كريستوف عيّاد – جريدة اللوموند
ترجمة فاديا لاذقاني
توفي، قيدَ الاعتقال، عمر عزيز، الناشط السوري السلميّ الشهير، عن أربعة وستين عاماً، وذلك يومَ 16 شباط. سلّم الروح في المشفى العسكري بحرستا، من ضواحي دمشق، إثر فترة اعتقال طويلةٍ، في أحد فروع المخابرات الجوية في المزة، حيث تم إيقافه بتاريخ 20 تشرين ثان 2012، واحتُجز ثمة، مع خمسة وثمانين معتقلاً آخرين، في مهجع مساحته ستة عشر متراً مربعاً.
كان عمر عزيز يعاني من ارتفاع في الضغط، وقد فقد في المعتقل خمسة عشر كيلوغراماً من وزنه، حسب ما أفادت مصادر مقربةٌ منه.
قبل وفاته بأيام، نُقل إلى سجن عدرا المركزي. ولم تتمكن أسرته من الحصول على أية أخبار بشأن وضعه، ولم يتم إعلامها حتى بخبر وفاته، إنما تسرب الخبر من معتقلين آخرين.
وكان عمر عزيز، مختصاً بالعلوم الاقتصادية، حيث حصل على دبلومها من جامعة غرونوبل، كما كان متعمقاً بالتقنيات الحديثة. ترك السعودية، حيث يعمل ويقيم، إبان اندلاع الثورة السورية، في آذار من عام2011. وهو من أكبر العقول المهندسة والمخرجة للمجالس المحلية، التي ساهمت بصورة كبيرة في احتواء وتنظيم الثورة، وإعطائها خططاً للعمل، والحرص على سلميتها وعدم طائفيتها.
أفضل من كومونة باريس
أنشأ عمر عزيز أول مجلس محلي في برزة. وهو نوعٌ من التشكيل المنظِّم لعموم الناس ” ناس التّحتْ”. ثم سرعان ما انتشرت المجالس المحلية في أربع أصقاع البلد.
كان يستلهم من أفكار روزا لوكسومبورغ عن “حكومات الشعب الذاتية”. وقد عبّر عمر عزيز عن رؤيته الإنسانية، ذات الاتجاه “شبه الفوضوي” في مقالٍ طويل. ” لقد قمنا بما يفضلُ ما حققته كومونة باريس، فهذه قاومت سبعين يوماً، ونحن مازلنا صامدين منذ عام ونصف العام”، هذا ماصرّح به قبل إيقافه ببرهة وجيزة.
عمر عزيز، غير المعروف بكثرة خارج سوريا، كان يُكنّى فيها باسم محبوب “أبو كامل”.
كان أبو كامل يذرع المسافات بهمّة لا تعرف الكلل. فتراه يزور الأحياء المنكوبة الخربة، حاملاً المساعدات الإنسانية لعائلات الضحايا من لاجئين وشهداء وجرحى ومفقودين ومغيّبين.
والدته، بوران الطرزي، أول محامية في سوريا. وقد كتبت، عام 1988، كتاباً بعنوان ” دمشق في رحى العذاب” * نُشر في بيروت، روت فيه سير سنوات مشاركتها في النضال من أجل الحرية، أيام الانتداب الفرنسي، ثم ما بعد الاستقلال.
يمثل عمر عزيز ذلك النمودج من الرجال الذي ستكون سوريا في أحوج حاجةٍ إليه، لبناء نفسها بعد انتهاء الصراع الدائر حالياً.
