كان يوماً عاديا من أيام الثورة السورية الأربعاء 25.07.2012 لكنه لم يكن كذلك للحكومة السورية التي شكلت وفداً رفيع المستوى يضم وزراء النفط والإدارة المحلية والنفط وحاكم المصرف المركزي وبشكل غير معلن وزير الدفاع.
لا يختلف اثنان من أولي العقل أن سوريا ترزخ وبشكل مباشر تحت وصاية إيران وما بشار سوى مندوب لولاية الفقيه ومن أن حجم المساعدات المالية والعسكرية الضخمة لإيران تجعلها تطلب ما تريد من مندوبها بشار بل تأمر كيفما تشاء لكن هذا المحتل واجه مشكلة عويصة في حكومة بشار وهي الروتين واللجان والقوانين المعقدة التي تتطلبها عقود الوزارات فلم يرق لها ذلك فهي تريد إنجاز جميع معاملاتها بشكل سريع ونظامي أي أوراق موقعة تحفظ حقوقها وخدماتها المقدمة لسوريا خاصة في مشاريع الطاقة والنفط والإدارة المحلية هذه المشاريع التي تعود بأرباح لحظية طائلة وأخرى دائمة معتمدة على قطع التبديل والصيانة.
ولهذا تم الطلب من جميع الوزراء الذين يملكون في وزاراتهم أي مشروع موقع مع الحكومة الإيرانية التوجه إلى طهران في يوم الأربعاء وهناك وعاى طاولة مستديرة لم يتم مناقشة المشاريع وإنما طلب من جميع الوزراء السوريين ما يلي:
· التوقيع على شهادات الاستلام النهائي للعقود المنفذة بغض النظر عن فترة الضمان المنصوص عليها عقدياً وعن ملاحظات الاستلام الأولي والنهائي. فعلى سبيل المثال وقع وزير الكهرباء عماد خميس على شهادة الاستلام النهائي لتوسع محطة تشرين المنفذة من قبل شركة مبنى الإيرانية مع العلم أنه لا يحق للوزير إصدار هذه الشهادة قبل أن يرفع له محضر من لجنة الاستلام النهائي وبتوقيع المدير العام لتوليد الطاقة الكهربائية وذلك بعد انتهاء فترة الضمان (التي لم تنته أصلاً) وبعد التأكد من عدم وجود أي ملاحظة رئيسية تتعلق بعمل أحد العناصر الأساسية للمحطة (استغرق توقيع شهادة الاستلام النهائي لمشروع محطة توليد دير علي حوالي سنتين بعد انتهاء فترة الضمان!!!) والشيء نفسه تكرر مع وزير الإدارة المحلية فيما يخص صوامع الحبوب وهكذا …
· التوقيع على عقود جديدة بغض النظر عن أن سعرها مناسب أم لا أو أن مواصفاتها الفنية مقبولة أم لا بالطبع كل هذا لا يهم إذا كانت الإمبراطورية الفارسية هي الممولة (كقرض يجب سداده مع فوائده) والشركات الإيرانية هي المنفذة فهذا معروف كبير منهم ويجب أن نرد لها الجميل كما يقول السيد عماد خميس الذي بادر أولاً بتوقيع عقد مع شركة مبنى لبناء محطة توليد كهرباء450 ميغا بالساحل السوري وأخرى في حمص (لا أدري كيف سيتم بناؤها في هذه الظروف الصعبة لحمص) وعقد لشراء محولات مختلفة الاستطاعة وتبعه وزير النفط والإدارة المحلية وهكذا دواليك…
لم نأت سابقاً على ذكر عقود التسليح فالجميع يعرف مساندة إيران الهائلة في هذا المجال لكن يغيب عنهم أن هذه المساندة ليست مجانية فهي إذ تدافع عن طموحات إيران في أحلامها الفارسة كذلك الأمر تعود عليها بمكاسب مادية فكل طلقة تم حساب سعرها وإدارجه في عقود موقعة من قبل الحكومة السورية ويجب عليها سداد القيمة مع الفائدة ولو بعد حين.
وأخطر ما جائت به هذه الزيارة المشؤومة هو طلب إيران من حاكم المصرف المركزي البدء باستخدام الاحتياطي النقدي في البنك المركزي الأمر الذي عارضه وزير المالية آنذاك محمد الجليلاتي بشدة ولم يرضخ للضغوط الهائلة التي مورست عليه في الأشهر التي تلت الزيارة لكنه ظل ثابتاً على موقفع ممتنعاً عن التوقيع على أي قرار يتيح البدء باستخدام هذا الاحتياطي فجاءت إقالته وتعيين الدكتور سماعيل إسماعيل الذي تكفل بهذه المهمة التي ستؤدي لنتائج كارثية على الإقتصاد وبالأخص على قيمة الليرة السورية.
يعلم معظم السوريين بسيطرة إيران على سوريا لكنهم يجهلون هذه التفاصيل ولا يدركون أبعادها الخطيرة التي تجعل من الحكومات السورية تابعة لإيران فنياً واقتصادياً لعقود لاحقة ورازخة تحت ديون طائلة ستطالب بها إيران بعد نجاح الثورة السورية.
حالم بغد أفضل