بقلم ليلى العودات
يقول الصحفي توماس فريمان الذي عمل مراسلاً لجريدة نيويورك تايمز: “عندما وصلت الى حماه بعد شهرين من المذبحة، كانت آثار الدماء لا تزال تلون ضفاف العاصي… رأيت أحياءً كاملة مهدمة المباني، بدت المدينة كأن إعصاراً مرّ بها، ولم يكن هذا الاعصار من عمل الطبيعة”
بدأت الاعمال المسلحة لجماعة الأخوان المسلمين بعد وفاة الشيخ مروان حديد تحت التعذيب على ايدي قوى الأمن السورية، حاز الشيخ مروان على مكانة خاصة في التنظيم وبعد مقتله بدأت الجماعة بتنفيذ تفجيرات وأعمال مسلحة في أماكن متفرقة إلى أن حدثت محاولة اغتيال فاشلة للرئيس السوري حافظ الأسد أمام قصر الضيافة في ٢٦ حزيران ١٩٨٠، وفي فجر اليوم التالي ٢٧ حزيران قاد رفعت الأسد أخو الرئيس حافظ الأسد عملية نفذتها سرايا الدفاع وجنود من الفيلق الأربعين للجيش السوري واللواء ١٣٨ لفرق الأمن توجه منهم ثمانون مجندا الى سجن تدمر العسكري الذي ضم مجموعة من السجناء يعتقد أن معظمهم من الأخوان المسلمين وتم قتلهم في زنزاناتهم وعنابر نومهم، ردا على محاولة الاغتيال الفاشلة، يذكر تقرير منظمة العفو الدولية ان اعداد القتلى تراوح بين ٦٠٠ الى ١٠٠٠ سجين وانه تم دفنهم في مقبرة جماعية خارج السجن.
تلت هذه المذبحة قيام قوى الأمن بأعمال تمشيط دورية للأحياء السكنية في كل من حماه وحمص وحلب وترافقت هذه الأعمال باعدامات ميدانية للمطلوبين، واهانات وتحقير وعنف مع المدنيين.
قبل بضعة اشهر من مذبحة تدمر، اكتشف حافظ الأسد محاولة انقلاب في القوى الجوية وبّين تحقيق المخابرات أن العملية مدبرة من قبل جماعة الأخوان المسلمين، قرر حافظ الأسد أن يقتلع الخطر من جذوره وفي أيلول ١٩٨١ أصدر المجلس الأمني الأعلى قراراً بتعيين رفعت الأسد آمراً عرفيا على منطقة مشق وحماه وحلب واعتبارها منطقة عمليات أولى.
في ٢ شباط ١٩٨٢ توجهت قوات من الجيش الى مدينة حماه وقاموا بحصار حي البارودي وتصدت لهم قوات الأخوان المسلمين المسلحة فأجبروا على التراجع وتحصنت قوات الأخوان على اسطح المنازل وفي فجر اليوم التالي بدؤوا بالتكبير على المنابر وأعلنوا حماه “مدينة محررة” وتوعدوا بتحرير باقي البلاد وبدؤوا بالهجوم وعلى المراكز الحكومية ومراكز الأمن وقاموا بإعدام ممثلي حزب البعث وكل من تعاو معهم وبلغ عدد القتلى ٥٠ على الأقل.
قام ٦٠٠٠ – ٨٠٠٠ جندي من سرايا الدفاع والقوات الخاصة واللواء ٢١ المدرع واللواء ٤٧ المدرع والفرقة الثالثة المصفحة بمحاصرة المدينة و قطع الاتصالات عنها ونقل بعض المراقبين ان الأحياء القديمة ضربت بالقنابل من الجو لتسهيل دخول القوات العسكرية والدبابات كما ذكر تقرير منظمة العفو الدولية شتى انواع الانتهاكات من اعدامات جماعية واعدام بغاز السيانيد وجمع المدنيين في المطار الحربي والملعب البلدي وتركهم بدون طعام أو مأوى.
كما دخلت البلدوزرات الى المدن وهدمت الأحياء السكنية وهدمت البنى التحتية للمدينة…
في يوم ٢٢ شباط أذاعت السلطات السورية رسالة برقية من فرع الحزب في حماه تبين فيها تأييدهم للرئيس حافظ الأسد وتؤكد ان قوات الأمن قد انتقمت من الأخوان المسلمين بسبب ارتكابهم لأعمال القتل التي راح ضحيتها اعضاء حزب البعث وعائلاتهم واشارت الرسالة انهم “أخمدوا انفاسهم الى الأبد”
قدرت منظمة العفو الدولية أعداد القتلى ب ١٠٠٠٠-٢٥٠٠٠ قتيل
لم تحاول السلطات السورية تكذيب هذا العدد ولم ترد على التقرير المرسل من منظمة العفو الدولية ولم تستجب لطلبهم بفتح تحقيق بشأن الانتهاكات بل وتم فتح اتوستراد دمشق حماه بعد اقل من شهرين من المذبحة كي يرى السوريون ويسمعوا ثمن العصيان.
المصادر:
كتاب الأسد: الصراع على الشرق الأوسط للكاتب البريطاني باتريك سيل
كتاب: من بيروت الى القدس للصحفي الأمريكي توماس فريدمان
تقرير منظمة العفو الدولية ١٩٨٣
كتاب حماه مأساة العصر الصادر عن منظمة الأخوان المسلمين
——————————————————————
رابط المقالة الأصلي: (هنا)
تعليق واحد
الآستاذة ليلى المعذرة أعتقد أنك تقصدين الصحفي الببريطاني روبرت فسك كان هو أول صحفي يدخل مدينة حماة بعد الآحداث الدامية فيها وليس توماس فريمان