بقلم : a alh
————————–
يقول دانيال أوكنيل:
((دعني أكتب أغاني الشعب و لا أبالي بمن يضع قوانينه))
رحم الله القاشوش فهل كان يدرك أنه بنشيده الشهير يلا ارحل يا بشار، كان يضع القانون الذي ستسير عليه سوريا، و هل كان يعلم أنه بهذا النشيد كان يرسم فعلاً المستقبل في سوريا.
إن هذا النشيد فاق بتأثيره في السوريين كل المراسيم التي أصدرها السيد بشار الأسد منذ أن غيروا الدستور ليتسلم السلطة، فجاء نشيد القاشوش ليكون المرسوم الذي أصدره الشعب ليعلن إقصائه من موقعه، انه التعبير الحي عن الروح التي ثارت على الظلم والقهر، و الملخص الذي لا يقبل الشك لمصير سوريا المستقبل.
إن الاشتراك الجلي للموسيقى في تقرير حقائق الحياة الاجتماعية و السياسية، يأخذ من الوضع السوري أبلغ مثال فالبداية مع أغنية يا حيف التي كانت المرحلة الفاصلة و التي مهدت للسير إلى هذا التسونامي من الأغاني الثورية المنادية بالحرية التي تأبى الظلم، كما أن تطور مراحل الثورة رافقه و أحياناً تقدم عليه هذا الزخم الموسيقي.
و على الطرف الآخر و من قبل النظام الذي يدرك العارفين ببواطن الأمور فيه(و أشك أنهم لا يزالون موجودين) أهمية هذه الناحية كشكل من أشكال الدلالة الرمزية للسيطرة و المنهاج، فقد لجئوا إلى رصيدهم من الأغاني و لكن كما كل شئٍ يقومون به، فهو ناقص سخيف ركيك فكانت أغانيهم القديمة تبدو بعيدة عن الروح الحالية، أما أغانيهم الحالية فهي المثال الساطع عن حقيقتهم فكانت من الضعف و السماجة بمكان، إنها ثقيلة الوقع على الأذن و النفس و لا يمكن لذي القلب و العقل أن يتقبلها فقد ترعرعت في قمامة الذل والخنوع.
ومن الملاحظ أن الموسيقى الثورية كانت تعبر تماماً عن اللحظة التي يعيشها الشعب، فالبداية كانت بنمط الموسيقى التي تثير الهمة و تأسف على ما حصل للأطفال، ثم انتقلنا إلى الموسيقى التي تبعث التفاؤل وتبين الانتشار الثوري، فكانت كل منطقة من سوريا تخرج بأسلوبها الخاص، و الآن و بعد أن أصبح الجيش الحر حقيقة واقعة ستجد أن الأغاني أصبحت تشد من أزر المنضمين إليه و تدعو إلى دعمه.
إننا نثق بدامون حين قال:
عندما تتغير أساليب الموسيقى تتغير معها قوانين الدولة الرئيسية.
و لكن هل تغير الموسيقى القوانين أم أنه بتغير القانون تتغير الموسيقى، لربما كان القول الصحيح :
أنه بتغير أخلاق الشعب تتغير أساليب الموسيقى ويظهر ذلك بتغير قوانين الدولة الرئيسية.
إننا نريد دولتنا القادمة كموسيقى الثورة كلها أمل و تفاؤل، ترفع من مكانة العمل و التضحية و تشجع على الوحدة و التآلف، تريد الرحمة و العدل و تنبذ الظلم و الطغيان.
إن التحدي العظيم الذي نمر به جميعنا على المستوى الشخصي بدايةً حيث تتصارع في النفس قوى الخوف و الرغبة في الحرية، حيث الضمير يخزنا و يؤلمنا ثم عندما ننتقل للمستوى الجماعي فتظهر إضافات العمل المشترك و روح الفريق لتصل إلى الذروة في الفن الراقي الذي يصدق مع صاحبه و مع محيطه.
إنكم بألحانكم تضعون الدساتير الجديدة فامضوا على بركة الله.
بوركتم وطبتم عسى أن يجعلكم الله من الصالحين و يورثكم الأرض انه عزيز حكيم