لم يستطع معظم السوريين الذين مثل لهم الربيع العربي بارقة أمل استشرفوا من خلالها نور الخلاص من الظلم والاستبداد أن يدركوا حقيقة النظام الحاكم في بلدهم وتحالفاته وصلاته مع الدول الخارجية كما أنهم لم ينتبهوا للموقع الجيوسياسي الذي تمتاز به سوريا فهي ليست مصر ولا ليبيا ولا تونس فنظام الأسد هو الحارس الأمين لحدود إسرائيل في الجولان وهو حليف إيران بقرة أمريكا الحلوب وفزاعته في الخليج لإحكام السيطرة على مصادر الثروة الكبيرة هناك وهو الوصي الشرعي على حزب الله كلب الحراسة لحدود إسرائيل مع لبنان ومخلب إيران وأمريكا في بلاد الشام وسوريا بوابة العبور بين الشرق والغرب وأهم عقدة لنقل موارد الطاقة بينهما وضعوا كل هذه الأمور الهامة خلف ظهورهم وبدؤوا ثورتهم المباركة رافعين شعارات السلمية والحرية والعيش المشترك بين جميع مكونات الشعب السوري وتطورت بالدفع الذاتي المتنامي لشباب الثورة ومؤيديها واندفعت نحو نظام أمني مشهور بالمكر والدهاء يعمل بالليل والنهار لكسر شعارات الثورة وتحريفها وتزويرها.
توالت الأيام وتعاقب الليل والنهار وحقق الأسد مبتغاه فالثورة لم تعد سلمية والنسيج الاجتماعي مشتت ممزق والاصطفاف الطائفي على أشده لدرجة لم أجدها في كتب التاريخ ويترافق هذا مع فشل ذريع للثورة السورية وعلى كافة المستويات السياسي والعسكري والإعلامي وكل مستوى في حال يرثى له من ضعف شديد وتشرذم وتشتت لم تستطع أنهار الدماء أن توحدها ولا أن ترتقي بها كنا بالأمس البعيد نلتمس لهم العذر بأن عاشوا في بيئة مغلقة في ظل حكم دكتاتوري مستبد لكنهم إلى الآن لم يستطيعوا كسر قيود الأسد بل تماشوا معها تماماً فكلامهم وتصرفاتهم وحتى بياناتهم لا تختلف عن النظام وحتى فكرهم لم يتحرر من تعاليم الأسد فالإعلامي يفهم في السياسة بل يأمر رئيس الإئتلاف على الهواء مباشرة ولا ضير أن يحلل عسكريا والعسكري يريد أن يقارع السياسي ويكاتفه ويزاحمه والسياسي يفهم في كل الأمور إلا في السياسة وحتى أن البعض لا يصلح أن يكون إلا بائعاً في سوق الهال أو باب السريجة.
نعم نجح الأسد ليس بقوته بل بضعفنا فهل نصحوا بعد سبات ونعيد ترتيب أوراقنا من جديد وهل ندرك أن السياسي يختلف عن العسكري وكلاهم يختلفان عن الإعلامي؟
هل نرتقي بهذه المؤسسات الثلاث ونعيد هيكلتها بتقديم أهل الخبرة والأمانة في كل ميدان وإقصاء الضعفاء منه مهما كانت أسماؤهم ومهما كانت عطاءاتهم للثورة على الأرض فهذا ميدان وذاك آخر وكلنا نعمل لفي خدمة الثورة لغاية واحدة لا يهمنا على يد من تتحقق ولكن يهمنا أن تتحق؟
هل يرتقي أهل الإعلام بالتزام المهنية ونقل ما يجب أن ينقل فقط متوخين الحقيقة دون لعب على العواطف ولا تهويل ولا مزايدة وأن يبتعدوا عن ميدان السياسيين والعسكريين والتجريح بهم؟
هل نتدارك أخطاء الماضي ونجعلها درساً وعبرة نستفيد منها في ترميم ذاتنا وصقل مهاراتنا فتكون لنا نوراً يهدينا للنصر والنجاح؟
الثورة الآن في أحرج أوقاتها وهي تناشدنا جميعاً لرص الصفوف وتوحيد الكلمة والعمل بمهنية وإخلاص لاستعادة زمام المبادرة كي نكون أهلاً لنصر الله ونقتلع الأسد وأعوانه من بلاد الشام الطاهرة.
حالم بغد أفضل