دلير يوسف
———————-
كان الطريق فارغاً إلى هناك. أوراقُ شجرٍ تتساقط وطريقٌ موحلة. لا صدىً لصوتي هنا. ظلامٌ لا يشبهه إلا الظلام. قررت الاستمرار في التقدم فلن يدوم هذا الطين ولا هذا الظلام إلى الأبد. اقتربت شيئاً فشيئاً. بدأت أسمع ذلك الصوت القادم من بعيد. لم أستوضحه في البداية.
تابعت تقدمي بصعوبةٍ بالغة، كنت أجرٌّ قدميّ جرّاً. انتابتني موجة قشعريرةٍ مفاجأة. وشعرت بألمٍ شديدِ عندما وقع ذلك ذلك الغصن على كتفي. نزلَ عليّ كالصاعقة. لم أشعر بذراعي. ثقُلَ جسدي، لكنني قررت التقدم إلى الأمام. لا مجال أمامي للرجوع، فإن عدتْ سيكون الطريق أطول وأصعب وقد لا أعيش لأرى البداية من جديد، إذاً سأكمل لأحصل على نهايتي التي أستحق. أحسست بأنني أرى نوراً أم تراه التعب يجعلني أتخيل أموراً لا أعيها. ازداد الصوت اقتراباً، لكنني لا أسمع بوضوحٍ بعد.
سحبت نفسي إلى الأعلى بعد أن وقعت على الأرض، نهضت ﻷتابع المسير. بدأت أرى سراباً للأشياء يلوح من بعيد. لقد أُنهكت لا محالة. فكيف أستطيع رؤية الأشياء في هذا الظلام؟ بدأت الأمطار تشتد. كيف سأكمل المسير في هذا المكان الذي لا أعرف كيف وصلت إليه؟ لعلّ ما أنا فيه الآن هو أسوأ ما يمكن أن يحدث للمرء. ارتفع الصوت، إنها أصواتُ جموع بشرية، لكن لا، أمِنَ الممكنِ أن يصرخ المرء في هكذا مكان؟
أعطاني هذا الصوت جرعةً من الأمل، ربما خرج الصوت من داخلي لكن لا يهم سأتبع هذا الصوت. لكن كيف؟ ثيابي ممزقة وحالتي يرثى لها منذ أيام طويلة لم يدخل شيءٌ إلى جوفي. لا يهم سأكمل، لا أريد أن أموت هنا. أريد أن أحيا وأموت حين أرغب
يا إلهي إنه ضوء، ها قد اقتربت النهاية إذن. عساها تكون نهاية تستأهل كلّ هذا العذاب. ها هو الصوت أيضاً، إنني أسمعه بوضوح. أنا لا أهلوس. إنه ضوءٌ وصوت.
بدأت الأشجار تتساقط بعيداً عني، دون أن يكون لها أيّ أذىً، كما أن أعدادها بدأت تقلّ. اشتد الضوء وارتفع الصوت.
بقايا من الطين ما زالت موجودة في أسفل قدميّ، واثقٌ أنا بأنها ستزول عاجلاً. لا شيء يحجب عني ضوء الفجر، فجر الحرية وصوت جموع الناس التي تنادي “ما بدنا حكم الأسد بدنا الحرية”.