افلست او استهلكت شعارات النظام في الوحده و الحريه و الاشتراكيه، وانجازاته في هذه المجالات
حصيلتها صفر إن لم تكن سلبية. لم يعد بإمكان النظام أنيستمد شرعيته مما فعله .
اذ أنه لم يفعل شيئا. فلا الأرض تحررت و لا الوحدة تحققت،
أما الاشتراكيه فقد أصبحت نظاما خلوفيا لا يشبه نظاما أخر في العالم. لذا فهو اليوم
يحاول أن يستمد شرعيته ، ليس مما فعله، و لكن مما هو يمنع فعله ، وهو تعريف
الممانعة، المعلنة منها او المهموسة ، وهذه قائمه صغيرة من ممانعاته:
أنا، أي النظام، أمنع أعداء سوريه من الانقضاض عليها و أمنع المؤامرة من
المرور ..
أنا أمنع وصول الاخوان الى الحكم و انشاء دولة دينيه ..
أنا أمنع ذبح الأقليات ..
أنا أمنع حدوث حرب أهليه كما في العراق ..
أنا أمنع الأنهيار الأقتصادي..
و هناك ممانعات تهمس همسا للمعنين بالامر فقط:
أنا أمنع أن يستشري الأرهاب في أوروبا ..
أنا أمنع أن يسيطر حزب الله كليا على لبنان ..
أنا أمنع تسلل الأنتحاريين لقتل الجنود الأمريكان في العراق..
و الحقيقة أن كل هذه الممانعات مغلوطة و خاصة أن النظام هو من يرتب
الكوارث او يخلقها بسياساته ثم يحذر منها . فهو الذي زرع الطائفيه و أضعف الأقتصاد
و شجع الأرهاب و مزق المجتمع و هجر طاقاته و أضعف الشعور القومي- و هي الجريمة التي
يعتقل باسمها الشرفاء – نعم أضعف ألشعور القومي عند المواطن السوري الى
درجة أنك صرت تسمع من يتحسر على الاستعمار لان الذل الذي يعيشه فاق ذل الاستعمار .
.
أما الممانعة التي يتبجح بها النظام صباح مساء ، أي ممانعة اسرائيل و
مخططاتها فهي في الكلام فقط . اذ أن تغييب الشعب و خلق دولة و جيش بوليسيين ليس
له علاقه بالممانعة . و اذا كتب للمؤامرة أن تمر يوما الى بلدنا فسيكون ذلك عبر
الشرخ الذي خلقه النظام بين المواطن و دولته..
ثم أن الحقائق تكذب النظام، فاسرائيل تبني المستوطنات يوميا في الأرض
الفلسطينيه و السوريه و تغتصب السماء اللبنانيه و السوريه حين يحلو لها، فما الذي
يمنعه أو يمانعه هذا النظام. حين تصل معدلات المهاجرين الى المستوى الذي يطلب
توسعا جديدا فليس هذا النوع من الأنظمة الذي سيردعها..
تصلح الممانعه لتبرير سياسيات النظام و لا سيما القمعيه في عيون
المثقفين بشكل عام، أما حين تتوجه ايديولوجيه النظام لفئات أوسع، خاصة تلك التي
سيطلب منها التضحيات، فان تبريرات الممانعه لن تكفيها و يلزمها شيء أخر كي تمشي و
تتفانى. شيء بقوه العقيده : العبادة ، عباده الفرد التي لا تحتاج لمبررات..
الفنا عبارات التأليه و تضحكنا فقط حين تستعمل لزعماء بلاد أخرى كما حدث
مؤخرا حين سمعت : الله بريطانيا اليزابيت و بس ، أو مثلا : بالروح بالدم نفديك يا
ساركوزي!! لكن من الملفت أنه في البدء كان التأليه للدولة التي هي فوق كل شيء و كاد
البعث أن يكون دينا اذ يحمل حلولا لكل مسائل الحياة و يلغي العلاقات الاجتماعيه
السابقه له وفقا لرفعت الأسد في المؤتمر السابع للحزب. صارت دولة البعث دولة دينيه
تستبدل فيها شرعيه الخليفه بشرعيه العروبه اذ يتم بإسم الشعوب العربيه تصفيه
أو اقصاء “العناصر الشاذة المدعومه من الرجعيات العربيه”و يرفض أي انقسام داخلي في
المجتمع . و هو ما جعل ميشيل سورا يتسأل أن لم يكن السلفي هو القابع في سدة
الحكم..
ثم شيئا فشيئا انتقل التأليه من الدوله الى الشخص و انكسف البعث تاركا
المجال لعباده الفرد المباشره أن تسود .صارت الدوله تابعا للرئيس: سوريه الأسد ! و
هو في نفس مرتبه الله : الله، سوريه ،بشار و بس ؟ الله حاميها و بشار راعيها .
شتمني أحد الشبيحة الالكترونيين متهما اياي بالتهكم على من علمني و عمل مني طبيبا. كأن
كل شيء من عطائه و علي أن أضع لوحة في عيادتي :هذا من فضل بشار . طبعا الشبيح لم
يلاحظ أن بشار أصغر مني عمرا، فكيف علمني !
بالامس كان الأمن يرددون : يا الله حلك حلك، تقعد حافظ محلك . و اليوم
الشبيحه يهتفون: مطرح ما بتدوس، منركع و منبوس. الشبيحة و الأمن هم جيش بشار
الحقيقي الذي يعتمد عليه حتى أخر لحظة. أما الشعب فهو جراثيم و لا سيما أنها رفضت
عبادة بشار :ما منحبك ما منحبك . الجموع الرافضة من دون أن تعلن حبها لديكتاتور أخر
أو لاله أخر، تثير الحيرة في نفس بشار. يفضل بشار صراع الالهه، ففيه يجد نفسه كما
يتصورها و يشعره بالغبطه و بالتحدي : هل حب هؤلاء لربهم أقوى من حب اتباعي لي ..
..
حتي شبيحته تفضل جموع المؤمننين على جموع الشعب ، و هكذا يبدو الهدف اكثر وضوحا و
أقرب الى ما تدرب عليه هؤلاء الشبيحة و الأمن ..
لم تقصف مئذنة دير الزور صدفة .و سوأل علي فرزات: هل أعلن بشار الحرب
على الرب؟ هو في محله ..
لن نساعد هذا الأله الصغير المغرور بإدخال الدين في شعاراتنا التي تنتظرها
الناس سياسيه..
..هذا لا يمنع..أن الله معنا
_______________________
رفيق حلو