a ahl
لدى الوقوف على الدوافع الانسانية المختلفة و المحركة لأي سلوك بشري, يحدونا الأمل بأن يكون البشر (و أعني الوعي و العقل الانساني الجماعي) قد امتلكوا الخبرة الأساسية التي ترفعهم من مصاف البدائية بمعنى الركون للغريزة فقط كمحرك و دافع لا يغالب إلى الاحتكام للعقل و المصلحة العامة والتنظيم المجتمعي للغرائز الأساسية, فيما يطلق عليه القوانين و الشرائع الدينية والدنيوية, كوسائل و أساليب يستبدلوا بها حكم القوة و العنف لما يقود ختاماً إلى النفع العام
ولكن و على ما تجري السنن و الأيام فما هو حقيقي و واقعي يكون في الغالب الأعم مكروهاً مغضوض الطرف عنه,على حين أن ما هو تمنٍ و أحلام يغدو في محط الأضواء و الاهتمام و لنصل في النهاية لليقين بأن الانسان و عند المحك يمزق الثوب الرقيق لما يسميه ” الحضارة و التمدن ” ليكشف الجلد الحقيقي الذي يكسوه الشعر الكثيف كأي حيوانٍ يعدو في الغابة لا يحركه إلا ما أسماه جاك لندن سابقاً ” نداء البداءة ”
و لكن و في الحقيقة لا يلطف من كل البؤس المتوحش لهؤلاء الرجال إلا اللمسة الانثوية التي تُضفي شيئاً من الحنان و الرقة لكل هذه المعاناة التي يمضي الرجل فيها عبر كل حياته, و لكن هذا الرجل يأبى إلا أن يمارس كل ما يتقنه من دمويته الممزقة و همجيته النرجسية على هذه الكائنات الرقيقة, فلا يسعد إلا برؤية الدموع التي تجري و كثيراً ما لا يهتم بأن هذه الدموع قد لا يسكبها إلا أمه.
و كأي ذئبٍ متوحش كان علي خزام يمضي إلى معاركه, مسلحاً و قبل كل شئٍ بتوفيق الامام علي حيث غايته البحث عن الرضى من الامام الغائب و ان كان حاضرا ًفي ذهنه هذا الامام عبر التجسد المتوحش لسيطرة التحالف الذميم بين الطائفية و الفساد و الجهل و الصهيونية ,فينطلق متدرعاً بانعدام الرحمة و التصميم الظاهر على أن يبيد هؤلاء الاعداء, ولكن كعادة المشيئة السماوية فلا يقتله إلا السيف الذي رفعه و لا يسيل دمه إلا شهوته للدم.
و لكن امه و لا يمكن هنا الحديث عن الأم التي أساءت التربية, فالحقيقة و من منظور البيئة التي أنشأت ابنها فيها فقد أحسنت التربية, لدرجة أن يصبح هذا الذئب الخسيس هو النهج و المنارة لجيلٍ كاملٍ من أمثاله, و لكن و ككل أم فلا يسعنا إلا نتعاطف مع مع هذه الأم و ذلك بتجردٍ دون أن ننظر إلى هذا الفقيد المذموم و لكن نتعاطف مع الدموع التي أسالتها أي أم, أياً يكن شكل فقيدها :
دموع ام علي خزام
و لكن و مع العجوز التي سنراها لاحقا ًو هي أم محمد من مدينة داعل في درعا, حيث الفقيد هو من فصيلتنا و من صفنا فالتعاطف هو شئٌ لا نذكره بل نستخدم عوضا ًعنه مصطلح الفقد المشترك فلا تسيل دموعها إلا بقدر ما تسيل دموعنا, و لا تبكيه إلا بقدر ما نبكي أنفسنا, و لا ترثيه الا كأفضل ما يمكن أن نفهمه من رثاءٍ لنا و لانسانيتنا:
دموع ام محمد من درعا
و في الختام وكما تعاند الحقائق الغبية دوماً البساطة, فقد يصلح القول أن توماس جفرسون قد أبقى جملته الشهيرة ناقصة :
ان شجرة الحرية يجب أن تسقى بدماء الوطنيين و الطغاة من آنٍ إلى آن.
و لربما كانت التكملة الأنسب لها :
وكما يجب أن تسقى هذه الشجرة بدمائهم فإن نموها لن يكتمل إلا عندما تسقى أيضا ًبدموع أمهاتهم.