تسارعت اﻷحداث بشكل يدعو للقلق في اﻷيام اﻷخيرة، من ٳعلانات “كوريا الشمالية ” الحربجية وحتى تصريحات السيد “بوتين” وتحريكه للأسطول الروسي، مروراً بفشل المحادثات بخصوص النووي اﻹيراني وانتهاء بدخول الدكتور الظواهري والقاعدة على خط الثورة السورية، لمصادرتها ٳسوة بجماعة اﻹخوان المسلمين…
ما يحدث في شبه الجزيرة الكورية ليس أقل من تهديد مباشر بحرب نووية…الولد الذي يحكم “بيونغ يانغ” قرر أن “الوقت قد حان لتلقين اﻷمريكيين درساً لن ينسوه” وأعطى موافقته لجيش الشبيحة الخاص به “لكي يوجه ضربة نووية للولايات المتحدة” لا أكثر ولا أقل…الولايات المتحدة التي خاضت حروبا ضروساً ٳثر تهديدات أقل من هذه بكثير تبدو وقد أصبحت “ملطشة” للجميع….
شبيح موسكو يعبر عن “غضبه من عدم احترام بعض الدول للقانون الدولي وسماحها بتسليح اﻹرهابيين في سورية…”..وليد المعلم ما كان ليقول غير ذلك. أتبع “القيصر” الروسي تصريحاته الغاضبة هذه بسحب قطع أسطوله من المحيط الهادئ حيث تلوح نذر حرب نووية لوضعها في شرق المتوسط “في مواجهة اﻹرهابيين من أنصار القاعدة!!!”.
اﻹيرانيون من جهتهم قلبوا الطاولة على مفاوضيهم وأعلنوا عن ٳعادة افتتاح منشآت التخصيب النووي دفاعا عن حق ٳيران في الطاقة النووية “ﻷغراض سلمية” والله عليهم شهيد…لم يكتف “الولي الفقيه” بذلك بل زاد من ٳمداداته لنظام اﻷسد بالرجال وبالسلاح عبر العراق ضارباً عرض الحائط بالمناشدات اﻷمريكية وحتى بالقرارات الدولية التي تمنع التجارة بالسلاح مع ٳيران في الاتجاهين.
الهجمة “الدبلوماسية” اﻹيرانية وجدت لها أفضل اﻷصداء لدى حاكم مصر اﻹخواني الذي لم يجد “أي فرق بين الموقفين المصري واﻹيراني تجاه المأساة السورية…”. مع عودة الدفء ٳلى العلاقات بين ٳيران وحكم “المرشد الفقيه” الصاعد في مصر، بدأ اﻹخوان هناك في تهديد حياد المؤسسة العسكرية ومحاولة وضع اليد عليها رغم التحذيرات اﻷمريكية، ربما تمهيداً لانضمام مصر اﻹخوانية ٳلى محور الشر.
في لبنان، أظهر حزب “نصر الله” ثقة بالنفس واطمئناناً لرسوخ نفوذه وتحكمه بمصائر لبنان وقدرته على الاستمرار في فعل ما يحلو له سواء في سوريا أو لبنان. رغم “هزيمة” تيار 8 آذار السياسية وأيا يكن رئيس الحكومة اللبنانية، يشعر نصر الله بالثقة في قدرته على تجاوز أي رئيس حكومة دون عوائق ودون أن يجرؤ أي من الفرقاء اللبنانيين وحتى من خارج لبنان على التصدي له.
الدكتور “أيمن الظواهري” وتنظيم “القاعدة” الذي يتلقى أوامره من مكان ما بين موسكو وبكين وبحماية الولي الفقيه اﻹيراني أدلى بدلوه هو أيضاً و”بشرنا” أن “العدو اﻷمريكي بدأ بالترنح والانهيار”. صحيح أن الرجل أتبع كلماته هذه بفضح “سقطات” ٳيران التي “تواطأت مع العدو اﻷمريكي في غزوه لأفغانستان ثم للعراق”، لكن الرجل لم يقل لمرة واحدة “العدو اﻹيراني” ولا “العدو الروسي” وهما من يقتلان اليوم أهل الشام وليس أمريكا! الدكتور الظواهري يسير على “السنة” اﻷسدية فينتقد ٳيران وروسيا لفظياً و “على الناعم” دون أن يجرؤ هو أو “قاعدته” على التعرض لمصالح أي منهما! على عكس أمريكا التي تتراجع مواقعها، فٳيران والروس لهم أنياب وهم يعرفون تماماً كيف ومتى يصلون للدكتور “أيمن” الذي يلعب دور الواجهة السنية لمحور الشر.
“بشار اﻷسد” ذاته شرب حليب السباع وأرسل قواته التي سحبها من الجبهة مع الصديق اﻹسرائيلي “لتحرير” ريف حلب ودمشق من سكانهما ولتطبيق سياسة الفصل الطائفي في حمص تمهيداً ﻹعلاء راية الدولة العلوية في الجزء الغربي من سوريا.
ليس محور الشر وحده من “يلعب بذيله” فحتى أخلص حلفاء أمريكا ضاقوا ذرعاً “بالاوبامية” و”بالقيادة من الخلف” التي تعني “الفرار” بحسب السيد “اوباما”. البريطانيون والفرنسيون كانوا أول من استشعر خطورة تخاذل السيد اوباما على مصالح اوربا فقاموا باجتثاث عقيد ليبيا رغم أنف سيد البيت اﻷبيض الذي اضطر للحاق بهم بعدما “حرد” أكثر من مرة. وهاهو “هولاند” الرئيس الفرنسي المتردد بطبيعته يقفز ٳلى المعمعة اﻷفريقية في مالي دون انتظار دعم أو رأي “زعيم العالم الحر” الغارق في حسابات بيزنطية لا أول لها ولا آخر.
حرب نووية على اﻷبواب في شبه الجزيرة الكورية، ٳيران قاب قوسين أو أدنى من الدخول ٳلى النادي النووي، شبيح موسكو يصول ويجول شرقا وغربا، كل هذا والسيد “اوباما” لايزال يلقي خطابات ويقوم بزيارات بروتوكولية لا تليق برئيس القوة اﻷعظم في العالم.
السيد “اوباما” نال جائزة نوبل للسلام فور انتخابه دون أن يفعل أي شيء! كان العالم حينها قد مل من مغامرات الرئيس “بوش” الحربجية. في النتيجة انتهج الرئيس “اوباما” سياسة أقل أخلاقية من تلك التي تبعها سلفه، ففي عهد السيد “اوباما” بلغت أرقام ضحايا العمليات العسكرية اﻷمريكية غير المباشرة والقتل العشوائي عن بعد أرقاماً فلكية.
لكن القتل بالطائرات دون طيار والعمليات العسكرية الانتقامية ليس سياسة وهذا ما أدركه قادة كوريا الشمالية وروسيا وٳيران وحتى اﻷسد. لماذا تمتنع هذه الدول عن ممارسة سياساتها العدوانية والتوسعية حين لاتجد من يردعها ؟ مالذي يدعو ٳيران وغيرها للتعقل حين تستطيع فرض ٳرادتها في وجود رئيس خامل وضعيف في البيت اﻷبيض ؟
تراجع القوة اﻷمريكية وانسحاب العم سام من العالم ستكون له نتائج كارثية على أمريكا نفسها وليس فقط على قضايا الحرية والديمقراطية، حين يخسر العالم الحر القيادة اﻷمريكية لصالح خطاب ديماغوجي دون ممارسة أخلاقية ودون التزام واضح بحقوق اﻹنسان وقضايا الحرية فهذه خسارة للبشرية كلها وليس ﻷمريكا وحدها.
تبدو ورطة السيد “اوباما” من هذا المنظار أقرب ٳلى أن تكون أزمة زعامة وأزمة أخلاقية تذكرنا، في بعض وجوهها، بالمرحلة التي سبقت وصول “غورباتشيف” ٳلى سدة الرئاسة في الاتحاد السوفييتي. كان ذلك بعد حقبة “بريجنيف” الكارثية حين كان السوفييت منهكين بعد حربهم الفاشلة في أفغانستان ونعرف جميعاً ما الذي جرى بعد ذلك.
هل تؤذن ورطة السيد اوباما بأزمة أخلاقية وسياسية مقبلة للولايات المتحدة اﻷمريكية ؟ وهل سنرى “بيريسترويكا” و “غلاسنوست” قريبا في بلاد العم سام ؟
أحمد الشامي فرنسا
ahmadshami29@yahoo.com
http://www.elaphblog.com/shamblog