ثلاثة أشهر منذ خروجي من سوريا. منذ هروبي على الحدود السورية الأردنية, منذ اذلالي من قبل المخابرات الأردنية
في مطار عمّان.
ثلاثة أشهر من الهروب من الجو العام الذي لم أستطع احتماله أكثر.
ككثيرين, كنت مهددة بالاعتقال ومداعمة منزلي, ككثيرين, تمّت سرقة حساباتي حتى استرجاعهم بعد يومين.
ككثيرين, تم وضع اسمي تحت لائحة المطلوبين على الحدود السورية.
خرجت, لمدة ثلاثة أشهر, حتى قررت العودة.
عدت لمدة ١٢ يوما الى الشمال المحرر.
ذهبت الى جبال اللاذقية مدة ٣ أيام, ومن هناك إلى ادلب حيث مكثت في كفرنبل ٣ ايام ومدة ٤ ايام في سراقب.
قبل ذهابي تحدثت الى بعض المعارف الذين, يفترض, يعرفون شيئا ما عن المنطقة وهذه بعض الامثلة عما اخبروني به:
١- الوضع سيء جدا جدا وهناك دمار كثير وفقر كثير فعليك تهيئة نفسك جيدا.
٢-لا تذهبي ومعك معونات, لن تستطيعي سد الحاجة.
٣-هناك من يذهب لعرض العضلات, كوني حساسة لما تقولين, لا تعدي احد باي مساعدة ان لم تكوني جاهزة للوفي بالوعد.
٤-هناك مناطق تحت سيطرة “الاسلاميين” والجيش الحر, ستفاجئين بالفساد.
٥- ربما ستضطرين الى وضع الحجاب.
لا شيء مما ذكر اعلاه كان صحيحا, لا في جبال اللاذقية ولا في ادلب. الوضع سيء لكن من كان في الداخل لن بتفاجئ بحجم الدمار. جلب المعونات ضروري خصوصا ان كانت للاطفال. لا يوجد منطقة تحت سيطرة احد في جبال اللاذقية وادلب, لا سيطرة على شعب ثائر. لم اضطر الى وضع الحجاب ابدا. بل دخنت مع جيش حر واسلامي.
على كل سوري نزح الى الخارج النزوح الى الشمال ان استطاع فهناك عمل كثير ومن يذهب هم فقط المصورين والصحفيين, اي من يريد ان يستفيد ماديا فحسب, انتم سوريين, فاذهبوا ولا تسمعوا لاحد, الشعب هناك سيستقبلكم برحابة صدر وهم بحاجتك وانت بحاجتهم ايضا.
بالطبع هناك فقر ودمار, لكن هذا شيء نعرفة كسوريين ونعرف معناه جيدا, لا يوجد جوع في جبال اللاذقية وكفرنبل وسراقب, هناك عطالة عن العمل وظروف معيشية سيئة وصعوبة في الحصول على التدفئة ولا كهرباء والبنزين غال جدا, لكن الناس تعيش بطريقة ما, وطريقتهم بالصمود هذه هي تماما ما يغفله كثيرون, خصوصا السوريين.
مثلا, هناك من يصنع صوبيا من تنكة زيت ويجعلها مدفئة حطب.
طن الحطب سعره ١٨ الف ليرة سورية, في جبال اللاذقية يستطيع الناس الحصول على الحطب مجانا كون الاحراش بينهم, لكن حصول اهالي ادلب عليه مكلف لذلك هم يتسعيضون عنه بالمازوت.
تم تنظيم توزيع الخبز والبنزين في سراقب وكفرنبل.
هئية الاغاثة في كفرنبل تنظيمها ممتاز وكذلك عمل “الاسلاميين” في سراقب الذين ينظمون بيع الخبز والبنزين والمازوت دون فساد او محسوبيات, وهذا مقدر جدا من اهالي سراقب ومن قبل العلمانيين منهم.
خلال وجودي في جبال اللاذقية وكفرنبل سمعت كثيرا من المدح عن “الاسلاميين” وكثير من الذم عن الجيش الحر(استثني سراقب هنا كون اهلها يقدرون ويحترمون الجيش الحر والاسلاميين على حد سواء), رغم لقائي بكتائب من الجيش الحر الشرفاء والابطال حقا, والواعين للمرحلة المقبلة عليها سوريا.
فالاسلاميين, مثلا, معروفين بمحاربة السرقة والفساد, على عكس ما يقال عن الجيش الحر عامة, وهنا اود ان اوضح, انني عندما انقل هذا الحديث عن الجيش الحر فذلك بسبب وجود بعض الافراد المعروفين بتشكيل امبراطوريات من السلاح والمال والذين لا يقاتلون على الجبهات.
هناك عدة كتائب من الجيش الحر تقاتل على الجبهة لكنها غير مدعومة من السلاح والمال لانها تماما لا تريد ان تنتمي سياسيا لاحد سوى لاهل منطقتها.
ما يتداول في الاحاديث هو انه من السهل جدا ان تحصل على سلاح اذا بعت ولاءك, والعكس صحيح تماما ان لم تفعل.
فيبدو ان المشكلة هي في الولاء في الجيش الحر, وقد قابلت كتائب لا تزال تحصل على السلاح من مال العائلة. فهناك من باع ارضه وبقره ليشتري السلاح, وهناك من باع محله ليشتري السلاح.
ما يتم تداوله عن الجيش الحر ان بعض القادة (وليس كل القادة لان هناك قادة جميلون حقا ورائعون بطريقة غريبة) ترمي بشبابها الابطال الى الجبهات لتأتي هي و”تتبنى” العملية وتصنع مجدا على حساب الشباب المقاتلين الذين يستشهدون لبطولتهم.
ما فهتمته, وربما اكون على خطأ كوني مكثت ١٠ اياما فقط في هذه المناطق, هو ان الجيش الحر في هذه المناطق (جبال اللاذقية وكفرنبل) قد صبح هرميا, اي ان هناك بعض القادة الفاسدين وهناك عساكر وهم الابطال الحقيقيين المغيبين.
وما يجري اليوم هو انشقاق البعض من هؤلاء العساكر عن الجيش الحر, وعدد هؤلاء ليسوا بالقليل.
لا نستطيع تعميم هذا الحديث عن الجبش الحر ككل, كما لا نستطيع اسقاط ما يتداول كحقيقة او تعميمه على حلب وريف دمشق وحمص وغيرها من المدن.
ولا اعلم ان كان ما يتداول دقيقا, على ان اعيش في المنطقة لافهم هذه الاحاديث.
لكن هذا ما سمعت وهذا ما حُكي الي من قبل كثرين.
باختصار, زيارتي للشمال كانت ضرورية, فالحكي مو متل الشوف, وهناك عمل كثير كثير, الاطفال قد نسوا جداول الضرب والعمليات الحسابية كالطرح والجمع, الاطفال قد نسوا الحروف الابجدية, ويجب ان لا ننتظر سقوط الاسد كي نبدأ بعملية البناء, عملية البناء لم تبدأ بعد في الشمال المحرر بعد, وهنا تماما يأتي دورك.
أخيرا, خلال وجودي في الشمال فهمت انني نازحة أيضا. اضطررت للهروب, وضعي افضل حالا من كثيرين, لكنني نزحت عن بلدي, وها انا أخطط للعودة.
والله محيي الجيش الحر والكتائب الاسلامية!
عذرا على الاخطاء الاملائية والقواعدية, صرلي زمان ما كتبت عربي.
مدونة: Blogging from Nothern Syria