a alh
ان الذنب العظيم الذي تتحمله أمتنا, هو أننا ارتضينا أن نعيش في ظل هذا النظام و لم نفقد حياتنا و نحن نحاول تغييره.
ذلك ما افتى به كارل جاسبر الطبيب و القيلسوف ألماني, و الذي عايش الحربين العالميتين و اشتهر بكتابه عن الذنب الألماني و الذي نُشر عقب الحرب الكونية الثانية , حيث ناقش فيه أن الذنب الذي تتحمله الأمة الألمانية ليس وجود عدد من الألمان في مكان صنع القرار أوصلوا ألمانيا و العالم لهذا المصير, و انما الذنب كل الذنب يقع على عاتق الشعب الذي ارتضى البقاء في ظل هذا النظام.
السؤال الذي يطرح هنا: هل يوجد ذنب يتحمله السوريون أو بعضهم, فهل يمكن الحديث عن ذنب الشعب بالسوري بالمجمل و الذي ترك هذا النظام يتغول دون أن، يقوم بعملٍ جدي لإزالته, ام يمكن الحديث هنا عن الذنب ” السني “و الذي سمح لجزءٍ من الشعب بالاستحواذ على السلطة ؟
و نبقى مع السيد جاسبر و الذي كان آمن بنظرية العالم المتكامل حيث الحضارات الكبرى ما هي الا أجزاء متفاعلة و التغيير الحاصل في أحد أجزاء هذا ” الكل ” ستغير هذا الكل بالضرورة :
فالعالم هو كل و هذا الكل يتغير بشكل كلي.
و قد يعجز المراقب عن الربط بين الاجزاء المتغيرة المؤدية للتغيير الكلي, ولكن هذا لا يلغي حقيقة التغييير الشامل الحاصل, وهذا و كما هو واضح يتماشى مع ” الهيغلية “.
فهل هذا الربيع العربي هو جزء من ” حركة التاريخ الطبيعية ” أم و كما سيجادل البعض هو ارتداد للزمن بسبب السيطرة المشتركة ” للثولوجيا و الميثولوجيا ” وليس الاتجاه نحو العقلانية ؟
و بالعودة لموضوع الذنب فلربما كان كارل يونغ و الذي أطلق مصطلح “الذنب الجمعي ” هو صاحب التأثير الأكبر و الذي دعا فيه مواطنيه الألمان إلى الاعتراف بالذنب الذي يتحمله جميع الألمان عن الفظاعات التي قام بها عدد من الألمان الآخرين .
فهل هناك ذنب ” علوي “و هل يجب أن تتطور هكذا عقيدة لدى المجتمع ” العلوي “بحيث يجب أن يشعر الجميع منهم بالمسؤولية عن الفظاعات التي ارتكبها عدد من أفراد هذا المجتمع ؟
و لا ننسى هنا الحديث عن خرافة ” الاضطهاد ” المزعومة للعلويين أو للأقليات قبل حكم عائلة الأسد حيث لا توجد معطيات تاريخية تثبت هذا الأمر, و انما جرى و يجري ترويجه كشكل من البروباغندا اللازمة لإحكام الوهم في العقول.
أنا أعتقد جازماً أن الأمور في سوريا لن تستقيم الا بعد أن يعترف الجميع بذنبهم:
فلا بد من الحديث عن ” الذنب العلوي ” كحجر أساس ” للتطهر و العلاج ” بحيث يبدأ أفراد هذا المجتمع بالشعور بمسؤوليتهم الجماعية عما حصل و يحصل خلال النصف قرن المنصرم.
و لا بد من الحديث عن ” الذنب السني ” الذي ارتضى الصمت و الخنوع دون القبول بأن يدفع الثمن اللازم لحصول التغيير.
و لا بد من الحديث عن ” الذنب الأقلوي ” و الذي ارتضى أن يُحسب على السلطة الحاكمة و الاستفادة من الوجود الظالم للحكم دون أن يقوم بما يدرء عنه شبهة المشاركة في حفلة الطغيان و التي لا زالت جارية حتى اللحظة.
و لا بد من الحديث عن ” الذنب العلماني ” و الذي لا زال في كثيرٍ من المناطق داخل سوريا و خارجها يستطيع أن يجد الحجة الوقحة في الدفاع عن هذا الحكم .
ان القبول بالمسؤولية الجماعية من قبل جميع السوريين عن هذا المآل الذي صرنا اليه, هو بداية الطريق للمجتمع ليستطيع أن يلملم جراحه و يبدأ المرحلة الجديدة.