سعاد يوسف
——————
إلى باسل السيد
أمي…
ها أنذا أصبحت شهيداً…
لا لم أخف، ولم يكن موتي شاعرياً أو مؤثراً… حدث في لحظة لا تختلف عن غيرها من اللحظات… هي لحظة دخلت فيها الرصاصة جمجمتي، دخلت ذلك الرأس الذي طالما أتعبك، وتشاجر معك عن قصد أو غير قصد…
لا لن نتشاجر بعد اليوم… سأحبك كثيراً وستفتقديني كثيراً…
فكرت بكِ في تلك اللحظة… فقط بكِ… فكرت كيف ستستقبلين خبر استشهادي، وكم ستبكين… فقط عندما تخيلت وجهك الحزين، تمنيت لو يعود بي الزمن إلى الوراء… كنت سأبتعد عن تلك الرصاصة قليلاً، لأوفر عليك دموعاً لا تليق بكِ…
أمي…
غداً أو بعد غدٍ سيدق “قصي” بابنا… سيسلم عليكِ ويقبل يدكِ… وسيسألكِ عن القميص الذي استشهدت وأنا أرتديه… لا تحزني… هم سيأخدوه إلى “معرضٍ” في بلد آخر… معرضٍ عن الثورة السورية… معرضٍ عن بطولات الثورة، ودمائها… عن ضحكات الثورة ودموعها… قالوا لقصي أن قميصي قد يباع بآلاف الليرات، وأنهم سيعطون تلك الآلاف لعائلات محتاجة… لا تحزني فقميصي سيطعم أطفالاً فقدوا والدهم، وأمّهات فقدنَ أبنائهن، كما فقدتيني أنتِ…
أرأيتِ يا أمّاه؟
دماؤنا أصبحتْ للبيع…
أصبحنا مجرد صورٍ ستعرض في مكان لم نره في حياتنا…
سبيكي علينا أناسٌ سيمرون أمام الصور، سنستثير عواطفهم للحظات وندفعهم كي يمدوا أيديهم إلى جيابهم، ويخرجوا منها أرزاً، وطحيناً لنطعم به من لم يمتْ بعد…
أمّاه…
قبّلي قميصي للمرة الأخيرة وأرسليه فهو سيجلب لسوريا حياةً جديدة…
*جريدة سوريتنا