جربنا المسيرات ونعرفها خرجنا بها ونحن في طلائع البعث وانبسطنا بتطبيق البنات بها ونحن مكتظون بالهرمونات ومستعدون أن نهتف للقرود ، من أجل لفت النظر…
جربنا المسيرات لتجديد البيعة. والردح الوطني وهربنا منها في الجامعة وأوغاد الاتحاد الوطني لطلبة سوريا يلحقون بنا مثل ” الشيشمايات ” ليهددونا بالفصل أو الحرمان من السكن في زريبة المدينة الجامعية.
جربَها من توظف لدى الحكومة كيف يأتيه التعميم ويراقبه المخبرون إن تبرم او يدحشون بملفه الوظيفي عبارات من طراز محايد أيجابي أو سلبي.
بينما أشرس الموالين كانوا “يفركوها” بأقرب منعطف، بعد أن يحصوا الاسماء…
جربنا هراء التأييد بالصرمية او طواعية في تجديد البيعة لإمبراطور الكون وفي الأعراس الدموية على جثث حرية البلد.
صارت مملة مثيرة للشفقة، ومع الزمن تحولت لمكان يجتمع فيه كائنات مصابة بداء فقدان الهوية الإنسانية والتحول إلى هتّيف وضرّيب وشلّيح …إلخ
مكان أقرب لغيتو غريزي متوحش، تنحل الفردية في قطيع هائج يزوده الرعاة بالهراوات والتيشيرتات البيضاء مكتوب عليه بلون أحمر مثل الدم ( منحبك )
ليدمغ عليهم صفة الوطنين الذائدين عن ” بكارة شرف حامي الوطن”
رأيتهم في الساحات يتطاير الزبد من أفواههم والعنف من أيديهم والكراهية من قلوبهم، يصعقون الآخرين بالهروات. والشعارات والتفاهات.
جربنا كل هذا
الآن لنجرب شيئا أخر كنا غريبين عنه ولكنه ليس غريبا عنا.
إنه بنا في داخلنا يقربنا أكثر من سوريتنا من وطننا ويحمينا من هراء التدجيل
يقوي مناعة الذات وبدفعة واحدة يحولك كبشري كامل الأهلية وليس كمعددود في المسيرات، يوقظ الحواس ويجعلك تتدرب على الركض مما ينشط عجلة القلب، والدورة الدموية، يخفف من تدخينك لأنك في المظاهرة ليس لديك وقت لذلك.
يجعلك تتقن الفراسة تلك الخصلة الرائعة لتتعرف على سوريين يشبهوك لم تكن يوم تتخيل إنك قريب منهم إلى هذا الحد.
وحين تلفظ اسم سوريا بصوت عال في شوارع المدينة كلفظ جلالة يهتز لها عرش الفساد والإجرام، وتأخي أخوتك في تجديد البيعة لولاء الوطن والحق والحرية.
حينها سينطلق من روحك سخام و”شحتار” ستمتلك لبرهة لحظة من لحظات الوجود التي لا تتكرر.
انعتاق كامل أنفراج بالروح. شمس حقيقة الوطن الرائعة ساطعة في قلبك
جربها إنها مجرد مظاهرة لا تؤذي أحد، فلا تصدق لغو المخربيين.
تخرجك من مصاف الدوران في مدار الفراغ، من تبجيل سيد العالم، المتوحش المزبد المتوعد. طويل التيلة، سخيف المنطق، قليلة الهيبة، ممسوح الوجدان، قاتل الأهل. سارق الناس، كاذب الوعود، مفتت البلد…. إلخ
تخرجك لتكون ابن الوطن وليس عبدا لنذل الوطن.
جربها ستدمنها ستتنفس هواء أخر يغير كيانك ووجدانك تحولك إلى سوري حقيقي تختزن في خلاياك طاقة 7000 آلاف عام…
جربها إن لم تعجبك دعها وشأنها. فهناك من يستحقها…
بقلم: فادي عزام
تعليق واحد
عازمك عفنجان قهوة بعد التحرير، لا فض فوك