قلت لصديق لي: هناك أفكار قاتلة أيضاً، فتعجب..
كان الناس يعتقدون بأن الجذام عقاب من الرب فكانوا يكدسون المرضى خلف القضبان إلى أن ينفقوا فرادى وجماعات، واليوم اختفى المرض وهدمت سجون الموت،،،،، وأصبحنا من النادمين،
وكان الناس يظنون بأن المجانين أصابهم مس من الشيطان فكانوا يوضعون على متن (سفينة الحمقى) تأخذهم من الشواطئ التي كانوا يهيمون عليها فتفرغ أحمالها منهم في عرض البحر إلى بطن الحوت،
وبرونو الفيلسوف العنيد أحرق على مرأى من جمهور من الناس آمنوا بأنه كان يهرطق ضد كنيسة كانت تمارس القتل ضد من يخالفها الرأي،
وابن رشد الفيلسوف، ومعه سبينوزا الفيلسوف، أصدرت عليهما مجتمعاتهما اللعنة لأفكارهما التي نعرف اليوم بأنها أسهمت في وضع قواعد الفكر والفلسفة الحديثة إلى يومنا هذا،
وسقراط تجرع السم وأعدم لرأيه ورفض الهرب من تهمة (المساس بهيبة الدولة إضعاف الشعور القومي) واليوم نقرأ كتبه وكلماته ونتعجب من فرط الحكمة وحسن الخطاب ومنهجية التفكير التي كان يتمتع بها،،،، فنصبح من النادمين،
وسنصبح نحن من النادمين أيضاً لما تمر أيام الله هذه علينا دون أن نقف لها وقفة تدبر وتفكير،
وسنصبح من النادمين عندما سنعجز عن مواراة سوءة القتل والاعتقال والحصار،
وسنصبح من النادمين أكثر عندما يكشف التاريخ كيف كنا نهلل لاغتيال حرية الرأي وقتل مولود الديمقراطية الجديد بحجة عدم طهارة موضع الولادة،
وستكون وقفتنا الفصل بالنسبة لأولادنا وأحفادنا يحكمون من خلالها على أفكارنا هل كانت أفكارنا مستنيرة أم كانت قاتلة؟
————————
بقلم: نورس مجيد