إعداد: أحمد الزغبي
يشهد المجتمع التدويني السوريّ مؤخراً تراجعاً في نشاطه، وعلى الرغم من هذا الركود، إلا أن بعض التدوينات استطاعت تعويض قلّة التدوينات بزخمها.
أطلت تدوينة «والآن، ماذا سيفعل الإخوان المسلمون؟» من خلال مدوّنة «أمواج إسبانية في فرات الشام» لتستعرض قضيّة «هيئة المبادرة الوطنية السوريّة» التي وُوجهت بالرفض من قبل المجلس الوطني السوري المُهيمَن عليه من قبل تيّار «الإخوان المسلمون»، على حدّ تعبير المدوّن ياسين السويحة الذي نوّه إلى أهمية القوى المعارضة بممارسة دورها السياسي وأحقيتها في اتخاذ مواقف مؤيدة أو رافضة لأي مشروع، لكن دون أن يعني ذلك استثناءها من مجال التأييد أو الرفض والانتقاد.
ويشير ياسين في تدوينته إلى أنه حينما كان رياض سيف ورفاقه في سجون «الممانعة والمقاومة» كان تيار الإخوان المسلمون يمنح النظام السوري شهادات الوطنيّة والممانعة والمقاومة، ويبدي رغبته في الانضمام إلى هذا المشروع، لذا «ﻻ دروس من أحدٍ لأحد حول شيء إذاًَ.. رجاءً».
وفيما يخص رفض «إعلان دمشق»، فقد عبّر أيضاً عن مشروعيّة موقفهم الجذري من المبادرة، وتشريفه (بالنسبة لأنصار الإعلان) إلا أن ذلك لا يعني أن يتم تحويل هذا الرفض إلى خطاب سياسي أوحد، ويتحول بذلك إعلان دمشق إلى نسخة جديدة من هيئة التنسيق: «انتظار فشل ما تعاديه كي تؤكد على أنك كنت تعرف أنه سيفشل وتتباهى بأنك كنت على صواب.. دون تقديم حلّ مضاد، عملي وموضوعي ومبني على عمل سياسي، وليس على تعريف الذات بمعاداة الآخر، خاصّة أن الآخر ليس النظام الاستبدادي في هذه الحالة».
وفي تدوينة أخرى له بعنوان «لافروف العنقودي» يتحدث فيها عن تصريحات لافروف الأخيرة، واتفاقها في المضمون مع «الأسد أو لا أحد، الأسد أو نحرق البلد» بقوله أن الأسد هو «ضامن لأمن الأقليات في سوريا» التي لاتغدو كونها سوى «ابتزاز الأقليات» بمصيرهم، ويضيف ياسين عن التخوّف من «الدولة السنيّة» متسائلاً في الوقت ذاته «ما توصيف لافروف ودولة الكرملين للدولة الحالية»، مشبهاً هذا المنطق بذات مصطلحات «محاربة المجوس والصفويين وقتال النظام النصيري»، ويضيف ياسين «أي ديمقراطية ترجى أصلاً ممن يتحدث عن أقليات وأكثريات دينية وعرقية كتوصيفات سياسية؟».
ويختم تدوينته أخيراً بالإشارة إلى كونها ليست مصادفةً أن تنشر تصريحات لافروف في الوقت التي تم فيه نشر تقرير مصور لهيومن رايتس ووتش حول استخدام جيش النظام للقنابل العنقودية – سوفييتية الصنع – والمحرمة دولياً.
أما مدوّنة «طباشير» فقد كتبت عن الـ «امبريالوفوبيا» تسرد فيها حادثتان تعرّضت لأحدهما في الحافلة بعد أن سألها أحد الركّاب عن رأيها بالأحداث التي تجري في سوريا، هذا الرأي الذي لم يستهوِ الراكب فالتزم الصمت، إلى ماقبل نزوله من الحافلة حين أضاف «أبلغي سلامي لأصدقائك الثوار في سوريا واسأليهم إن عاد بهم الزمن وعلمو بمجريات الثورة السورية حتى هذه اللحظة هل سيعاودون التجربة؟».
هذا السؤال الذي تركها في حيرة، وبدا للمدونة للوهلة الأولى بأنه سؤال استعلائي (منّاعيّ) بأسلوبه التنظيري المتفوق على الثورة بكل من فيها،
الحادثة الثانية كانت عن أحد شخوص «اليسار» الغربي المعبّر عن ذاته عن طريق مناهضة ومصارعة الامبريالية، ويربط نفسه بها بغباءٍ اكتشفته المدونة «بعد أن سمعت موقف معظمهم من الثورة السورية والإيرانية» حيث يقول لها أحدهم في أحد اجتماعاتهم الأسبوعية في الجامعة، أن ما يحصل في هذه البلدان هو مسألة يقررها الشعب، ويجب علينا -كشعبٍ أمريكي- أن نعمل على منع الدول الإمبريالية من التدخل كي لا تدعم إسرائيل وتحول المنطقة بأسرها إلى مستعمرة إسرائيلية.
إلى حدٍ ما كانت تتفق مدونة «طباشير» مع اليساري أعلاه، إلى أن أضاف أن «سوريا، بحكومتها أبدت على مدى سنين قدرتها على الوقوف في وجه اسرائيل، لذا تستخدم الدول الإمبريالية الثورة كحجّة للتمكن من هذه الحكومة».
وعادت إلى حيرتها في كيفيّة مصارعة الإمبريالية، الذين يتسم مصارعوها بحبّهم للسلام ودفاعهم عن الإنسان والإنسانية، وفي الوقت نفسه يبررون القتل والاحتلال الذي يمارسه النظام السوري، لأنه فقط يمنع -برأيهم- القتل والاحتلال في فلسطين.
في سياق آخر كتبت كل من مدوّنة «بلا اسم» و «حديث النور» و «ملتقيات أحمد» عن ثلاثة شهداء، فاستهلت مدونة «ملتقيات أحمد» الحديث عن الطفل الشهيد عبد الرحمن حداد «عبودة» الذي صادف يوم عيد ميلاده 26/10، والذي اختلفت الروايات حول الطريقة التي استشهد بها فبعضهم تحدث إصابته بشظايا قنبلة مسمارية، وآخرون عن إصابته بستة رصاصات، إلا أن الطفل صار شهيداً وهو ابن المعتقل السابق لمدة 10 أعوام في تدمر خلال الأحداث السابقة، وفي أحد المقاطع الكارثية نسمعه يهمس لـ «عبودة» : الله معك يا بابا .. الله معك يا عبد الرحمن. ويختم أحمد بالتذكير : «عبودة، طفل من بين أكثر من 3143 طفل شهيد قتلتهم الآلة العسكرية الأمنية الوحشية لنظام الطاغية بشار الأسد منذ بدء الثورة السورية».
مدونة بلا اسم تابعت الحديث عن كيف يتحوّل الشهداء – لكثرتهم – إلى أرقام، يذكر صديقه الشهيد «ماوكلي» الذي استشهد تحت التعذيب في حماة فقط لأنه «بيحب الحياة ويحب أن يعيش، لكن بسلام وحريّة.. وبالنتيجة يموت هو ويحيا غيره في هذه الحياة التي يحبها».
أما مدونة «حديث النور» فقد كتبت بأسلوبٍ أدبيّ في تدوينة «حكاية حمصية» عن الشهيد الذي لم يمت، عن شاب التقته، لم يتجاوز العشرين ربيعاً، لكنه التجربة صقلته وأفهمته جيداً معنى الثورة والكرامة والوطن، هذا الشاب من حمص الذي استطاع أن يسحب جثة والده، استطاع تحطيم أبواب عدة بيوت مهجورة فقط ليستطيع أن يتصل بأحد كي ينجده، رغم إصابته التي لم تنسه غضبه، أسعف رجلاً مصاباً في وقت كان يحتاج هو للمساعدة، بعد الحادثة غادر حمص إلى داريا، إلى أن قصته لم تنته هناك، نزح، نجا من الاعتقال، ومن الموت بالرصاص والانفجارات، نجا من الموت في داريا، إلا أنه لم يستطع النجاة من تناول الأكلة التي لا يحبها «الباذنجان» أو النجاة من خروجة بالـ «بيجاما» وهو المهتم بأناقته وهندامه.
وتشير المدونة في النهاية إلى أنه ربّما نظن أن الأهوال التي عاشها هذا الشاب تجعلنا سنواجه إنساناً كسيراً محطماً، إلا أن القامة لا تزال منتصبة، البسمة مُشرقة، الكرامة وعزّة النفس لا تخفى.
«بيان عن “توقيف” الصحفي اللبناني فداء عيتاني» و «إطلاق سراحه»
وعلى خلفية توقيف الصحفي اللبناني المستقل فداء عيتاني من قبل لواء عاصفة الشمال، من المقاومة السورية المسلحة في منطقة أعزاز خلال ثاني أيام عيد الأضحى، تفاعل ناشطون على الفيسبوك مع المدوّنات الشخصية بنشر بيان لإطلاق سراحه.
يذكر أنه بعد إطلاق هذا البيان بأيام قليلة تم الإفراج عن فداء.