فاجئتنا سوريا الحبيبة منذ اندلاع ثورتها المباركة بمفاجئات عدة ، جعلتنا نقف مشدوهين أمامها ، و جعلت العالم يدرك جيداً من هو الشعب السوري من جهة ، و من هو النظام السوري و حاشيته و زبانيته من جهة أخرى ، و دعونا لا ننسى أيضاً براءات الإختراع التي سجلتها الثورة السورية ، فكانت الثورة السورية بحق حالة خاصة بين الثورات العربية التي اجتاحت كراسي الحكام مؤخراً و زلزلت عروشاً كثيرة .
أكثر المفاجئات التي صعقت العالم في سوريا كانت غباء النظام السوري ، و لا تعني المفاجأة أنّ الناس لم يعتقدوا سابقاً بغباء النظام السوري ، بل المفاجأة بمقدار الغباء ، فغباء النظام السوري بمقدار غباء شخص يأكل ستين كف غدر على خد واحد !!! يعني أقسم بالله أمر لا يطاق ، فأعانكم الله أيها السوريون فقد ابتلاكم الله بأكثر الأنظمة وحشية و أكثرها غباءاً في آن واحد ، و واحد منهم كافٍ ليخرج الملايين إلى الشوارع فما بالكم بالإثنين معاً ، فما بين نظرية المؤامرة و المندسين و الإرهابيين مروراً بإنكار خروج مظاهرات مع مشاهد للتلفزيون السوري في المدن التي يدّعي الثوار أنّ بها مظاهرات ضخمة تظهر سير الحياة بشكل طبيعي و خلو الشوارع من المتظاهرين و شخص يشتري البندورة و قط مشرّد ماشي على جنب الشارع و لا كأنو في إشي ، و ليس انتهاءاً بجرّ الناس بالقوة من الدوائر الحكومية و الشوارع للخروج في مظاهرات لعيون أبو حافظ ، و كأنّ أيّ إنسان في العالم سيأتيه ضابط مخابرات سوري ليقول له اخرج في مظاهرة لعيون دكتور العيون يستطيع الرفض ، فصدقوني الخروج إلى القمر – مواصلات كمان مش مكوك – أهون من قضاء ربع ساعة تحت أيدي محققي المخابرات السورية ، خصوصاً إذا ما تعلق الموضوع بعيون أبو حافظ ، فكلّه إلا أبو حافظ !!!
مفاجأة أخرى هزّت العالم كانت شجاعة الشعب السوري ، و لا تعني المفاجأة أنّ الناس لم يعتقدوا سابقاً بشجاعة الشعب السوري ، بل المفاجأة بمقدار الشجاعة التي صدّرها الشعب السوري إلى الشوارع فاجتاحت المدن و القرى و أرعبت شبيحة أبو حافظ و أجهزته الأمنية ، فالشعب السوري لا يواجه النظام التونسي أو المصري أو اليمني ، فهذه الأنظمة تلاميذ تجلس في الدرج الأخير في إحدى صفوف مدرسة الأجهزة الأمنية السورية ، بل يواجه واحداً من أعتى الأنظمة و أكثرها سادية و وحشية في العالم ، فلكم أنْ تتخيلوا ماذا يعني أنْ تخرج إلى الشارع تهتف بالحرية و بسقوط نظامٍ لا يعرف الرحمة و أنت تعلم تمام العلم أنّ طلقة غادرة قد تجيئك من حيث لا تدري و لكن من حيث يدري قناصة أبو حافظ !!! و إذا لم تأتك تلك الرصاصة و وقعت أسيراً في أيدي عصابات النظام فإنهم سيعذبونك لمدة أشهر بأكثر الوسائل بشاعة و وحشية بحيث يعجز اللسان و القلم عن وصفها ، ثم يرسلوك لوالدتك جثّة مشوهة فتصيح أمّك من بعيد : هذا ولدي ، بعد أن عرفتك بقلبها لا بتضاريسك و ملامحك التي اختفت ، فهذه لعمري شجاعة حان لها أنْ تدرس .
و لأنّ المقام لا يتسع لذكر المفاجئات الأخرى ، دعونا نسرد بعض براءات الإختراع التي فرزتها لنا الثورة السورية كما يلي :
- محو قارة كاملة منْ وراء منبر بضربة معلّم !!!
- إذا أردت أنْ تصبح رئيساً للعالم ، فما عليك سوى الذهاب لمجلس الشعب السوري !!!
- الثورة السورية جهاز كشف واقع ما يسمى بحركات المقاومة في الوطن العربي ، فإذا أردت أنْ تعرف ما حقيقة هذه الحركة من تلك ، فما عليك سوى إمرارها عبر جهاز كشف الولاء للنظام السوري !!! فالمقاومة التي تعلن ولائها لقاتل النساء و الأطفال و الشيوخ و الشباب ، لقاتل حمزة و هاجر الخطيب ، لقاتل تامر الشرعي ، لقاطع عنق ابراهيم قاشوش ، هذه المقاومة حريٌّ بها أنْ تدفن رأسها في الأرض إلى الأبد !!!
و ختاماً أترككم مع هذا الحوار الذي سيبث قريباً على التلفزيزن السوري :
المذيع : اسمك ؟
المتهم : علاء .
المذيع : ليش يا علاء … ليش ؟؟؟
المتهم : ليش ايش سيدي ؟؟؟
المذيع : ليش بتخرب بالبلد يا علاء .
المتهم : و الله يا سيدي أنا ما كنت بدي هيك ، بس هنو لعبو بعقلي و خلوني هيك.
المذيع : مين هنو و لا ؟؟؟
المتهم : الإرهابيين سيدي .
المذيع : أيون … و شو قالولك تعمل ؟؟؟
المتهم : قالولي أوّص على رجال الأمن و أحرء المقرات الحكومية ، و أبلبل في العمد .
المذيع مقاطعاً : شو تبلبل في العمد ؟؟؟
المتهم : قصدي أعمل بلبلة في البلد .
المذيع : أيون … و شو كمان ؟؟؟
المتهم : شو بتحبو سيدي انتو أنا جاهز ؟؟؟
المذيع : ولاك إحنا بدنا الحقيقة و بس ، المهم ، ندمان يا إبني ؟؟؟
المتهم : آه و الله يا سيدي ندمان .
أنا : ما أحلاك يا متهم و إنت مش ندمان !!!
المذيع : شو بتقول للضاليين المضليين ؟؟؟
المتهم : بقولهم بطلوا هالحكي و بدهاش ولدنة إنت وياه و ارجعوا لبيوتكو و حطوا السلاح و سلموا حالكو … و هي الرئيس طلع عفو … و خلينا نعيش كلنا مع بعض في مزرعة الأسد … قصدي في سوريا الأسد … و … و .. و العفو سيدي .
المذيع : شكراً يا ابني .
طبعاً في الحوار السابق ، المذيع ضابط في المخابرات الجوية ، و المتهم اسمه الحقيقي كالابتيكوس أبوتكوس ، و هو مواطن في كوكب زُحل كان في مهمة استكشافية لكوكب الأرض و سخطه الله و حطت كبسولته الزمنية في حوش واحد من شبيحة النظام السوري الذي سلمه بدوره للأجهزة الأمنية ، ثمّ اعترف تحت وطأة التعذيب أنّ اسمه علاء بعد زيارة ربع ساعة للمخابرات الجوية ، و طبعاً تعلم اللغة العربية بعد أوّل تيار كهربائي سرى في جسده !!!
————————
بقلم : محمد غيث