أبو الملك
——————
يكثر الحديث يومياً في الآونة الأخيرة – خصوصاً بعد أن أعلن النظام عن نيته إنهاء الأزمة عسكريا (عملية الحسم) – عن أنَّ المسؤولية تقع على عاتق الجيش الحر و أنه هو المُسبب في ازدياد بطش النظام، إلا أنَّ هذا الرأي و للأسف ينم عن التشبث بالأفكار وعدم المرونة في التعامل مع الواقع بواقعية ومنطقية . فيما يلي سأطرح نقاط تعطي كل طرف حقه و أبين فيها وجهة النظر الأكثر منطقية و البعيدة تماماً عن التشنج لأي حل من الحلول.
سلمية الثورة عنصر أساسي في ثورة الكرامة السورية و كان لها الفضل في إنجاز ثلثي الثورة ولذلك كونها قد حقق الأهداف التالية:
– إسقاط النظام أخلاقيا بسبب تعامله الوحشي و الصبغة الأمنية التي تعامل بها مع المتظاهرين السلميين في بداية الثورة.
– حشد التعاطف الدولي و كذلك تحريك الدول الفاعلة لدعم قضية الشعب السوري في ثورته للحرية و الكرامة.
– كسر الطوق الإعلامي المفروض على الشارع الثائر سلمياً و إيصال جرائم النظام للعالم.
– فضح ممارسات النظام و فبركاته من خلال العمل الإعلامي لإبراز الحجج التي تُظهر كذب النظام و مراوغته.
– حشد الشارع و تنظيمه تحت شعارات الوحدة الوطنية و نبذ الطائفية التي يعمل النظام على تغذيتها.
– إنجاز كتلة سياسية في الخارج لدعم حراك الداخل (بغض النظر عن المآخذ ) وهو إنجاز هام.
و لكن بالنظر لتاريخ الثورات السلمية فإننا نجد أن الثورة السورية بسلميتها حققت فوق السقف المتوقع لها لأن شروط نجاح الثورة السلمية غير متوفرة على أرض الواقع في سوريا بسبب وجود الجيش الموالي الذي لم يدخر رصاصة إلا وزرعها في صدور الشعب المنتفض دون تمييز بين طفل أو شيخ أو أمرأة وإنما كل من هو متظاهر فهو مستهدف بالقتل أو الإعتقال و التنكيل. ومن هنا من ينكر دور السلمية فهو مجحف في حق الشهداء الذي قضوا في هذا المسار السلمي.
ولكن ماذا بعد … فالسلمية وصلت الأفق المرجو لها , لا وبل تجاوزته إلى ما هو أبعد و لكن بسبب القمع فقد خمدت المناطق الأكثر اشتعالاً بدءاً من درعا إلى دير الزور وحماة. ولكن بالنظر إلى عاصمة الثورة –حمص- فنلاحظ أنَّ السيناريو الذي حصل في درعا من اشتعال فقمع فخمود وكذلك الأمر بالنسبة لحماة ودير الزور لم يحصل في حمص وبقيت حمص بشكل مستمر منذ انتفاضتها إلى الآن! فلماذا يا ترى لم تهدأ حمص و لم يتحقق للنظام ما كان يرجوه على منوال درعا مثلاً ؟ وكيف عادت درعا للحراك بعد الخمود النسبي؟ الجواب الوحيد لهذه التساؤلات هو ظهور منظومة الجيش الحر والتي أسهمت في حماية المظاهرات في حمص بالتحديد لوفرة عناصر الجيش الحر فيها وهذا ما عقد من مهمة القناصة و الجيش الأسدي الذي كانوا يصولون ويجولون في جولات اصطياد دونما أدنى خوف أو رادع. فعناصر الجيش الأسدي بعد منظومة الجيش الحر غدت قوة بات يُحسب حسابها على ضعف إمكاناتها إلا أنها منعت الكثير من ممارسات الجيش الأسدي وحمت عملية التظاهر السلمي.
مما ذكر أعلاه وفي ظل وجود الجيش الموالي فإنَّ إنجاز الثورة بالسلمية وحدها أمر أقرب للمستحيل في ظل الحصار والتنطيل و القتل و غيرها من أساليب النظام , فلا بد هنا من عنصر يتمم الثورة السلمية و يوصلها إلى أهدافها. وبكلمات أخرى فإنَّ الثورة كالحربة تماماً جسدها هو السلمية التي تضرب وتوجع و تعطي الصوت في العراك مع وحش كاسر إلا أنها بدون رأسها الحاد الذي يجهز على هذا الوحش ستكون عبارة عن عملية انتحارية بامتياز … فبدون الرأس الجارح (الجيش الحر) ستغدو عصا توجع لكنها لا تقتل.
أعود لموضوع المجازر التي يرتكبها النظام حالياً في حمص و غيرها وهل المسؤول فعلاً هو وجود الجيش الحر الذي يبرر النظام من خلاله قمعه الوحشي للمناطق الثائرة و الخارجة عن سيطرته! المنطق و العقل هنا يوحي بالإجابة البديهية أنه في حال لم يكن هناك جيش حر فالنظام ستخذ من العصابات المسلحة ذريعة لقمعه و بطشه وهذا على فرض أنَّ الشارع مازال قادراً على الحراك بزخم شعبي بغياب الجيش الحر. الأمر الآخر في موضوع المجازر هو الموضوع الإحصائي و الذي يثبت أنَّ النظام يرتكب المجازر و بأعداد تفوق الأعداد الحالية في الوقت الذي لم يكن الجيش الحر متواجداً على الأرض كقوة فاعلة وإنما كان حينها التظاهر السلمي فقط، وهنا سأورد فقط ما هو فوق الأربعين شهيد وسأورد رابط توثيق الشهداء أسفله :
– الأربعاء 23/3/2011 عدد الشهداء 52 شهيد
http://syrianshuhada.com/Default.asp?a=la&p=date&v=23/3/2011
– جمعة الصمود 8/4/2011 عدد الشهداء 72 شهيد
http://syrianshuhada.com/Default.asp?a=la&p=date&v=8/4/2011
– الأحد 17/4/2011 عدد الشهداء 44 شهيد
http://syrianshuhada.com/Default.asp?a=la&p=date&v=17/4/2011
– الجمعة العظيمة 22/4/2011 عدد الشهداء 157 شهيد
http://syrianshuhada.com/Default.asp?a=la&p=date&v=22/4/2011
– السبت 23/4/2011 عدد الشهداء 48 شهيد
http://syrianshuhada.com/Default.asp?a=la&p=date&v=23/4/2011
– جمعة الغضب 29/4/2011 عدد الشهداء 162 شهيد
http://syrianshuhada.com/Default.asp?a=la&p=date&v=29/4/2011
– الأحد 1/5/2011 عدد الشهداء 65 شهيد
http://syrianshuhada.com/Default.asp?a=la&p=date&v=1/5/2011
– جمعة التحدي 6/5/2011 عدد الشهداء 43 شهيد
http://syrianshuhada.com/Default.asp?a=la&p=date&v=6/5/2011
– جمعة آزادي 20/5/2011 عدد الشهداء 50 شهيد
http://syrianshuhada.com/Default.asp?a=la&p=date&v=20/5/2011
– جمعة أطفال الحرية 3/6/2011 عدد الشهداء 84 شهيد
http://syrianshuhada.com/Default.asp?a=la&p=date&v=3/6/2011
– مجزرة جسر الشغور الأحد 5/6/2011 عدد الشهداء 56 شهيد
http://syrianshuhada.com/Default.asp?a=la&p=date&v=5/6/2011
– جمعة العشائر 10/6/2011 عددالشهداء 210 شهيد
http://syrianshuhada.com/Default.asp?a=la&p=date&v=10/6/2011
– مجزرة هلال رمضان الأحد 31/7/2011 عدد الشهداء 140 شهيد
http://syrianshuhada.com/Default.asp?a=la&p=date&v=31/7/2011
– مجزرة دير الزور الأحد 7/8/2011 عدد الشهداء 144 شهيد
http://syrianshuhada.com/Default.asp?a=la&p=date&v=7/8/2011
– الأحد 14/8/2011 عدد الشهداء 43 شهيد
http://syrianshuhada.com/Default.asp?a=la&p=date&v=14/8/2011
– جمعة بشائر النصر 19/8/2011 عدد الشهداء 45 شهيد
http://syrianshuhada.com/Default.asp?a=la&p=date&v=19/8/2011
– الأربعاء 7/9/2011 عدد الشهداء 48 شهيد
http://syrianshuhada.com/Default.asp?a=la&p=date&v=7/9/2011
و إذا أردت الاطلاع على الأعداد في كل يوم فهي متوافرة على الرابط التالي :
http://syrianshuhada.com/default.asp?a=st&st=3
كل ما ذكر من أرقام مهولة و لم يكن الجيش الحر فاعلاً على الأرض بعد, فهل مع هذه الأرقام – و التي تزيد على الأرقام التي نشهدها في ظل وجود الجيش الحر- وبنفس المنطق سنلوم سلمية الثورة على تكبيدنا لهذا الكم من الأرواح . يتجلى مما سبق جلياً أيضاً أنَّ النظام يسعى لقمع الثورة و قمعه هذا ليس بسبب الجيش الحر و إنما الثورة بعينها, و الجيش الحر بعينه هو الأمر الذي لم يكن بحسبان النظام الذي أمن تواطئ المجتمع الدولي ليقمع الانتفاضة الشعبية. وإن عدنا لتاريخ المجازر ما قبل الجيش الحر نلاحظ أنَّ النظام و قبل غزو أي مدينة يفبرك بعض الفيديوهات ليتخذها ذريعة لهجومه على المدينة و فرض السيطرة عسكرياً وأمنياً.
أخيراً فإن منظومة الجيش الحر هي تتمة السلسلة السلمية و أهداف الثورة السلمية لن تتحقق وأرواح أبطال الحراك السلمي أتخذتها أرواح الحراك المسلح لتتمم لها مبتغاها …. فكل مرحلة لها أبطالها و الأبطال جميعهم يسعون لتحقيق الأهداف التي نادت بها ثورتنا يوم انطلاقتها … فمن باب الخيانة لأرواح الحراك السلمي عدم تكملة الطريق نحو الحرية.
وعاشت الثورة ملتهبة حتى النصر
ويلعن روح بيت الأسد و من حام حولهم.
تعليقان
كبييييير يا أبو الملك
نسيت انه صار في عنا 5864 كاميكازي .. مفكر مافي غيري
أنس كاميكازي يتكلم 🙂