رداً على أحداث سبتمبر والزعبرات الأميركية وعلى البؤس المزمن اندلعت الانتفاضات العربية، رفض المواطن العربي موقع متلقي، وكذلك رفض الأفلام الأميركية الطويلة، حضر السؤال : “بالنسبة لبكرا شو” واستفاق سؤال “الكرامة” ، ولكنه أوضح أنه ابن “شعب عنيد”، أدرك أنه إن كان المخرج أميركياً فإن السيناريست هو الاستبداد، دخل مسرح الحياة بنفس تجريبي ليعلن أن بناء الدولة الوطنية هو مفتاح العدالة الاجتماعية والتقدم الحضاري .. وأن الزعبرات الأدلوجية من الممانعة إلى المقاومة لم تحضر إلا لتمكين الاستبداد وبناه وبخاصة الطائفية !
اندلعت الانتفاضة في سوريا وكانت البراءة العنوان، بدأها أطفال درعا، ولعلها أعظم الإضافات التي أضافتها سوريا الثورة إلى التاريخ، فلم يبال الأطفال بنواميس التاريخ ودروس الماركسية الصفراء، لم يكونوا على علم بأن هذا النظام يمثل أحد أكثر العقليات الاستبدادية شمولاً، لم يبالوا بابتلاعه للمجمع المدني وتنكيله بالمعارضة السياسية وتعطيله للعملية الانتاجية وهيمنته على بقاياها، لم بيالوا بكل ممارساته التاريخية التي أوصلت المجتمع السوري إلى حالة من الهلامية والعطالة غير مسبوقة، كل ما كان في اعتبارهم أن الإنسان يخلق حراً وأن الكرامة هي العنوان الذي يفصل الإنسان عن الحيوان.
نعم لقد تورط السوريون بهذه الانتفاضة، ورطهم أبناؤهم بها، أغفلوا أن أبناءهم ينصتون لأغاني زياد الرحباني الهادرة بالكرامة والحرية وحب الحياة، كان عليهم أن يمنعوهم عن ذلك، كان عليهم أن يقذفوا بمسرحياته، المعترضة على الذل والبؤس والظلم، في مزبلة التاريخ، مضوا مع أبنائهم في ثورتهم القاسية، وكان لزاماً عليهم أن يقذفوا الكثير من القمامة المعلبة بالسيلوفان الجميل، كان قاسياً عليهم أن تتكشف عمامة حسن نصرالله على صلع قميء، وأن يحضر في زمجرته نفس سلطوي قذر، وأن يتضح أن كل أشباه الانتصارات التي لا يمكن أن تكتمل دون أن تكون شعبية ودون أن تخلع عنها اللبوس الطائفي الخانق لم تكن إلا أداة لمشروع سلطوي.
جل ما أتمناه ألا يخدع زياد بالإعلام السلطوي الرخيص وأن يدرك أن مقولة “الله كبير” التي يصدح بها متظاهرو سوريا ليست ببعيدة في روحها عن البؤس الذي عاناه عندما كتب الأغنية المعنونة بالكلمات ذاتها. جل ما أتمناه ألا يستحيل زياد إلى أداة مغفلة في مشروع سلطوي رخيص كمشروع حزب الله، جل ما أتمناه أن يكتب زياد أغنية “أيه في أمل” على الأقل بالروح التي كتب بها أغنية “رح نبقى سوا”.
قال لهم “جاي مع الشعب المسكين” ، ولكنه لم يحضر حتى الآن ولو بكلمة، ولو بتصريح صحفي، كانوا أوفياء له، حضر القاشوش في مأثور ثورتهم أكثر من سميح شقير،، ذلك الموسيقي الشعبي المتأثر وبكل تأكيد بهارموني زياد ووبنقلاته، ولكنه وللأسف لا يبدو وفياً لهم !
• ملاحظة : عنوان المقال مقتبس من “ستيتوس” فيسبوكي لأحد الأصدقاء
———————-
وجد شعلان | سيروريا