باولو الشامي
—————–
قضية الشابة يارا الشماس المعتقلة منذ أكثر من شهر ونصف الشهر كشفت كم أن النظام السوري لا يعتني بقانون ولا بأصول، وكم أن القوانين “الإصلاحية” التي يصدرها يوماً بعد يوم ليست سوى حبراً على ورق، وأن عنصر مخابراتٍ واحد له سلطة في سوريا أكثر من مئة قانون عقوبات وعشر أصول محاكمات.
بداية لم نفهم ما هي الجريمة التي تعاقب عليها – أو مبدئياً تحاكم – عليها يارا، بعد بعض السؤال والتقصي عرفتُ أن سبب اعتقالها هو صور وجدت على حاسوب أحدهم تظهر زيارتها لمدينتين من المدن السورية المنكوبة، ولا أستطيع أن أفهم كيف من الممكن أن تكون مجرد زيارة لمدينة سورية أمراً يستدعي العقاب، أو على الأقل يستدعي التحقيق والتقصي والاحتجاز لكل هذا الوقت الطويل.
ثم تم تحويلها إلى المحاكمة، والغريب أنها حولت إلى محكمة عسكرية، بالطبع لا يوجد سوري واحد يعرف ما هو الفرق الحقيقي بين القضاء العادي والقضاء العسكري، ولكن نعلم عادة أن القضايا التي تحول إلى القضاء العسكري تكون القضايا الخطيرة.
ليس أمراً مهماً، المهم الآن أن يارا شماس قد حولت يوم أمس الأربعاء إلى القضاء العسكري في حمص، وسيتم استجوابها من قبل المحكمة هناك يوم السبت، وكانت حجة القضاء العسكري في دمشق من أجل تحويلها إلى نظيره في حمص هو أن الجرم ارتكب هناك، “الجرم”.. الذي لا نعلم ما هو حتى الآن وما هي المادة القانونية التي يعتمدون عليها في هذا الخصوص، كما حيرني أمرٌ آخر..
أحد المطالب الكردية في سوريا مؤخراً هي الفيدرالية، وبغض النظر عن أحقية هذه المطالب أو عدمها، فقد حيرني قضية يارا وشعرت أن سوريا بلدٌ فيدرالي، فعادة تحويل المحاكمين من منطقة (محافظة في الحالة السورية) إلى منطقة ترتبط عادة بالطبيعة الفيدرالية، واختلاف القوانين وأصول المحاكمات والعقوبات بين المنطقة التي ارتكب الجرم فيها والمنطقة التي اعتقل فيها المتهم، ولكن سوريا ليست فيدرالية، وربما كان من قرر تحويلها إلى محكمة خارج دمشق قد تأثر بأفلام المحاماة والجرائم الأميركية وظن أنه في دولة يسمح له بالقيام بذلك فيها، وظن أنه في دولة قانون… شكراً يارا لقد حولتِ سوريا إلى فيدرالية دون أن يعلمون وتعلمين.