بقلم : أبو حمزي
———————
لم تعد القضية إسقاط نظام وإعدام رئيس
إنها الحرية كما بدأت الثورة، كما ولدت وكما عاشت في الأشهر الماضية .
إنها ثورة الكرامة …
ثورة البطل هادي الجندي قائد المظاهرات الطيّارة ، التي لا يقودها إلا شجاع فهي تنطلق من أكثر الأماكن حساسية والأكثر إزعاجاً للنظام، هذا الشباب الذي أرق النظام بنشاطه في حمص، خاصة في جامعتها حيث أحرق بطاقته الجامعية هو وأصحابه معلناً إضراباً عن الدراسة حتى إسقاط النظام، وكانت وصيته لإخوانه :”إن آلمكم خبر استشهادي فاعلموا أنني الآن قد نلت السعادة والحرية في آن معاً، وإنني أتمنى أن أعود للحياة، لأرفع مجدداً راية الحرية وأستشهد من جديد”
ثورة البطل الضابط المنشق أحمد خلف الذي خرج من رحم جيشٍ خوّان، آخر ما حدّث به رفاقه : إن رأيتم الدبابات تمرّ من جهتي فاعلموا أني شهيد وكان بإذن الله شهيداً لم يقدم نفسه رخيصةً وإنما حوّل مفهوم ضابط الجيش من مرتشٍ سارقٍ متنفع كما هو معروف إلى مجاهد بطل !
ثورة بلبل الثورة محمد الشيخ، قائد المظاهرات في حي بابا عمرو المنكوب – الشامخ بأهله – الذي صدح بصوته ليعلنها حريّة ! وسقط شهيداً وهو الابن الوحيد لأبيه، الأب الذي حمل نعش ابنه ورفع بيده إشارة النصر، وأمه التي لم تقبل أن يشيّع إلا كعريس في فرح، وكان لها ذلك …
ثورة البطل عبد الباسط الساروت، الذي اعتزل رياضته المفضلة وهو حارس شباب الكرامة والمنتخب السوري، اعتزل الكرة التي طالما حذرنا منها مشايخنا الكرام كأنها أفيون ! وحذر منها كتّابنا وعباقرة التنظير ! عبد الباسط الذي قصف بيته وقُتل أخوه و عمه وسُجن أقاربه لتركيعه لكنه أعلنها لله وهو الذي أدى قسم الثورة ولقنه للثوار … وشارك في تشييع محمد الشيخ وهو يعلم أنّ احتمال لحاقه بمحمد كاحتمال اجتيازه لشارع القاهرة الفاصل بين حي البياضة وحي الخالدية دون أن يصاب، هذا حين ما يجن جنون حواجز الغدر، ونادراً ما يعقلون !
إنها ثورة شعبٍ لم يكسر حاجز الخوف وإنما أباده، ثورة أهالي تفتناز الذين تظاهروا أمام قطعان الجيش والشبيحة وهتفوا : الأمن والجيش تنيناتن جحيش ! ورعاعٌ وقفوا فاغري الأفواه، وكأنهم في لحظة سكونهم يتفكّرون . أما آن لهذا النظام أن يعلن استسلامه أمام شعبٍ جبار، هل هو من هذا الشعب ! قطعاً لا، فليعلن استسلامه و ليتركنا آمنين !
حار نظام الأسد في هذا الشعب، لم ينفع القتل والتشريد في إخماد ثورته فبدأ يعكس حالة العزلة التي يعيشها على الشعب، فحصار وتجويع وحرق للمنازل وسلب للممتلكات ونقص في ضروريات الحياة في سورية من “غاز وديزل” في محاولة لإفقاره وتركيعه كما سيركع النظام اقتصادياً، فواجهه الشعب ذلك بسخرية فهذا يتصّور مع “جرة الغاز” يحضنها وذاك يزوّج برميلي ديزل عسى أن يلدوا برميلاً صغيراً، سخرية وتعاضد بين أبناء الشعب أحالوا أساليب النظام الخسيسة إلى دافعٍ للتكافل …
والله أقف مذهولاً أمام هذا الشعب ولا أظن للنظام من مخرجٍ سوى الإبادة الجماعية ولا أقصد بذلك كثرة المجازر، وإنما إبادة جماعية ! وأن يتأكد من جماعيتها فلا يبقي على ذكر أو أنثى !
لم أشعر يوماً بهذا الحب للوطن كما شعوريَ الآن …
سورية
أرض الشهادة
أتمشى في شوارع حمص
هنا استشهد فلان وهنا أُصيب فلان ومن هنا انطلقت مظاهرة طيارة، وهنا سال دم فلان وهنا سحبنا جثمان فلان تحت وابل الرصاص، هنا دفن فلان ونبش قبره انتقاماً وهنا أعدنا دفنه، هنا تسطر معاني الحرية والكرامة ! هنا حمص !
هنا ركع نظام الأسد …