خلال تلك العقود المظلمة من حكم البعث، مرت قوافل الشرفاء والوطنين عبر سراديب التعذيب والألم والموت البطيء، آلاف دفعوا ثمن الوقوف في وجه الطاغية بمعركة غير متكافئة، فتاريخ الاعتقال السياسي في سوريا البعث جرح في الذاكرة السورية.المناضلون الأوائل ممن التهمتهم وحشة السجون ووحشية النظام، وافترسهم مجتمع خائف مرتعب، قاطعهم وقاطع عائلتهم وعاملهم ” كمجذومين ” مما جعل من تجربة السجن، تجربة من أقسى التجارب الإنسانية التي يمكن أن تحدث لمجموعة بشرية.
اليوم والانتفاضة السورية المباركة تزيح عن عيني الوطن الرماد، وعن قلبه السخام وعن الروح السورية الخلاقة الاشنيات والطحالب، لابد لنا وإن نتذكر بعضاً ممّن مهّد الطّريق لها. لمن آمن بهذا الشعب قبل أن يؤمن الشعب بنفسه، لمن واجه الجلاد أعزلاً من كلّ شيء سوى إيمانه بحريّة سوريا وشعبها.
قررنا أن نقدم هذه الصفحة المتواضعة ونضيء على بعض من أولئك النبلاء الأوائل، ممن خبروا تجربة الاعتقال التعسفي والتنكيل الممنهج لعصابات نظام الأسد.
علنّا لا نضيع البوصلة، ونضيء شمعةً في ظلام الذّاكرة ونقدم بطاقة امتنان وشكر لهم. هم الذين افترسهم الصّمت والنكران يوما. نستعيدهم اليوم بكل امتنان على أن تعيد لهم سوريا يوماً بعضاً من اعتبارهم وتكرّمهم، وترتق جرح الذّاكرة بعد أن تخرج من هذا النفق الذي قارب على النهاية.
إلى كل سجناء الرأي والمعتقلين السياسيين في سوريا الحبيبة أنتم من فتحتم كوّة في هذا الجدار ولكم الفضل والسّبق حين همستم بملئ أروحكم سوريا لن تكون مملكة للصّمت وقطيعاً لراعٍ ٍجزّار.
أحمد سويدان