سمعنا الكثير من الحديث عن مخاوف من وصول الإسلاميين إلى الحكم في سورية في حال سقوط النظام، واستخدم كثيراً النموذج المصري مثالاً على ذلك بعد بروز حركة الأخوان المسلمين وبعض الحركات السلفية على الساحة السياسية في الأسابيع الأخيرة، وزاد هذا من مخاوف الكثيرين في سورية من تزايد نفوذ الإسلاميين خصوصاً بوجود وضع حساس طائفياً في سورية وأكثر تعقيداً من مصر بكثير.
قد يقول البعض أن سورية ليست مصر في معرض الدفاع عن الثورة في سورية، ولكن الحقيق بلى، سورية ومصر مرتبطتان ببعضهما سياسياً منذ الأزل، ولا يمكن بشكلٍ من الأشكال فصل النموذج السياسي المصري عن السوري، ولكن كي نترصد الخطر الإسلامي في سورية علينا أن نعلم ما هي المعطيات الصحيحة والتي يجب قراءتها في الواقع المصري اليوم والأمس.
المعطى الأول الذي لا بد من أن نرصده هو دور الدين في المجتمع المصري، حيث صنفت في مصر في أحد الدراسات المستقلة على أنها الشعب الأول عالمياً في الاعتماد على الدين في حياته اليومية، متفوقة بذلك على إيران والسعودية وأفغانستان، كما أن مصر كانت تشهد – رغم وبمساعدة وجود نظام مبارك – احتقانات واشتباكات طائفية ساهمت بشكل أو بأخر بتمسك كل طرفٍ بمعتقده، وبدقة أكثر بانتمائه السوسيولوجي لطائفته، وهذا الوضع لا يمكن أن نجد له مثيلاً في سورية بالحدة الموجودة في مصر، ففي سورية أولاً يوجد عشرات الأقليات غير السنية، والكثير منها غير مسلمة، وبالتالي ستكون معركة الإسلاميين السياسية في البلاد صعبة في مواجهة العديد من غير المسلمين السنة – على افتراض أن السنة هي الطائفة المرشحة لاحتضان الإسلام السياسي في سورية – وكذلك مواجهة الكثير من الشباب العلمانيين الذين زاد تواجدهم في البلاد بشكلٍ ملحوظ في الآونة الأخيرة، ولعبوا دوراً واضحاً في ردع مشروع قانون الأحوال الشخصية، كما سيكون عليهم مواجهة العديد من الأحزاب اليسارية واليمينية ذات التوجه العلماني والتي أيضاً ليست قليلة الدور في المجتمع السوري، كما سيكون عليه مواجهة ملايين السوريين المغتربين في أميركا الشمالية وأوربا وأستراليا، والذين بحكم تواجدهم الطويل هناك ومراقبتهم للأنظمة العلمانية الموجودة لا يمكن أن يصوتوا لنظام سياسي ديني إقصائي.
المعطى الثاني الذي علينا قرائته بحذر وبتمعن هو وجود الأخوان المسلمين في مصر قبل الثورة، فقد كان من المعروف أنه الحزب الأكثر أنصاراً بعد الحزب الوطني الحاكم، والأهم الأكثر تنظيماً وحنكة سياسية تمكنه من الدخول في الانتخابات، وحتى الآن لم نستطع أن نعلم إن كان الإسلام السياسي سينتصر في المعركة الإنتخابية في مصر، ولكن فرض وجود هذا النصر، سنبحث في سورية عمن يملك هذه القوة التنظيمة والحنكة السياسية المؤهلة للفوز في الانتخابات.
من المؤكد أن حركة الأخوان المسلمين ليست ذات النصيب في هذا المجال، فهي مقصاة عن المشهد السياسي والاجتماعي في سورية بشكل تام منذ ما يزيد على الثلاثين عاماً، ولكن في المقابل هناك ثلاثة جهات تملك النفوذ الاجتماعي الذي يملكه أخوان مصر، ويملكون القوة التنظيمية التي يملكونها وعدد الأنصار الكبير، الجهة الأولى هي حزب البعث في حال استمرار وجوده على الساحة السياسية الأمر المرجح جداً، والثانية هي الحزب السوري القومي الاجتماعي، وثالثها هي الأحزاب الشيوعية على تنوعها واتجاهها للتوحد في مواجهة اليمين – حسب توقعاتي – في حال فتحت مجالات اللعبة السياسية في سورية، في مواجهة هذه الأحزاب الثلاثة أعتقد أنه من الصعوبة بمكان أن تدخل أي جهة سياسية أخرى إلى الانتخابات وتمنعهم من الحصول على تواجد تمثيلي مؤثر في القرار، ولحين تمكن الجهات السياسية اليمينية المتطرفة من مجاراة هؤلاء في حجم وجودهم ستكون العملية الديمقراطية قد أخذت مجراها في سورية، الأمر المعروف أنه يؤدي غالباً لمحدودية نفوذ الأحزاب الدينية.
التوقيع: باولو الشامي
6 تعليقات
هل هو سوري الذي يتكلم ؟؟أنا سوري مسلم هل يريد مني هذا الاخ أن أترك له سوريا كي ينجح في الإنتخابات؟هل هو سعيد أنه يتكلم بلسان غير سوري ولا عربي!نقول لك لماذا التشهير بالمسلمين وبخسهم حقهم .ألم ترى ماذا نتج عن حكم الأقلية وهل تريد أن تحكم سوريا من أقليات أخرى حتى تستريح سيادتك أنت والليبراليين؟أقول لك وأنا المسلم-الذي تخاف مني-أريد مثلك دولة مدنية تعددية الفيصل فيها هو صندوق الإقتراع وسوف أنتخبك انت شخصيا كنت مسيحيا ام علمانيا أم ليبراليا عندما أرى أنك تخدم بلدك وتحقق طموحات شعبك في الحرية والتنمية والتقدم ولن أنتخب إبن طائفتي الذي يكون سيئا أو فاسدا.
لا تتجاهلوا الأكثرية وبالمقابل ضعوا ألاقليات ففي حجمها الطبيعي داخل المجتمع السوري أعني مفهوم المواطنة والمدنية ,إحترام حقوق الإنسان وبذلك انت تطبق الشريعة هذه الكلمة التي يشن عليها الحروب هذه الشريعة هي مسيحية ,اسلامية ,إنسانية وكبريتية!!؟
سلام على سوريا وثورتها وسلام على كل مسيحي ومسلم شارك في الثورة وأيدها!
كل الحب لكاتب المقال وعذرا إن تضمن تعليقي بعض الإنفعال!!؟
الحكم الاسلامي والشريعه الاسلاميه ليست اقصائية كما يذكر صاحب المقال وممكن بكل سهوله وبكل كرامه لكل الافكار والطوائف ان تتواجد تحت سقفها
والشعب السوري متدين للعظم ويعود لقياداته الاسلاميه ولو بعد طول غياب
والاسلاميون السوريون لديهم من المتابعه السياسيه ما يمكنهم من لعب دور سياسي راقي وحضاري في الساحه الوطنية والعربيه والاسلاميه
الاخوة المعلقين أعلاه, لا يمكننا تجاهل بعض الأفعال السيئة جداً لكثير من الجماعات الاسلامية 0(
حتى لو قلنا ان الاسلام بريء من هكذا أفعال و لكن بالنهاية هم يرتكبوها باسم الاسلام و الأنظمة و الأحزاب هي من ناس و ليس ملائكة حتى لو سموا أنفسهم اسلاميين), مثل بن لادن و القاعدة, مثل السلفيين في مصر اللذين دمروا قبور شخصيات هامة للصوفين في مصر, و اللذين قطعوا اذن رجل مسيحي في مصر,و قد قام الاخوان بتمرد مسلح في سوريا في الثمانبنيات و هذا ليس عمل ديمقراطي و لا سليم و لا مقبول, اسلاميين في اندونسيا قاموا بتفجيرات قتلوا فيها سياح أجانب هناك منذ سنوات, كل هذه التيارات و الأفكار تجعل كثيرين يخافون من ناس يريدون استلام السلطة باسم الدين, و حتى الآن الأنظمة الاسلامية الحاكمة اليوم ليس لها سجل جيد في الديمقراطية و حقوق الانسان و لا الفساد فيها تحسن, لا السودان و لا السعودية و لا ايران و لا افغانستان, انما في كل هذه المجالات ترى أن أنظمة مدنية يكون فيها الوطن للجميع و الدين لله متفوقة على أنظمة دينية في كل هذه المجالات وعلى كل حال ليس من المعقول أن لا نتفهم هذا الخوف و أن نبدأ فوراً بالصياح و الهجوم عليهم؟
لكن اذا أسسنا نظام لادارة البلاد تلتزم كل الأحزاب فيه, نشدد فيه على أن لا اكراه في الدين و أن الوطن للجميع و الدين لله, لا مانع من أحزاب متدينة تحترم أصول التعددية السياسية و الدينية و الاجتماعية, مثلما في تركيا, لكن يجب ضمان أصول الديمقراطية المدنية أولاً كأصول لا يجب تجاوزها, و أعود أقول غير معقول أن لا نتفهم خوف البعض من التيارات اللتي تريد السلطة باسم الدين و يجب التحاور بهدوء , بظل ما ذكرته أعلاه
عزيزي سمير، يجب التفريق بين المسلم والإسلامي، المسلم لا أحد يحاول انتقاده لأني سأنتقد بذلك أغلبية الشعب السوري، وأنا أصلاً لا أنتقد في هذا المقال بل كل ما أحاول فعله هو توضيح وضعية يتخوف البعض منها، ولا يمكن أن ننكر أن الحكم الإسلامي إقصائي فقد بدا ذلك واضحاً في كثير من الدول وأقلها مثالاً تركيا
أما بالنسبة لفكرة أن السوريين يتبعون قياداتهم الإسلامية فأعتقد أن الثورة قد اثبتت أن إرادة الشعب تفوقت على كل القيادات الدينية ولم تنتظرها
الأخ باولو شكرا لتوضيحك وانت سوري وأنا سوري ونستطيع بناء سوريا معا فنحن أصحاب أرض وتاريخ ونستطيع الإتفاق على ذلك..بارك الله فيك وسامحني على إفراطي!!؟ همي ألا ترجع سوريا إلى القرنين 18 و19 عندما كانت الدول العظمى تتعهد الأقليات بالحماية!؟لا أريد للمسيحي أن يهاجر ويترك بلده بل أريد ان يبني مستقبله واسرته واحلامه في بلده سوريا.إذهب إلى قلعة الحصن وإلى سطحها تحديدا وانظر إلى الجهات الأربع وانظر كيف يعيش المسيحي إلى جانب المسلم !!هل هذه إنجازات النظام السوري؟كانت سوريا قبل عائلة الأسد وسوف تبقى كذلك بعدها بإذن الله.تحية خالصة لك.!!