نور الدين الدمشقي *
لم يوفر النظام الحاكم في دمشق وأبواقه أي جهد في وسم الثورة بالطابع الإسلامي السني لتحييد باقي الطوائف وإبعادها عن الثورة وتخويفها من السنّة ونجح في ذلك إلى حدٍ ما من ما يتضح لنا من تصريحات البطرك الماروني وخوفه من الأسوأ. ويشيع كذلك أنه النظام العلماني حامي الأقليات في سوريا وأن البديل عنه سيكون نظاماً إسلامياً متطرفاً يسلب الأقليات حقوقها ويضطهدها ويفرض عليها الجزية والحجاب ويطبق عليها الحدود وبث أفلاماً في اليوتيوب لمظاهرات تردد شعارات طائفية لتخويف الأقليات من القادم. فهل النظام القائم “حامٍ للأقليات” كما يدّعي أم أنه عدوها الذي حاربها وهمّشها؟
الجواب ليس بصعبٍ فالتاريخ أمامنا رحب ونستطيع تصفح كتابه الذي أصبحت الأنظمة الآن عاجزة عن حجبها بمقص الرقيب أو الحجب الإلكتروني.
سوريا ما قبل البعث:
لا يزعم أحد أن سوريا ما قبل البعث كانت جنة، فقد شهدت بعض الهزات مثل فتنة عام 1860 التي بدأت في جبل لبنان بين الطائفتين الكريمتين المارونية والدرزية وانتقلت لدمشق بفعل بعض الجهلة والأيادي الخبيثة وكان لرجال الدين الإسلامي وخاصة الأمير عبد القادر الجزائري وآل العطار ورجال دين آخرين دور بارز بوأدها وحماية المسيحيين من القتل. [1] ولم تكن أيدي الأوربيين بريئة في تلك الفتنة، فقد كانت أسواق الحرير في أوربا في تلك الفترة تعاني من خسائر فادحة نتيجة الأمراض التي ضربت دودة القز وكانت مصانع المسيحيين المشرقيين المنافس الأبرز للأسواق الأوربية، وخاصة الفرنسية. وتخلصت أوربا أثناء تلك الفتنة من المنافس المشرقي فقد تدمرت مصانعهم بفعل الفتنة وخلى السوق للتجار الأوربيين. [2] وشهدت سوريا أيضاً احتكاكات بين العلويين من جهة والإسماعيليين من جهة أخرى عام 1919 إثر بروز زعامة الشيخ صالح العلي على منطقة القدموس. لكنها كانت حالات جرى احتواءها دون أن تتطور لحالة عامة أو ممنهجة لتشكل مصدر لعدم الاستقرار والاضطراب في البلد.
وبنظرة على سوريا الحديثة منذ ما قبل قيام النظام: هل كانت الأقليات مضطهدة في سوريا؟ ولنأخذ المسيحيين مثالاً وفارس الخوري تحديداً: تقلد فارس الخوري في تلك المرحلة منصب رئيس البرلمان ثم رئيساً للوزراء ليس لمرة واحدة بل لمراتٍ عدة وكانت سلطته تمتد للمساجد والأوقاف والمقابر الإسلامية كذلك. ويجب أن نبقي في الحسبان أن النظام آنذاك كان برلمانياً وكانت له صلاحيات واسعة، لم هناك أي تمييز ضده بسبب دينه وكانت علاقته مع رجال السلطة الآخرين أكثر من طيبة وخاصة مع الشيخ تاج الدين الحسني الذي تقلد رئاسة الجمهورية ذات مرة.
قُبيل انقلاب الثامن من آذار
وبتجاوز مرحلة الوحدة ودخول مرحلة ما بعد الانفصال، ومحاولة رؤية أي تمييز ضد الطوائف، ولننظر الآن إلى الطائفة الدرزية الكريمة، نجد أن رئيس أركان الجيش شوكت شقير كان درزياً[3] واستمر بمنصبه لأربع سنوات من زمن حسني الزعيم لأديب الشيشكلي وما بعده.
أما في الفترة القصيرة لما قبل انقلاب الثامن من آذار المشؤوم والفترة التي تلته فبدأ عهد الاستبداد الشوفيني العروبي. وبدأ التمييز في سوريا للمرة الأولى على نحو قانوني ممنهج وكان الهدف هو الأقلية الكوردية وظهر في سوريا في هذه الفترة تمييز طائفي ممنهج للمرة الأولى في تاريخها الحديث.
اضطهاد الكورد
ففي الشأن الكوردي جرى إحصاء استثنائي عام 1962 لمدة يوم واحد جرد من خلاله حزب البعث وحلفائه الشوفينيين ما يقارب من 150.000 مواطن سوري (وما يثير السخرية أن وزير الدفاع السوري الأسبق عبد الباقي نظام الدين كان ممن ورد اسمهم مع المجردين من الجنسية!!!)[4] وخلق مشكلة كوردية في سوريا لم تكن موجودة حينما كان عادياً جداً أن يتبوأ تركماني أو كردي مناصب حساسة وصلت لرئاسة الحكومة كمحسن البرازي ورئاسة الجمهورية كأديب الشيشكلي المنحدران من أصول كردية [5]..
ومن أجل توخي الدقة التاريخية يجب ذكر أن البعث استولى تماماً على السلطة في عام 1963 لكنه كان شريك أساسي في تشريع هذا القانون مع الشوفينيين العروبيين الآخرين في سوريا كالناصريين ومن لف لفهم. وتفنن البعث في زيادة تعقيد حياة الكورد عندما شرع بتطهير مناطق كاملة من سكانها والاستيلاء على أراضيهم بعهد حافظ الأسد خلال عامي 1973 و 1974 عندما طبق ما أسماه “الحزام العربي” وجرد الكورد من أراضيهم على امتداد 375 كم هي طول الحدود العراقية والتركية لمحافظة الحسكة وعلى عرض بين 10 و15 كم.[6]
تصفية الدروز
وفي الشأن الطائفي بدأت في هذه المرحلة بروز تنافس معلن بين الطائفتين الكريمتين الدرزية والعلوية وخاصة بعد انقلاب 23 شباط حيث “بعد انقلاب 23 شباط ، شعر البعثيون من أبناء جبل العرب بأنهم على طريق التصفية من الحزب ومن الحكم، فقد طرد حمود الشوفي من الحزب وقبض على منصور الأطرش وشبلي العيسمي وعزل حمد عبيد الذي كان وزيرا للدفاع وكان يتوقع أن يبقى في هذه الوزارة بعد 23 شباط ولكن بدلا من ذلك ألقي القبض عليه وأحيل للمحاكمة بتهمة التمرد.”[7] فقاد هذا سليم حاطوم محاولة انقلابية جلها من الضباط الدروز البعثيين في الجيش منحازاً للقيادات القديمة التي ساعد هو بالقضاء عليها من أمثال ميشيل عفلق وأمين الحافظ وصلاح البيطار إلا أن أمره انكشف واعتقل جلّ أعوانه من الضباط–الذين كانوا من الدروز—واختفى حليفه في هذه الخطة اللواء الدرزي فهد الشاعر. ضجت السويداء لهذا الأمر فسافر صلاح جديد مع نور الدين الأتاسي الرئيس الصوري لسوريا آنذاك إلى السويداء. فما كان من حاطوم إلا أن اعتقلهم في مقر الحامية. وفي هذه المرحلة يبرز حافظ الأسد وزير الدفاع آنذاك لاعباً أساسياً على الساحة السياسية-العسكرية، فقد أرسل نفاثات لتطير فوق قلعة السويداء إضافة لتحريك بعض القطع الحربية نحو السويداء ما جعل حاطوم يقتنع بأن قضيته خاسرة ويلجأ سياسياً إلى الأردن. ثم يعود بكل سذاجة بعد نكسة السادس من حزيران متناسياً الحكم بالإعدام الذي صدر ضده بتهمة العمالة مع إسرائيل فأعدم في صباح 26 حزيران 1967.[8]
تصفية الإسماعيليين
وتبع تصفية الدروز من الحزب والجيش تصفية الأسد الضباط المنتمين للطائفة الإسماعيلية الكريمة، مستغلاً الخلافات التي اندلعت عام 1968 بينه وبين صلاح جديد. كان الأسد مسيطراً على الجيش من خلال منصبه كوزير للدفاع وكان جديد مسيطراً على الحزب من خلال القيادة القطرية. فجرت هزيمة حزيران هذه الخلافات وأدت إلى اجتثاث الأسد للقيادتين العسكريتين الإسماعيليتين اللتان اصطفتا إلى جانب جديد في خلافه مع الأسد أحمد المير، الذي حمله الأسد مسؤولية الهزيمة التاريخية في النكسة، فأبعده إلى مدريد ليكون سفيراً هناك وعبد الكريم الجندي عندما كلف حافظ الأسد أخوه رفعت محاصرته والتضييق عليه إلى أن انتحر (أو نُحِر) عام 1969. وأكمل الأسد على المسؤولين الإسماعيليين عندما أقصى سامي الجندي أحد أبرز مفكري البعث الأوائل وعينه سفيراً لسوريا في باريس، الذي انشق لاحقاً، وأقصى أيضاً خالد الجندي الذي كان يشغل رئاسة الإتحاد العمالي حيث وضعه تحت الإقامة الجبرية، هرب لاحقاً إلى لبنان، ولم يسلم الإسماعيليين المدنيين في البعث من الإقصاء[9]
تصفية السنّة
ولم يكن حظ السنّة، على الرغم من تمثيلهم المتواضع، بأحسن من الدروز والإسماعيليين، فأقصى الأسد أحمد سويداني من رئاسة الأركان عام 1969 وعين تابعه مصطفى طلاس مكانه.[10]
الصراع العلوي-العلوي
إذن فجّرت النكسة الخلافات بين صلاح جديد، الذي ارتكب الخطأ القاتل بتخليه عن المناصب العسكرية، والأسد الذي كان يحكم سيطرته عندما ضم وزارة الدفاع لقيادته للقوات الجوية ثم رئاسة المخابرات ومنح تابعه، كما سبق، مصطفى طلاس رئاسة الأركان. ارتكب جديد، ممثلاً بالقيادة القطرية التي جرد رئيسها، صلاح جديد، نفسه من كل أوراق القوة عندما خلع بزته العسكرية وترك الجيش للأسد، خطأً حاسماً عندما أصدرت القيادة القطرية قراراها الغبي بعزل الأسد وطلاس من مناصبهما، بعد تسليم الأسد الجولان وإعلان سقوط القنيطرة في البلاغ العسكري رقم 66[11] رغم صمودها حتى التاسع من حزيران بفضل دفاعاتها المحصنة وموقعها الجغرافي القوي فما كان من الأسد إلا أن قاد انقلاباً سهلاً في 16 تشرين الأول (نوفمبر) 1970 وزجّ بجديد والأتاسي إلى السجن فمات الأول والثاني بعد خروجه من السجن ببضعة أشهر[12].
وليثبت أركان حكمه ويضمن سلطة ذات ديمومة وتماسك اعتمد الأسد على “مقرّبين موثوقين يؤتى بهم من الطائفة والقرية ومن الماضي الشخصيّ أكثر ممّا يُعوّل فيه على الأفكار والصبوات المستقبليّة المشتركة”[13].
إذن بعد أن استعدى الأسد كافة الأقليات من كورد ودروز وإسماعيليين بل وقسم كبير من العلويين، بعد إطاحته بصلاح جديد، وبعد أن أحكم سيطرته على الجيش وروّض الحزب بتطيير كل قياداته المؤسسة أو الفاعلة وحوله لستار يتخذ من وراءه القرارات الفردية أولى اهتمامه للمجتمع. فأرضى البرجوازية السنية في دمشق وحلب من خلال تبريد التأميمات وتبني اشتراكية كلامية فكسب تأييد هذه البرجوازية المتحكمة بالأغلبية السنية وبدأ يصفي أعداءه من باقي الأحزاب والنقابات.
تصفية الشيوعيين والإسلاميين
كان أقوى خصمين للأسد من خارج حزب البعث في تلك المرحلة هم الشيوعيين والإسلاميين. فاستغل خطأ الأخوان المسلمين القاتل آنذاك عندما لجأت الطليعة المقاتلة إلى حمل السلاح ضده ليشن حملة شعواء ضدهم وضد كل المعارضين من كافة المشارب السياسية بمن فيهم الشيوعيين والقوميين وبقايا البعثيين المعارضين له! ووجه للإسلاميين الضربة القاضية بالقانون 49[14] الذي أصدره مجلس الشعب السوري ويحكم هذا القانون بالإعدام على كل منتسب للإخوان المسلمين.
أصبح النظام منبوذاً في المجتمع في هذه الفترة فقد أقصى الدروز والإسماعيليين وقتّل السنة وهمّش المسيحيين ودفعهم (في الفترة 1979-1985 وما بعدها) للقيام بهجرات كثيفة نتيجة انعدام الحريات والمعارك العسكرية مع الإخوان وما تبعها من تصفية كل المعارضين ما أدى إلى انخفاض أعداد المسيحيين من 20% (قبل استلام حزب البعث الذي يدعي العلمانية)[15] إلى 16.5% عام 1980[16] إلى ما بين 8 و10% عام 2005 من نسبة السكان[17] وكان النظام منبوذ أيضاً بين العلويين لمناصرة كثيرين لصلاح جديد الذي ينحدر من أسرة عريقة على عكس أصول الأسد المتواضعة. فكان خطأ الإخوان السابق ذريعة استخدمها النظام لترهيب الأقليات من السنة وأنه حاميهم وأن التشريد والقتل سيكون نصيبهم إن سقط وعاد السنّة.
لم يكن العالم آنذاك منفتحاً على الوسائل التكنولوجية الحديثة ولم يكن لدى السوريين سوى القناة الأولى للتلفزيون السوري، كان النظام يقدم لنا جرعات يومية شبيهة بما يعرضه كل يوم أثناء الثورة، عن عصابات وعمليات قتل يرتكبها الإخوان. ومن الطبيعي أن يصدق الناس هذه القصص فقد كان التلفزيون السوري هو المصدر الأوحد لأي معلومة فأنشأ النظام حينها حاجز الخوف من السنة لدى باقي أبناء الشعب السوري وأوهم الأقليات أنه الحامي الأوحد لها وخلق عقدة ذنب لدى المسلمين السنة عن جرائم لا ناقة لهم ولا جمل فيها.
حتى بعد القضاء التام على الإخوان، تابع الأسد هجومه عليهم وكان على الأطفال في المدارس أن يرددوا شعارات تندد الإخوان المجرمين كل صباح ليضمن عدم تشكيلهم أي تهديد ولو مستقبلي، كيف لا وقد أنشأ جيل جديد على الخوف من الإخوان بشكل مباشر والسنة بشكل غير مباشر!
مملكة الصمت
بعد هذا سادت مملكة الصمت كما يسميها الشيوعي البارز رياض الترك. لقد أقام حافظ الأسد مملكة الصمت على عظام رفاقه من حزب البعث وخصومه من الإخوان وعلى جثث أربعين ألف مواطن سوري من أبناء وطنه في حماة وعلى جثث مئاتٍ من منتسبي الحزب الشيوعي والإخوان في تدمر وعلى أقبية المخابرات!
التوريث
بعد تخلص حافظ من رفعت والقضاء على الموالين للأخير في الجيش استغل حافظ خوف الناس كلهم منه ومن معارضته فبدأ يُحضر ابنه باسل لخلافته في هذه المملكة. لكن كان لله كلمة فاصلة، فأذاق الله حافظاً كأساً علقماً جرّعه لشعبه عندما قبض ابنه فلذة كبده باسل بحادثٍ سيارة. يُمهل الرب ولا يُهمل! أذاق الله حافظاً من كأسٍ مرٍ أذاقه لعشرات الآلاف من السوريين واللبنانيين والفلسطينيين. فكان أن استدعى بشار من بريطانيا إلى سوريا حتى يدربه على خلافته في المملكة.
بعد موت حافظ تفاءل الناس بالرئيس الشاب الذي ظنوه إصلاحياً. ساد اعتقاد أنه سيوقف تغول الأجهزة الأمنية وسيعيد الحياة الديمقراطية للدولة وتعزز هذا الاعتقاد بعد خطاب قسمه الأول. كان هناك إشارات على رغبة بشار للإصلاح فكان ربيع دمشق لم يدم الربيع طويلاً فأحاله بشار شتاءاً حين أخذ برموز إعلان دمشق وزج بهم وراء القضبان! فبدا للعالم أجمع أن بشار وأبيه وجهان لعملة واحدة.
أعاد بشار تأسيس مملكة الصمت يإجرام ليس أقل من إجرام أبيه وعمه رفعت في مجزرتي قامشلو عام 2004[18] وسجن صيدنايا عام 2008[19] على يد أخيه ماهر الأسد وبدأت في هذه المرحلة تطيير الحرس السياسي القديم بعد أن قصقص أبوه أجنحة الحرس القديم في المجالين العسكري والأمني وذلك إما بشكل نظيف كإبعاد عبد القادر قدورة عن رئاسة مجلس الشعب أو من خلال نحر خصومه كحال محمود الزعبي رئيس الوزراء الأسبق ووزير الداخلية السابق غازي كنعان.
نهب الدولة
واعتمد بشار على عصائبية مقيتة في الامتيازات التي تمنحها الدولة فكانت الامتيازات تُعطى إلى المقربين منه وهم بغالبهم من الطائفة العلوية الكريمة. فالبترول موزّع بين العائلة المالكة وشركة المحمول كانت وما تزال لقريبه رامي مخلوف. لم يتردد بشار لحظة واحدة من أن يزج بالنائب رياض سيف في السجن على الرغم من حصانته البرلمانية عندما تجرأ الأخير وكشف أن إعطاء امتياز الخلوي لرامي مخلوف يكلف الميزانية خسائر باهظة تُقدر بمليارات الدولارات سنوياً. ولم ينس بشار أيضاً أن النائب مأمون الحمصي تجرأ وطالب في أن يترشح لرئاسة الجمهورية[20] فأتبعه صاحبه رياض سيف ضارباً بحصانته البرلمانية أيضاً عرض الحائط فكانت هذه سابقة في تاريخ سوريا تُسجل لبشار إذ لم يسبق حبس نائب واختراق حصانته البرلمانية منذ قيام سوريا الحديثة، ففاق في هذه والده.
وعقب اغتيال الحريري ومحاولة جورج بوش أن يُضيق الخناق على الأسد بعد احتلال العراق عمد الأخير إلى إلهاء أمريكا في مشكلتها بدعمه لما يُسمى بالجهاديين وتسهيل مرور مقاتلي القاعدة (وهو الأمر الذي يسميه مقاومة وممانعة) بإشراف مفتي البعث أحمد بدر الدين حسون ونجح في هذا فأغرق أمريكا بالوحل العراقي وأبعد خطرها عن نظامه.
حماية المسيحيين
وينازع الأسد فرنسا دورها التاريخي بصفتها حامية المسيحيين من خلال تخويفهم من “السلفيين” والإخوان والمتشديين مستشهداً بأفعال من سهّل مرورهم إلى العراق من الجهاديين والإرهابيين. ما اضطر نيكولا ساركوزي إلى تذكير البطرك الماروني بشارة الراعي بهذا حين زار الأخير فرنسا عندما قال له “نحن نحمي المسيحيين”[21]. يعتمد النظام في محاولة كسب تأييد المسيحيين له على تخويفهم من القادم كما قالت النيويورك تايمز[22] ومن الواضح محاولاته المستميتة لتوريطهم معه في دم السوريين حتى يُصبحوا مجبرين على حمايته فكان وما يزال يقيم حفلات غنائية لتأييد النظام في منطقة باب توما ذات الأغلبية المسيحية في الوقت الذي تكون دباباته تستبيح أراض سوريا أخرى ليوصل لباقي السوريين أن المسيحيين يرقصون على دماء الشهداء بينما المسلمين يُذبّحون على امتداد الوطن. والأخطر من الحفلات الغتائية هو تعيينه وزير دفاع مسيحي واستئجاره لأبواقٍ مسيحيين من لبنان وسوريا لتدافع عنه أمام الفضائيات العربية مثل عبد المسيح الشامي في الاتجاه المعاكس والسيد جهاد المقدسي الناطق باسم الخارجية.
النظام يريد توريط المسيحيين بالدم حتى يضطروا للدفاع عنه، إنه كما قالت اللوموند[23]، لا يحمي الأقليات بل يحتمي بها. يُخوفها ويرهبها حتى تلتف حوله ولتحميه من العالم. يحتمي النظام بالأقليات على الرغم من أنه أكثر من اضطهدها فلم يسلم منه أحد ولا حتى العلويين. لقد ذاق الدروز والإسماعيلون والمسيحيون والسنّة والعلويون والكورد من الأهوال ما ذاقوا. فهل يجوز بعد كل هذه الحقائق أن يقول ناعق أنه إن سقط الأسد سوف تباد الأقليات في المنطقة!
الأسد لا يحمي الأقليات؛ إنه يضطهدها!
* سوري مقيم في ألمانيا
مدونة شؤون سورية
[7] مذكرات أكرم الحوراني
[10] المصدر السابق
[13] المصدر السابق
[14] انظر: القوانين القمعية في سورية (1) القانون ) (49)لندن: اللجنة السورية لحقوق الإنسان، ]د، ت[(.
[15] http://www.azmibishara.com/site/topics/article.asp?cu_no=1&item_no=635&version=1&template_id=7&parent_id=4
[17] المصدر السابق