعودون اليوم لرشدهم وهاهي تعليقاتهم وتحذيراتهم تعلو على الفيس بوك وغيره منددة بالاسم الجديد لهذه الجمعة، قلنا سابقاً أنه لكي تكون الثورة وطنية فعليها ان تشمل كل أطياف الوطن، أما وانها اختارت “المجاهدين” فأي مسيحي او درزي سيرى لنفسه مكاناً تحت الشمس في سوريا القادمة؟
إن الحماسة غير المسبوقة من قبل قطر والسعودية لتسليح “كافة” السوريين للدفاع عن أنفسهم لم نعهدها فيما سبق إلا في أفغانستان، أما مشاكل الشيشان والبوسنة وفلسطين وجبهة مورو في الفلبين ومصائب الصومال وحرق المصاحف في أفغانستان الحديثة المحررة فهي لا تعني عرب النفط في شيء.
يصرخ اليوم طارق الهاشمي في السعودية وقطر مناديا لنصرة السنة في بلاد الرافدين والشام، بينما يتعالى صياح أحد ضباط الجيش “السوري” الحر مطالباً بنصرة السنة في سوريا، أليس من المشروع بعد ذلك أن نتساءل عن وطنية الثورة؟
إن الربيع العربي الذي ينقلب اليوم سلفياً محضاً يجب أن يعاد تسميته والتفكير في مدلولاته ومستقبله.
قلنا مراراً وتكراراً ان الأزمة أخلاقية وتاريخية، لم تبدأ مع نظام حالي ولن تنتهي معه، فالديكتاتورية المعششة في عقل وضمير كل أب ومدير ورئيس ووزير ومسؤول وغير مسؤول لن تنمحي بين ليلة وضحاها، ولهذا يكون عبئاً على أية ثورة أن توصف بالطوباوية بينما يبتعد منظروها عن واقع الحال ويعمون أبصارهم عن أخطائها سقطاتها.
نأمل أن نظريات الحرية والديمقراطية قد تجعل يوماً ما من ممارسة الرياضة للسيدات “أمراً حلالاً” وان لا تعتبر قيادة السيارة قياساً على ولاية المرأة “غير جائزة”.
تعليقان
هو ربيع اسلامي ان شاء الله ولو كره الكارهون 🙂
تسمية الجمعة صدمت الجميع.
مع ان كل الدلائل كانت تشير بأننا سنصل الى هنا. دافع الناشطون والمثقفون بضراوة ضد كل من حاول لفت النظر للاخطاء. وضحكوا مع الجميع من “خراف النظام وعبيده ” ولم ينتبهوا بأنهم اصبحوا خرافا لنظام آخر قدسوه ثم رفعوه إلهاً لا يجب مسّه ولا يجب تعييره ولا تغييره.
تسمية ازالت كل العباءات التي حاولوا ان يغطوا بها عيوباً اتفقوا على طمسها بدل معالجتها.
تسمية صدمت الجميع سواي.