يقول أفلاطون :القوة هي القانون الأسمى
إن هذا القانون هو النبع الذي يغرف منه النظام السوري كل الشرعية – وهي الحق المقبول في الحكم – فقوة النظام السوري تكمن في قدرته على فرض الهيمنة بقوة الحذاء العسكري , و من هنا نفهم القسوة الشديدة التي يواجه بها النظام أي تهديد لوحدة هذا التنظيم .
إن التأييد من قبل المؤسسة العسكرية هو العنصر المهم للنظام الأسدي بالحكم حتى اللحظة, و كما كانت الهيمنة العسكرية, هي الوسيلة التي أمنت السيطرة الكاملة لحافظ الأسد على الحكم, فاستمرار السيطرة مرهون تماماً بدرجة التحكم بالمؤسسة العسكرية.
حتى تحول الجيش في النهاية إلى حرس جمهوري مهمته حماية النظام لا البلاد , فإذا دخل حرباً سيمنى بهزيمة في غاية البشاعة لأنه لم يكن في برنامج تدريبه إلا الحراسة!!
يوجد قاعدة معروفة لميكافيلي تقول,أن مدة البقاء في الحكم تتناسب عكساً مع القسوة المستعملة, ونستطيع القول أن النظام السوري قد أوغل في القسوة و لم يتبق من صنوف الأسلحة لم يستخدمه إلا أسلحة التدمير الشامل.
لقد أخطأ أرسطو بحق الشعوب الشرقية ,حيث يعتقد المعلم الأول أن لدى الشرقي (والشعوب الآسيوية عموما)طبيعة العبيد , وأنهم لهذا السبب يتحملون حكم الطغاة بغير شكوى أو تذمر! لقد جاءت الثورات العربية لتقضي على هذا الاعتقاد.
وصفة السيادة مقتضاها أن سلطة الدولة سلطة عليا لا يسود عليها شيء ولا تخضع لأحد ولكن تسمو فوق الجميع وتفرض نفسها على الجميع.و كان النظام يتبجح دوماً بإنشائه الدولة الحارسة أيالتي تقوم أساسا بحماية الأمن في الداخل وصد الغارات عن الحدود في الخارج , ولكن الثورة الجارية اليوم نزعت عنه قدرته عن توفير الأمن الداخلي الذي كان يدعي أنه يوفره ,و الحقيقة أنه كان قد احتكر الجريمة الحقيقية في المجتمع فكان يوجهها بالاسلوب الذي يتماشى و رغباته,أما صد الغارات فهذا ما لم يقم به أبداً,فهو كان يمتلك حق الرد في الزمان و المكان المناسبين ,ليتبين أن الزمان المناسب هو الزمن الذي يطلب به الناس حريتهم أما المكان المناسب فهو المكان الذي توجد فيه مطالبة بالحرية.
لقد جرت العادة , عندما يموت الملك في فارس في العصور القديمة, أن يُترك الناس خمسة أيام بغير ملك وبغير قانون بحيث تعم الفوضى والاضطراب جميع أنحاء البلاد ,وكان الهدف من وراء ذلكهو أنه بنهاية هذه الأيام الخمسة , وبعد أن يصل السلب والنهب والاغتصاب إلى أقصى مدى , فإن من يبقى منهم على قيد الحياة بعد هذه الفوضى الطاحنة سوف يكون لديهم ولاء حقيقي وصادقللملك الجديد , إذ تكون التجربة قد علمتهم مدى رعب الحالة التي يكون عليها اﻟﻤﺠتمع إذا غابت السلطة السياسية.
وفي إبان الثورة المصرية ,انتشرت أعمال النهب والسلب اثر إطلاق سراح جميع الموقوفين بشبهات جنائية , وتمّ إخبارهم أنهم يملكون الحرية في إشاعة الفوضى وذلك لإخافة المصريين من القادم , كما حصل في سوريا عبر قوانين العفو المتتالية التي أصدرها السيد بشار الأسد ,وخرج بموجبها الآلاف من المحكومين بقضايا المخدرات و مختلف أنواع الجنايات و المشاكل الأخلاقية ,و كان العقد بينهم و بين النظام هو العمل لإثارة الفوضى و التشبيح لصالح النظام, بحيث ينقم الناس العاديين على الثورة , وتوجه أصابع الاتهام للثوار بأنهم السبب في كل ما يحصل من انفلات.
و لكن ككل إجراء يتخذه النظام السوري , ينعكس سلباً عليه و لا يجني منه إلا الندامة و ينطبق عليهم قوله تعالى:
((وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ))
بوركتم وطبتم عسى أن يجعلكم الله من الصالحين و يورثكم الأرض انه عزيز حكيم