تيمناً بالغزالي في كتابه الشهير تهافت الفلاسفة، عنونت هذه المقالة و القصد منها بيان المواقف المخزية التي أتحفنا بها (المثقفون ) والذين كانوا ملئ السمع والبصر، يصولون و يجولون من شاشة إلى شاشة، ينَظرون و يرصون الجُمل تباعاً ، يلهجون بالحديث عن الديمقراطية المفقودة و الشعوب التي تستحق أن تُداس لأنها لا تقف في وجه العسكر، و يبكون الأخلاق الضائعة بين أفراد المجتمع، ويرفعون من شأن الثقافة و يدينون اللجوء إلى التدين باعتباره هرباً من مواجهة الواقع إلى ماضٍ ولّى .
و سيخرج علينا أحدهم و قبل أن يقرأ شيئاً، ليقول و ما الفائدة من هكذا كلمات، تفرق و لا تجمع تشتت و لا توحد، والرد بسيط ، فمع هكذا أفكار، نفضل الابتعاد، و أنا لا أكتب لأرضي القارئ و إنما أقصد أن أترك اثراً في النفس، لإعمال العقل و لتداول الأفكار و إنزال هذه الأسماء في موضعها الطبيعي بلا زيادة أو نقصان .
نبدأ مع السيد أدونيس : فبعد الباع الطويل من التبحر في اللغة ، و الحق يقال أنه كان يملك ناصيتها، وبعد إشهار رفضه للدين كاملاً وهذا رأيه لا علاقة لنا به ، نراه يرتد إلى طائفيته البغيضة فينسى كل الحديث عن الانتماء الوطني و الإنساني لينكص إلى خانته الحقيقية التي طالما نظر إلى نفسه من خلالها، فحتى حين يريد من السيد بشار الأسد أن يتنحى، يريد منه ذلك كي يحافظ على بقاء الطائفة في الحكم .
ننتقل إلى السيد فراس سواح : فمع الشهرة التي ملكها كدارسٍ للأساطير و أصول الأديان و بعد القص واللصق الكثير الذي كان يملئ به كتبه ، و الترجمة ونسب كثيرٍ من الأفكار التي كان يقتبسها من الكتب الأجنبية إلى اسمه، يخرج علينا ببيانٍ تلو الآخر ليدعو للحفاظ على النظام و ليحمل(الآخر) مسؤولية تهاوي الأوضاع……….
ثم نصل (للمفكر ) جورج طرابيشي الذي نَقَدَ نقد العقل العربي، ثم خرج علينا ليقو ل أن النظام نفسه قد شجع (أسلمة) المجتمع و أن ما تواجهه سوريا اليوم هو هجمة مدعومة من البترودولار الذي يقود الهجمة الإعلامية الشرسة التي تواجهها سوريا اليوم ، و ذلك لابتعاد الأحزاب التقدمية( البعث و الشيوعي) عن تحقيق العلمانية في الدولة ….
أما السيد ميشيل كيلو، فبعد( النضال )الطويل ضد الطغيان أتحفنا مؤخراً بسلسلة مقابلات و مقالات أقل ما يقال عنها أنها مملؤةٌ سماً و عسلاً، حيث كان ينتقد النظام ومن ناحيةٍ أخرى ينتقد (التمرد ) في الشارع ، انه يلوم الدماء التي تسيل قبل أن يرى الإصبع التي ضغطت على الزناد …
ونصل للسيد هيثم مناع الذي تحول مؤخراً إلى قناة العالم ليبث منها ، الغث من الأفكار و لينفث عبرها ما يستسيغه فكره (التقدمي الشيوعي ) من مفرداتٍ أكل الدهر عليها و شرب، و ليجعل من الحفاظ على النظام الوسيلة للحفاظ على البلد كما أفهم أنا وغيري كثيراً من كلامه .
ما هو الاجتماع الغريب في هذه التصريحات، حيث قال بشار الأسد أنهم كانوا يخوضون حرباً ضد الإسلام على مدى نصف قرن، إن طرحهم لتحالف الأقليات الذي حكم البلاد، تحت ستار العلمانية و التقدمية هو الحقيقة اليوم ، فالثورة عرّت الحقائق و أزالت الأقنعة، لو كان النظام الطائفي الأقلوي المافيوي الأمني الدكتاتوري الاستبدادي الفاسد قد حقق خيراً أو حرر أرضاً أو وعد بالأمل، لكنت من المهللين له، ولكن هذا التحالف (النخبوي) البغيض هو الذي يقودنا جميعاً لأتونٍ مستعر .
بوركتم وطبتم عسى أن يجعلكم الله من الصالحين و يورثكم الأرض انه عزيز حكيم…
————————–
a alh