أليكسي الفلاني
——————-
خيبة أمل كبيرة تصيب الشارع السوري من المراهقة السياسية التي تعيشها المعارضة اليوم، الخيبة ناتجة عن رفع سقف التوقعات وعن واقع صعب وفريد للثورة السورية، ففي حين يتوقع الشارع السوري أن تتبنى المعارضة بالكامل مطالبه الواضحة بإسقاط النظام تقع المعارضة في شراك التفاصيل وحبائل الإيديولوجيات، وفي حين تميزت معارضة مصر وتونس وليبيا واليمن وغيرها بالنضج وشبه المواكبة للشارع، تفتقر المعارضة السورية لذلك بسبب تصحر الحياة السياسية في العقود الماضية وانقطاع التواصل مع الشارع، ولكن هل يشفع ذلك للمعارضة السورية؟
بالنظر إلى حجم التضحية والصمود الذي يقدمه الشارع، لا يشفع شيء لهذه المعارضة على التقصير ببعض آليات العمل البديهية التي ينبغي أن تكون سابقة لإعلان كياناتهم وتراعي خصوصيات الربيع العربي الجديدة فضلاً عن مراعاة الحراك السياسي التقليدي، لسنا نطالبهم بالمعجزات، لكن على سبيل المثال ألا ينبغي للمجلس الوطني أن يقوم بإنشاء صفحة رسمية على الفيسبوك على غرار صفحة المجلس العسكري المصري للتواصل مع العمود الفقري للثورة السورية وهم الناشطون الشباب؟ ولا أتكلم هنا عن الصفحة الحالية التي يجد الزائر عناءً بإثبات نسبتها إلى المجلس ولكن أتكلم عن تواصل جدي يستفيد من التقنية ليسمع صوت الشارع ويسمع الشارع صوته بشكل يومي وبكل شفافية حتى لا نتفاجأ نحن شباب المعارضة بتصريحاتهم على قنوات الإعلام وحتى لا يتقاجؤوا هم بمواقفنا تجاههم.
أمر بديهي ثان، يجمع المحللون على ضرورة توحد المعارضة وخصوصاً المجلس والهيئة ليتم الاعتراف الدولي بهم، ولكن يبدو أن ذلك مستحيل ما داموا يتحاكمون إلى العقلية القديمة في المحاصصة والتوهم بأن النظام سقط وهم يقتسمون مقاعد البرلمان السوري الحر، هل من المعقول عدم قيام واحد من مئات المعارضين الذين يتمتعون بكرسي في كيانات المعارضة المختلفة (مجلس – هيئة – تيار – علماني – ديمقراطي) ويقدم مبادرة لتجاهل السياسي قليلاً للعمل على المجال الإغاثي الطارئ؟، وكأن اتفاق المعارضة هو بين أطراف متحاربة تريد عقد هدنة محكمة البنود ونسوا الحرب الحقيقية التي يخوضها الشعب الأعزل ضد أعتى آلة قمع عسكرية أمنية في المنطقة، هل الإغاثة وإسعاف الجرحى بحاجة إلى كل هذه الاجتماعات والبيانات والمداولات؟، فلتذهب الدولة المدنية والدينية والعلمانية والعربية والكردية إلى الجحيم ريثما يطفأ الجحيم المشتعل في المدن المنكوبة،
ينطلق الكلام السابق من افتراض حسن النية بالجميع وافتراض قيام بعض الشخصيات بالمساعدة ببعض عمليات الإغاثة بشكل فردي وقدرتهم على ذلك ولو عن طريق العلاقات العامة بأبسط تقدير، ولكن المسؤولية والواجب أعظم من ذلك وخصوصاً في حالات الهجوم المسعورة من قبل النظام على بعض المناطق السكانية التي يستشيط غضب جميع أطراف المعارضة حزناً عليها على وسائل الإعلام، فهاهي بابا عمرو وجسر الشغور والبياضة ترزح تحت الحصار وهاهي الزبداني خاضت معركتها وحيدة على مرأى ومسمع الجميع، ولم يكن هناك أي دور لنخب المعارضة إلا بتكرار الكلام ذاته على الإعلام وترك عبء الإغاثة على الناشطين الشباب المفتقرين لكثير من الخبرة والإمكانيات.
في النهاية لا نملك نحن الناشطين الشباب باعتبارها ثورتنا إلا أن نستمر في الضغط على المجلس ونحاول تلمس قنوات الاتصال معه وتقديم الاقتراحات والمبادرات لعلها تجد أذناً صاغية فيبدو أنهم ورثوا بعض آليات عمل المؤسسات الحكومية جراء حكم 40 سنة من هذا النظام المستبد الفاسد وكلنا أمل أن الشعب السوري العظيم الذي أبدع هذه الثورة قادر على إبداع الحلول لغاية اسقاط الطاغية وإقامة دولة العدل والحرية والكرامة.
تعليق واحد
كل كلمة وردت في هذه الصفحة صحيحة، بدأ من وصف أستراتيجيات المعارضة بالمراهقة السياسية. عليهم وضع ورقة عمل سياسية موحدة لاسقاط النظام نابعة من متطلبات الشعب وتكون مسودة لبعض بنود الدستور، وبعد ذلك الخيار للشعب فيمن يبقى وفيمن يزول. أما اّن لنا أن نتعلم أنه لا مواقف ثابتة ومبدئية في السياسة. هذا كان أيام حافظ الأسد وللاستهلاك المحلي فقط. انهم تسببوا بميوعتهم هذه في الكثير من اراقة الدماء.