دلير يوسف
—————–
سيسجل التاريخ بلا أدنى شك بأن الدكتور برهان غليون هو الرئيس الأول للمجلس الوطني السوري، وهو (أي المجلس) التجمع الأكبر للمعارضة السورية في أكبر الثورات من الناحية الشعبية والجغرافية ضد نظام الأسد. أي يمكننا القول بأنّ برهان غليون هو أول قائد شعبي، إن جاز لنا التعبير، بعد التسعة والتسعين بالمئة المفترضة التي كان يحوز عليها بشار الأسد في مبايعاته المزعومة.
كيف ذلك؟
بعد أن بدأت الثورة السورية التي قام بها شباب سوري لا ينتمي حزب ما أو دينٍ ما بل كان متنوع الثقافات وذو خلفيات مختلفة. حينها برز عدد من المعارضين السوريين الجدد والتقليديين، وهنا أقصد السياسيين لا الثوار. وكان أبرز هؤلاء الدكتور برهان غليون، وذلك لكونه دكتور علم الاجتماع السياسي في جامعة السوربون، مما أدى إلى لجوء معظم الفضائيات المهتمة بالشأن السوري إلى شخصه من أجل تحليل الواقع السوري. هذا جعل منه وجهاً معروفاً لدى الشارع ومحبباً له وذلك ﻷنه لم يخرج عن خطاب الشارع وإرادة الشعب في معظم أحاديثه. كما كان الدكتور برهان من المعروفين لدى النخبة السياسية والمثقفة. وقد كتب غليون عدداً من المؤلفات الهامة تبحث في الاختصاص الذي يدرّسه.
كلّ ما سبق أدى إلى أن يستعين به الساسة السوريون ليترأس مجلساً كان مرفوضاً على نطاق واسع في بداياته. لكن ومع استلام برهان غليون رئاسة المجلس بدأت تنضم إليه فئات أخرى من الأحزاب والتنسيقيات والأفراد. اتسع نطاق المجلس واستحوذ على إعجاب الشارع لدرجة تسمية إحدى الجمع بـ “المجلس الوطني يمثلني” وكان عمل غليون لا بأس به، فنادى بما كان يطلب منه الشارع ورفع أهدافهم، لكن الساسة السوريون “العباقرة” لم يتركوا الأمر يمر مرور الكرام، بل كان يكيدون المكائد للغليون “ويحفرون من تحته” تلبية لمصالح شخصية ولرغبة في التسلق على عرش الثورة، ظناً منهم أن الثوار سيتخلوا عن غليونهم بسهولة.
كان رد ثوار حمص واضحاً، عندما هتفوا “برهان غليون.. معاك للموت” لكن يبدو للمتابع بأن برهان غليون بعد ثلاثة أشهر من رئاسة المجلس الوطني قد أُنهك واُستنزفت قدراته خاصة بعد ما تم التوقيع على ورقة التفاهم بين المجلس والهيئة الوطنية للتنسيق. وهذا ما أغضب السوريين ورفعوا البطاقة الصفراء في وجه غليون. لكنهم لم يتخلوا عنه بشكل نهائي.
قد فعل برهان غليون ما طُلب منه وأكثر في الأشهر الفائتة، وكان قائداً حقيقياً أحبه جزءٌ لا بأس به من الشعب لا كما الأسد، وأعتذر عن التشبيه.