تابعت المدوّنات السورية في الأيام الماضية أولى نتائج تشكيل الحكومة الجديدة بمجلسيها (الشعب والوزراء) وقانون الإرهاب الذي خلص بنتيجة إلى محاسبة وفصل كلّ موظف يثبت أنه يدعم الإرهاب الذي يراه النظام ولو كان هذا الدعم معنويا.
المدوّن ياسين السويحة في تدوينته الأخيرة “نهج الإصلاح وقطع الأرزاق” يقول في هذا السياق: ليس جديداً في نهج النظام السوري وسلوكه أن يكون قطع الأرزاق وزيادة صعوبة الحصول على لقمة العيش وسيلة للضغط على معارضيه ومحاربتهم وقهرهم.
ويتابع: أقرّ «مجلس شعب» المعارض قدري جميل، والمحلل السياسي والخبير الإعلامي اللامع شريف شحادة، ووزير المصالحة الوطنيّة القبرصيّة علي حيدر،قانوناً يسمح بصرف العامل الذي يثبت عليه “دعم الإرهاب” حتى لو كان “دعماً معنوياً” أو حرمانه من حقوقه التقاعديّة في حال كان متقاعداً. أقرّهذا القانون من قبل “رئاسةجمهوريتهم” بعدها برفقة حزمة أخرى من المواد القانونيّة الإصلاحيّة جداً. سيما وأنّ «الإرهاب» بتعريف السلطة هو مصطلح هُلامي غير معرّف يمكن أن ينفع كتهمة لأيّ مُعارض خارج سقف أقبية المخابرات، أو سقف «وطنهم».
ولنا في لغة الإعلام الفاشي الناطق باسم النظام وتعطّشه الدائم للسحق والتدمير والمسح من الوجود لكلّ ما ﻻ يشبهه دليلاً على ذلك.
وينهي ياسين تدوينته بالقول: جزارو درعا وحمص ودير الزور وادلب ودوما وزملكا وغيرها يصدرون القوانين ضد «الإرهابيين».. لولا شلال الدم لكان الأمر مضحكاً.
فيما كانت مدوّنة “بلا اسم” لهذا الأسبوع بمثابة «رؤوس أقلام» لعديدٍ من المدوّنين، فقد نشرت تدوينة بعنوان “من شان شون ثرنا؟؟” باللغة العاميّة تطرح العديد من التساؤلات التي تصفها بأنها: “هالتدوينة مو هجوم ضد حدا ولا دفاع عن حدا وهي عبارة عن رأي شخصي وشوية تساؤلات”.
ويتابع المدوّن “دلير” بطرح تساؤلاته، تدور مواضيع التدوينة حول الطائفية، وأسباب ظهورها بمسمياتها بشكل كبير مؤخراً، عن الإنفصال الكرديّ وأحقيّة العرب بالأرض، السكوت عن الخطأ، الخوف من النقد، عودة تقديس الرموز بصبغة “ثوريّة”، عن المعارضة التي لم تثبت سوى فشلها حتى اللحظة، وعن الثورة السورية حين تتحول وجبة دسمة لطاولة التجاذبات الدولية المقرفة.
وينهي دلير تدوينته مبرراً كل هذه التساؤلات في ردّه على من سوف يهاجمه بقوله: “أنا بيحقلي أسأل وأعطي رأيي ومشان هيك شاركت بهالثورة مشان أخود حقوقي. ويا باخود كل حقوقي كاملة وإلا فلتكن ثورة حتى الموت”.
في السياق ذاته، مدوّنة طباشير احتلّت محوراً من مجموعة الأسئلة التي طرحتها مدونة بلا اسم، ففي تدوينتها “جميع دكتاتوريات العالم تشرب ُ من نفس الفنجان” تتحدث المدوّنة “شيري الحايك” عن قذارة التجاذب للمسألة السورية دولياً، وتستهل التدوينة: “إن كان َ بإستطاعتي أنّ أعدّ على أصابعي أسوأ ثلاثه أشياء حلّت بالثورة السورية سيكون للدعم السعودي للثورة السورية نصيب في المقدمه”.
وتتابع شيري: “آخر هذه المصائب كانت عنوان بالخطّ العريض على صفحات الغارديان (السعودية تدفع رواتب عناصر الجيش السوري الحرّ) “.
كلام مستفزّ و محتقر ينبع ُ من نفس نظرية النظام السوري الذي يستهزء بكرامة السوريين و حريتهم و يتدعي بأنهم يخرجون للتظاهر مقابل مبلغ ٍ ماديّ.
نفس الخطاب الإستعلائي الذي يستحقر ُ الثورة و مطالبها و يحولها إلى صفقة، و يحوّل طلّاب الحرية إلى كلاب ٍ مسعورة تحرس ُ من يرمي لها بقطعه اللحم أيّا ً كان.
وتنهي المدوّنة مقالتها بقولها: “النظام أم السعودية، غير عارفين أنّ الطريق إلى الحريّة هو قرار و ليس َ صفقة، لكنني مع ذلك أعذرهم، فمن يمارس ُ عادة ً ما يعتقد ُ بأنّ الجميع يمارسها و من يعتقد بأنّ طعم القهوة ألذّ من طعم الكرامه، فلا عتب َ عليه ِ إن أصرّ علينا بأنّ نجرّب قهوته فجميع دكتاتوريات العالم تشرب ُ من نفس الفنجان، و جميع شعوب العالم الثائرة تبصق في ذات الفنجان.”
أما مدونة «رمق عربي» فخصصت تدوينتها للحديث عن «لبننة الثورة السورية»، واستهلت التدوينة بشرحها لمعنى «اللبننة» فتقول :
«المقصود باللبننة أو السيناريو اللبناني هو الحالة التي نرى تراكماتها اليوم في لبنان بلا أدنى شك، والتي انفجرت في 1975 عند قيام اللبنانيين بالاحتراب فيما بينهم بداية حول قضية وطنية، قد يكون الانقسام حولها في ذلك الوقت طائفيا ولكن لم تكن تلك القضية المعْلَنَة على الأقل».
ويسرد في تدوينته تفاصيل الأزمة اللبنانية التي انتهت بعد سفك دماء مئات الآلاف بجلوس جميع أطراف النزاع إلى طاولة واحدة.
ويتابع المدوّن : «لم تكن الثورة السورية قريبة أبدا من السيناريو اللبناني ولا لحظة واحدة طوال الأشهر الأولى للثورة وحتى فترة قريبة، ولكن طبيعة المشرق العربي، كما يذكِّر دوما د. عزمي بشارة، كانت تحمل في طياتها احتمال “اللبننة” وهو ما سعى إليه النظام منذ اليوم الأول ويبدو أننا أصبحنا قريبين منه إن لم نتدارك الأمور».
تشير المدوّنة في جزء منها إلى أنه لا توجد أي نيّة دولية لترجيح كفة الثورة السورية بل على العكس، «هناك تواطؤ واضح لتوفير فرص الحياة للنظام دون السماح له بالحسم تماما»
«ولكنها تهدف في النهاية إلى إضعاف سورية ثم التحكّم بالأطراف السورية جميعها لفرض حلّ ينهي “الفوضى” عندما يحين وقت ذلك دوليّا وإقليميّا. لقد أصبحت الثورة السورية (أو الحرب الأهلية السورية كما يودّ الغرب أن يروّج لها) ورقة تقدَّم في بازارات التوازنات الدولية، تماما كما كان (ولا زال) لبنان».
وينهي المدوّن بالتنويه إلى خطورة «لبننة» الثورة، ليس على الطرف السوري فقط، بل على الربيع العربي بأكمله فيقول: «الدفع باتجاه اللبننة فهذا لن يخدم سوى النظام، والمشكلة بأن الطائفيين والفئويين المحسوبين على الثورة والمتطفلّين عليها من حيث يدرون أو لا يدرون يقدّمون للنظام طوق النجاة. وأكاد أجزم أن انتكاسات الثورة في سورية تنعكس انتكاسات على الربيع العربي بأكمله،»