عندما بدأت الفنانة فدوى سليمان بموقفها المشرف والجريء فاجأتني بعض ردود الأفعل التي سمعت عنها واحتكيت ببعضٍ منها وجهاً لوجه، البعض – والذين أصر أنهم لا يعدون كونهم “بعض” – رفض الثقة في خطوتها، أو بدقة الثقة في نواياها كونها من الطائفة العلوية، أعتذر على ذكر اسم الطائفة ولكن لا بد من بعض الوقاحة كي نتمكن من حل المشاكل بدلاً من تأجيلها.
أتكلم اليوم بصفتي ابن أحد الأقليات المصنفة على أنها تقف إلى جانب النظام، وبصفتي عانيت الأمرين بسبب هذا الموقف العام الذي تخترقه آلاف الحالات الشاذة، لذلك رأيتُ أن أنقل لكم اليوم بعضاً مما يعانيه المعارضون والثوار الذين ينتمون لأسرٍ من الأقليات، وخصوصاً الأقليات الثلاث المصنفة على أنها موالية للنظام القمعي في سورية (مسيحية، علوية، دروز)، وأود في نهاية قراءتكم لهذه السطور أن تكونوا أكثر تقديراً لما يتحمله هؤولاء من ضغوطٍ بسبب موقفهم الإنساني – والذي أصر أنه إنساني أكثر منه سياسي – من قبل من حولهم.
بدايةً لا بد من أن تتنبهوا لنقطةٍ هامة جداً، وهي أن الأسرة المعارضة بالكامل هي حالة نادرة الحدوث في نطاق الأقليات، وخصوصاً الأسر التي تعيش في مناطق ذات طابع طائفي، لذلك فإن معظمنا نتعرض لضغوطٍ داخل منازلنا، ويتوجب علينا أن نتحمل إضافة لاستفزازات النظام الكثير من استفزازات أسرنا، وأن نعمل على إخفاءِ نشاطاتنا السياسية والإنسانية عن أهالينا وأخوتنا إضافةً إلى أجهزة الأمن.
كذلك الجو العام المحيط بنا يكاد يكون أكثر سوءاً من اضطهاد النظام لنا، الكثيرون الكثيرون منا خسروا أصدقاءهم، خسروا أقرب أصدقائهم، الكثيرون منا اتهموا بالوقوف إلى جانب “السنة” في وجه أخوتنا، وهذا الجو العام يضعنا يومياً في مواجهة مباشرة مع جواسيس النظام، فالمرحلة التي مررنا بها منذ الخامس عشر من آذار وحتى اليوم جعلتنا غير قادرين على الثقة بأي واحدٍ من هؤولاء الأقليات بسبب مبالغة الكثيرين منهم في موالاة الأسد، دائماً يجب أن نكون حذرين في ما نتكلم به، علينا أن نحذر بألا نخبر من حولنا بأننا متورطين في أعمال ضد النظام، وأن نكتفي في عرض أفكارنا على أنها مجرد مواقف وآراء لا ترتبط بممارسة على أرض الواقع.
من جهة أخرى هناك مواجهتنا مع الأجهزة الأمنية، حيث نعجز في كثير من الأحيان عند ذهابنا للتظاهر في المناطق المشتعلة عن تبرير وجودنا في هذه المنطقة “السنية”، كما أنه على عكس ما كان الوضع في بداية الأحداث فإن الأقليات وخصوصاً “العلويون” منهم يتعرضون للتعذيب والترهيب أضعاف ما يتعرض له الآخرون، ذلك بسبب وصفهم بالخيانة.
أي شيءٍ يقدمه ابن الأقليات اعلموا أنه يقدم أقصى ما يمكنه تقديمه، واعلموا أنه بمجرد حصولنا على حرية التظاهر ستتفاجؤون بعد أبناء الأقليات المؤيدين للثورة، وستعلمون أن فدوى سليمان ليست حالة نادرة أبداً، لذلك حاولوا رجاءً أن تكونوا أقل ضغطاً عليهم عند مطالبتهم بلعب الدور اللازم، وأعلم أن الكثيرين منكم – على عكس الـ”بعض” المذكورين في بداية هذه السطور – يفرحون عند لقائهم بابن أحد الأقليات مشاركاً في مظاهرة، ولكن حركة رفعه على الأكتاف والمفاخرة بمشاركته في المظاهرة تعرضه غالباً للخطر، لأنه ستتم متابعته بعد مغادرته منطقة التظاهر، لذلك حاولوا قدر الإمكان التستر على أسمائهم، والحفاظ على سرية وجودهم ضمن الثورة، فالكثيرون منهم قد يتعرضون للقتل وليس فقط الاعتقال، وليس القتل من قبل النظام، إنما من أحد المتحمسين لموالاة النظام من أبناء طوائفهم… أو حتى من أبناء عمومتهم.
أعتذر مرة أخرى عن ذكري لأسماء بعض الطوائف بهذه الفظاظة، وكذلك أعتذر لبعض شبه التعميمات التي أطلقتها، ولكن لا بد أن نكون يداً بيد لنحمي بعضنا بعضاً ونبقى يداً واحدة ترهق المجرمين بوحدتها، وعاشت سورية حرة للأبد.. غصباً عنكَ يا أسد.
——————
باولو الشامي
تعليقان
فقط الأسماعيليين كسروا القاعدة وتظاهروا في سلمية ومصياف…الله محييهم..هم قدوة للجميع
مرحباً للجميع :
نشكر كل الأقليات التي تشارك أو شاركت أو حتى تتعاطف على الأقل مع الثورة ونعلم مدى الضغوط التي تمارس عليهم , وأنا لدي الاكثير من الأصدقاء من الأقليات مع الثورة ويعانون الضغوط حتى لمجرد انهم يحاولوا أن يدافعوا عن الثورة . نحن نشد على أيديهم ونطلب منهم أن يدعموا الثورة بالطريقة التي يروها مناسبة بحيث لاتتعارض مع سلامتهم ,, من مثلا اظهار تعاطف او عدم تخويف الأقليات من “الإسلاميين والتطرف ” والحرب الأهلية وما إلى هنالك والتوضيح لأصدقائهم وأقربائهم أننا كلنا شركاء في الوطن وأن مثل هذا التخويف غير مبرر وأن مثل هذا التهديد غير موجود أصلا و أن غالبية من في الثورة ومن يحرك الشارع هم علمانيين , وأن الثورة هي ضد نظام حكم بغض النظر عن طائفة وليست ثورة طائفة ضد طائفة أخرى.
عاشت سوريا حرة أبية …. دولة حرة مدنية ديمقراطية