مانيا الخطيب
—————-
من أكثر الكلمات المنفّرة والمضللة التي تكررت في زمن الثورة هي كلمة “أقليات” … فهذه الكلمة الدميمة، التي بمقدار ما تمتهن المواطنة، بمقدار ما تعزف على نفس الأسطوانة المشروخة للسطلة الفاسدة في سورية ، في تخويف السوريين من بعضهم.
ومع أن الجميع في سوريا قولاً واحداً، عانى من صنوف العذاب ألوان في ظل سلطة لا تمت إلى الانسانية بصلة .. إلا أن لمسلمي سورية لون خاص من الوجع
ففي حماة، مأساة العصر، تجرع أهلها مرارة مضاعفة، أحدها من الجريمة الفظيعة نفسها، والأخرى من تشويه صورتها في عيون باقي السوريين .. ومنهم من اخوتهم المسلمين في باقي المحافظات
مسلمي سورية لا يحتاجون أبداً أن يثبتوا رقيهم وحضاريتهم لأن شواهد التاريخ لا تحصى على الأداء المواطني الرفيع لهم
اليوم وبعد مرور ما يقارب السنة والنصف على الثورة والقمع الدموي الهمجي الذي تعرضت له
وامتهان الكرامة، والعبث بأقدس المقدسات، وانتهاك الأعراض، هذا غير الأساليب التي لم تعرفها البشرية في معاقبة حتى الأموات، والانتقام الأعمى حتى من المحاصيل الزراعية والحيوانات الريفية مصدر رزق الأهالي، إلى عدد لا يحصى من أساليب التنكيل والتعذيب والإجرام التي مارستها سلطة العصابات على الشعب
في هذه المأساة، وفي هذه الفجائع، ليس علينا بتاتاً أن نتوقع من الناس، وممن دفع الثمن منهم، من المسلمين أن يكونوا ملائكة وأن يتحدثوا من وسط جحيمهم كالملائكة
إذا صدرت عبارات متشجنّة، وصدرت ردود فعل تحمل تعابير طائفية (تلك التي ينفخ النظام جاهداً لإشعالها – مستخدماً تحالفاته الطائفية القذرة في المنطقة) وإذا وجدنا من انتهكت مقدساته أمام عينيه يصرخ ألماً عبارات، وربما أفعال ليست من سياق ثورة الحرية والكرامة
هذا لا يعني إطلاقاً، أن هذا يمثل مسلمي سورية، هذه الفكرة خاطئة جملةً وتفصيلاً
إذا كان يعني شيئاً فهو أننا أمام كارثة انسانية جسيمة تتطلب منا العمل والتعاون لترميم جراحها
هل على مسلمي سورية أن يتحولوا إلى أقلية حتى يعجبوا من يخوّف منهم ليس نهار؟
ألا يكفي الفاتورة الدموية الرهيبة التي دفعوها منذ عدة عقود؟.
عدا عن ذلك إذا دخلنا إلى حديث الفكر والأحزاب والإيديولوجيات لوجدنا أن مسلمي سورية فيهم من الليبراليين والعلمانيين أغلبية
وأما الأحزاب الدينية فيكفي أن نذكر هنا الوثيقة التي أصدرها الإخوان المسلمين في سورية والتي تقدم فهم كافٍ ووافٍ لتركيبة الشعب السوري، ويتفوق حتى على الكثير من الأحزاب التي تدعي العلمانية. وإذا تذكرنا الاضطهاد الذي تعرض له الإخوان المسملون في سورية الذي يفوق أي حد، لتوجب علينا أن نراجع أنفسنا أننا جميعاً تعرضنا للتضليل، ولم نتعرف جيداً إلى هذا الجزء من السوريين
سورية وشعبها يخرجون اليوم إلى الحرية، وبقلوبٍ مملوءة بالحب يمكننا أن نعمل كل ما من شأنه أن يسير بنا إلى العدالة والكرامة والانسانية.
تعليق واحد
تنبيه: مسلمي سورية . . بقلم: مانيا الخطيب « مختارات من الثورة السورية