شذا الأحدب | سورية بدا حرية
كاتبة وباحثة إعلامية واجتماعية
في الوقت الذي تمتلئ القبور بأبناء سورية يقف أبناء سورية أنفسهم في المؤتمرات ليتقاسموا تركة لم يورثهم إياها أحد، وتمتلئ الصحف اليوم بأخبار المجلس الوطني وانتخاب صبرا ومن فرح فرح ومن حزن حزن ولكن ألا يحق للرأي العام أن يعلم ماذا جرى في كواليس المجلس الوطني وخصوصا أن المجلس ينفي تماما وجود أي خلافات بين أعضائه !
فجأة تجد نفسك أمام مسرحية تتكرر، ولكن مع اختلاف الأبطال ، وتبقى الخلفية التي تتلاعب بالأبطال وبالأحداث واحدة ،ويبقى الشعب هو البطل الوحيد الذي تتجاهله أكف المصفقين، وإليكم فصول المسرحية التي أصنفها ضمن المسرحيات الهزلية ، والتي ستأخذ جائزة باعتبارها هزلية من الطراز الأول .
فصل الدولة المضيفة
من الطائرات الخاصة إلى فنادق الخمسة نجوم إلى قوائم الطعام المزدحمة بكافة الأصناف المعروفة وغير المعروفة ، كانت المستضيفة قطر حاضرة بكل التفاصيل، تفاصيل التنظيم وأصول الضيافة ولم تغفل عن أي مناسبة لإظهار كرمها وحسن استقبالها ، بالرغم من سوء تصرف الكثيرين من الأعضاء وإظهارهم الكثير من الإمتعاض والتأفف من تفاصيل لا تخطر على بال أي شخص سوري عاش في سوريا وحلق في سمائها وركب طائراتها وقصد فنادقها ، وبالمقابل كانت أجوبة القطريين ومنهم شخصيات مهمة تدور حول التمنيات والآمال بأن يتم الإتفاق وحل الازمة لصالح سورية والسوريين مع الحرص الشديد من قبلهم بعدم التدخل لا من قريب ولا من بعيد بأي قرار أو حتى تقديم النصيحة ، وهذا ما ظهر بشكل جلي في المؤتمر.
فصل المؤتمر
وهنا تنتهي فقرة التنظيم لتتلوها فقرة الفوضى فمن تأخر للمواعيد من قبل رؤساء المجلس لأعضاء ترفعوا عن حضور الإجتماعات حفاظا على مكانتهم ، وجداول أعمال لا تطبق بالإضافة لكثير من القضايا المهمة التي لم تتطرح للنقاش والدراسة، بالإضافة لبرنامج عن المؤتمر وزع في اليوم الثاني وقد شمل هذا البرنامج أحداث أو مجريات كان من المفروض انها حدثت ولكن في الواقع أنها لم تحدث أبدا .
وهنا نصل إلى الاجتماع الذي عقد لمناقشة مواضيع ونقاط بغاية الأهمية من أهمها مناقشة ( القانون الانتخابي ) المفاجاة التي كانت أنه تم وخلال ساعات طويلة مناقشة أمور ثانوية والدخول في مناقشات صغيرة مستنفذين بذلك الوقت والصبر والتركيز أما القانون الانتخابي فقد تمت منا قشته بساعة متاخرة من الليل بحيث لم يبق من الاعضاء إلا أصحاب الأقدام والارواح المتورمة ، وهنا جاء اقتراح من قبل أحدهم يطلب فيه من الأعضاء بوضع ملاحظاتهم حول القانون الانتخابي لمناقشتها في اليوم التالي نظرا لضيق الوقت .
فصل القانون الانتخابي
جاء اليوم الثاني وهو اليوم المحدد لإجراء الانتخابات ولم يتم فيه مناقشة ملاحظات الأعضاء وتم تجاهلها وبدأت الانتخابات تسير بناء على القانون الانتخابي المعتمد .
وهنا تكمن حبكة المسرحية حيث ينص قانون الانتخاب على تمثيل كل 16 عضو من تيار أو حزب معين بعضوين يرشحان للأمانة العامة وهذا يعني ان الأحزاب التي تمتلك ثمانية أعضاء تمثل بواحد ومن يمتلك 4 يمثل (بصفر) ، إلا إذا تم ايجاد تحالف فكيف ينشأ هذا التحالف ؟
4 عند التكتل والتحالف تأخذ نصف مع اثنين = اثنين ونصف وهنا القانون يعتمد على النقصان لا الزيادة أي اثنين فقط ، وهنا الحزب صاحب الاسمين خسر اسم لصالح حزب آخر وهنا تنتفي الرغبة بالتكتل وتنتفي الرغبة بالتحالف وينسف بقنبلة ذرية مبدأ التعاون والتضامن لأجل الوطن.
فصل الاستبعاد والنفي
وهنا أهم فصل هزلي قدمته المسرحية، حيث تم ارسال أعضاء لإجراء تحالفات وهمية مع تقديم باقة من الوعود الكاذبة لشخصيات وطنية عرفت بتاريخها الوطني الطويل وكان لابد من وجودها داخل الأمانة العامة للمجلس ومنها باخوس الذي شكل قائمة لوحده ووعد بالانتخاب والتزم وعند فض أوراق الانتخاب لم يجد إلا صوته.بالإضافة لاستبعاد نجاتي طيارة أما من كان يمتلك الذكاء من الأعضاء وفهم اللعبة كغليون وسيف مثلا نأى بنفسه وابتعد .
فصل المبادرة
بالطبع الكل قرأ عن مبادرة رجل الأعمال سيف الذي اقترح ايجاد حكومة انتقالية في المنفى لسد الفراغ الذي سيحصل بزوال الأسد وبناء على هذا الاقتراح فإن هذه الحكومة ستضم 23 % من المجلس والباقي سيوزع بين الثوار ومعارضي الداخل وبين تكنوقراط الحكومة السابقة.
ولا يخفى أن هذه المبادرة مباركة من قبل أمريكا خوفا طبعا على مصالحها وهي أمن اسرائيل ولكن الرفض جاء من رئاسة المجلس لاعتبار أنفسهم وارثين شرعيين للوطن وليس كمكون من مكونات الدولة.
وعند اجتماع معاونة وزير الخارجية في احدى الزوايا مع أشخاص مهيمنين ومهمين في المجلس وفي أثناء ابداء استيائه وانزعاجه من فكرة سيف جاء فورد ويعمل في الخارجية الامريكية ليحضر النقاش الذي لا يحتوي على ارضية مشتركة بين الطرفين بالغضافة لعدم وجود الحد الأدنى لألف باء العمل السياسي لينهي النقاش بطريقة مهينة من دون أي تعليق من قيادات المجلس.
فصل الشعب هو البطل
من ضمن كل الفصول السيئة والمشاهد التيئيسية يظهر في نهاية المسرحية شعاع نور حيث يعمد أحد الأعضاء الذين يرأسون تيار ما على التحالف مع حزب مسيحي بالرغم من أن هذا التحالف سوف يخسره عضو من أعضائه في القائمة الانتخابية لكي يفي بالتزام ووعد للحزب المسيحي.
وهنا يظهر أحد الابطال ليقول للمجلس «لقد دققتم آخر مسمار في نعش المجلس إما لأنكم عملاء او لأنكم غاية في الغباء والارجح الإحتمال الثاني»
وهنا تسدل الستائر لتعلن عن نهاية المسرحية ويقف المتفرجين ينتظرون قافلة من التربويين ليعلموننا ألف باء الديمقراطية وليعلموننا احترام أنفسنا كي نحترم قانون بذلنا لأجله الكثير ويبقى هذا المجلس من ذاك الأسد.