الجندي الذي أمضى أربعين عاماً…
حافي القدمين..
يدخن سيجارة الحمراء “الطويلة”..نفسها..
ويصب الماء على كاسة المتة..نفسها
ثم يمص..ويمص..ويمص..
انتعل حذاءه العسكري فجأة..
كان الحذاء ضيقاً…كفكر رأس النظام..
رمى كأس المتة…التي “نشف خيرها” منذ نصف قرن..
داس على شرفه العسكري..والإنساني..سعيداً بحذائه الجديد..
أعطوه سلاحاً…ليحس بالرجولة بعد أن أخصوه
ضغط على الزناد…
زغرد السلاح بالرصاص..
وزغردت أم شهيد…بمصابها
ثم انطلق…على دبابة تهرس جلد الوطن..
الذي شوهت وجهه آثار الجنازير..
“خاين يلي بيقتل شعبو”
هتفت أغصان الزيتون..
لكن هدير الدبابات كان أقرب إلى سمع الصبي..
ضغط مرة أخرى…ونسي إصبعه على الزناد
وما زال الرصاص…يفقأ الزيتون..
فيسيل منه ما يكاد أن يضيء…ولو لم تمسسه نار
فما بالك إن مسّته؟
ويسأل طفل أباه..
أبت..أيهما أطول؟
موسم الزيتون..أم موسم الرصاص؟
أيهما أقسى..خشب الزيتون أم خشب أخمص السلاح؟
هل فعلاً لديهم…لكل زيتونة مثقال رصاصة من غدر؟
ماذا إذا انتهى زيتوننا..ورصاصهم معاً؟؟
فيجيب الأب..
سينتصرون فقط،عندما نستورد الزيتون..
ويزهر الرصاص..
لنا مواسم الزيتون…ولهم صناديق الرصاص..
هيهات هيهات..أن يزهر الرصاص!