كم أثر بي سائق التكسي. ذاك الشاب التركي الثلاثيني ابن استانبول، سائق التكسي هذا صحبني في طريقي قاطعا استانبول من غربها إلى أقصى شرقها حيث مطار صبيحه، ومسافة خمس وثمانين كيلومتراً كافية حقيقة للكثير من الحديث.
في طريقنا سألني إنت كنت مسلماً وأجبته.. فكلمني عن فلسطين واليهود وعن حقوق اللاجئين الفلسطينيين في كل مكان… وكان يخشى أن أكون إلى صف إسرائيل. وكلمني أيضاً عن مصر وتونس وثورة الحرية، وحكى لي عن آردوغان ثم صمت هنيهة وسألني من أين أنت؟ فقلت أنا من الشام من دمشق… فنظر في عيني وتغيرت لهجته وانطلق في حديث عن سورية البلد اللصيق ببلاده تركيا وكلمني عن بشار الأسد فقال بالحرف.. ذلك السفاح المجرم قاتل الأطفال… بشار لن يجرؤ على زيارة تركيا وإن أتى والله لنمزقه بأيدينا نحن الأتراك انتقاما لأفعاله الدنيئة في حق جوارنا.. أبناء شقيقتنا الصغرى سورية… هنا تسمرت أنا وصمت لا حول لي ولا كلمة، ولهجته القوية تضرب جدران السيارة.
تابع قوله.. بعد عشرة أيام تقريبا من استشهاد الطفل حمزة الخطيب ودعما لقيام ثورتكم العظيمة في سورية خرجنا نحن الأتراك في أنقرة.. خرجنا بما يزيد عن مليون إنسان ننادي بسقوط الداهية في سورية ونطالب رئيسنا بالتحرك لإنقاذ السوريين الأحرار.. تجمعنا بالحافلات من جميع أرجاء تركيا.. فنحن الذين أخرجنا أسطول الحرية إلى غزة ثم صلينا على شهداء مرمرة التسعة في استانبول… أفجعنا منظر الشهيد الطفل حمزة الخطيب، طفل عذبته أياد غير آدمية لا تعرف الإنسانية… نصركم الله على عدو الله.. نصركم الله على عدو الله.. وكررها وكررها… هنا لم اتمالك نفسي فنزت عني دموعي وخنقتني العبرات تمنعني أن تخرج مني كلمة تتابع الحديث..
ماذا أقول لسائق التكسي؟ ذلك الذي قطع المسافة من استانبول الى أنقرة فقط ليقول في ساحة يملأها مليون انسان.. يسقط الطاغية بشار الأسد.. وبشار ليس حاكماً في تركيا!
فلتسقط الكراهية.. فليسقط الاجرام في كل مكان ولنكن معا أحراراً من كل طغيان يستبد بروح الإنسان
مؤنس بخاري