محمد دندشي
كان يوماً غير اعتيادي. بدأ بالقصف الصباحي المبكر. لقد تغير موعد القصف بالنسبة لنا. فقد كانوا يقصفون قرية مجاورة تدعى الزارة، و هي قرية يقطنها التركمان بالإضافة إلى العديد من العائلات النازحة من حمص ومن تلكلخ بالإضافة إلى عدد كبير من عائلات قلعة الحصن التي نقطنها. كان خبر القصف على القرية خبر غريب. فقد عقد أبناء هذه القرية هدنة مع النظام للحفاظ على حياة أبنائها والعائلات النازحة إليها.
في ذلك اليوم أتى أحد الزملاء من الثوار قال لي ينادون إسمك على الجهاز يريدونك على جبل الثلج بسرعة. ذهبت وإذا أحد الإعلاميين يريدون أحدهم ليتكلم عن آخر معركة في جبل الثلج. في البداية لم أعلم ماالذي يجب التكلم عنه ولكن بعد دقائق توالت الأفكار فجأة، وبدأت الكلام إمام الكاميرا عن المعركة وعن هدف النظام من تلك المعركة لا أعرف ولكن اعتقد إني تكلمت بما فيه الكفاية .
دعيت يومها إلى العشاء عند صديق أبي. وقد التقيت به بالصدفة في أحد المعارك و تعرف علي, كان العشاء فاخراً بالنسبة لأهل القرى. كان مؤلف من لحم الأغنام المشوي و الكبة المشوية والخبز المخبوز على اليد لعدم تواجد الخبز في القرية فقد قام النظام بقطع جميع الإمدادات عن القرية من خبز وماء و دواء وحتى الخضار انتهينا من العشاء وقمنا بغسل أيدينا بماء بارد جدا من النبع الذي يقع في منتصف الدار (الحاكورة) ثم إلى شرب الشاي المغلي على الحطب لعدم توافر الغاز أيضاً. فجأ ضربت القذيفة بالقرب منا لقد أصيب احدهم فسارع صديق أبي مع (المعازيم ) إلى البيت الذي ضربته القذيفة ليسعفوا لم استطع الذهاب برفقتهم لعدم وجود مكان بالسيارة .
ذهبت إلى المنزل لأسمع خبر سيئ جديد لقد حوصر الشباب في تلكلخ في أحد الإحياء وكان أحد الإحياء التي يحرس بها أخي الصغير. لم أستطع الاتصال به لعدم وجود أي طريقة للاتصال إلا عن طريق الأنترنت ولكن كان الانترنت مقطوع لأن أحد القذائف قد قطعت أسلاك الكهرباء وفصلت الكهرباء عن القرية بأكملها. اجلس الآن واكتب ولا اعلم مصير أخي بعد ولكن الأمل بالله والمجاهدين .
اليوم هو يوم عرفة أي اليوم الذي يسبق العيد أي (الوقفة) كما نسميه بالعامية.
في النهار جلست بالدكان المقابل للمنزل الذي نقطن فيه أتى بعض الأطفال ليشتروا البسكويت والشوكولا ولكن للأسف لا يوجد أي شيء في الدكان إلا القليل من الخردة بالإضافة إلى القليل من المواد التموينية المتبقية. لا أعرف كيف سيفرح الأطفال بالعيد لا يستطيعون الخروج من منازلهم ليتباهوا بالملابس الجديدة مع إن الكثير منهم لم يشتروا ملابس العيد لأن النظام منع دخول الملابس إلى القرية لا أعرف ماللذي يجب إن أقول وأن أكتب لا تعبّر الكلمات عن الأفكار والغضب الذي يعتريني عندما أرى الأطفال الحزينة فقدوا عيدهم. فقدوا فرحتهم. الابتسامة لم اعد أرها. فقدوا إخوتهم أمهاتهم أباهم .
سمعت منذ قليل أنه قد استشهد أحد الشباب في تلكلخ الحبيبة اسمه حمودي لقد استشهد في الحي المحاصر مع الوجود من العديد المصابين الذين لا نعلم أسمائهم بعد قد يكون أخي واحدا منهم أترقب الإخبار الان ولا أستطيع التكلم عن الشعور أو الأفكار التي تراودني
كل عام وانتم بخير أتى الوقت للذهاب إلى نوبتي الحرس .