دلير يوسف
——————–
لعلّ هذا اللون، الأحمر، لم يُطلق على هذه المنظمة الإنسانيّة هكذا، بل لارتباط هذا اللون بلون دماء الجرحى والشهداء في الحروب، فعلى اختلاف التسميات بين دول الشرق والغرب من صليب إلى هلال تبقى أهداف هذه المنظمة من أسمى ما انتجت البشريّة خلال مخاضها المليء بالموت.
ثورة في سوريا، طرف يقتل طرفاً آخر، ويبقى متطوعو الهلال الأحمر في المنتصف يساعدون المحتاجين دون النظر إلى إنتمائاتهم وتوجهاتهم، دون معرفة ماذا يريد كلّ طرف. ينسى متطوع الهلال قبل خروجه من المنزل كلّ انتمائاته وتوجهاته، ويقى الهمّ الإنساني مسيطراً على تفكيره. مساعدة الإنسان للإنسان، دون أن يعرفه، هو جوهر عمله، عمله التطوعي. والتطوع هو أرقى أنواع العمل. تبذل جهداً دون أن تنتظر مقابلاً.
يعاني متطوع الهلال ما يعانيه، فمن تهديدات هنا ورصاصة طائشة هناك، واعتقال ينتظرك إن لم تستمع لأوامر عنصر ما في حاجزٍ ما في ذاك الشارع.
شارك متطوعو الهلال شبان سوريا في سجون الأسد، من الأب للولد. وخاصة في ظلّ هذه الثورة، على سبيل المثال لا الحصر، الشاب عبد العزيز الدريد، محمد نور عودة الذي مازال حتى تاريخ كتابة هذا المقال يقبع في أحد السجون السوري. ربما تكون تهمتهم هي إنسانيتهم الفائضة عن حدّ الجلاد.
كما امتزجت دماءٌ “هلاليّة” بتربة الأرض السوريّة، وشهيد الأمس خير دليل على ذلك. محمد الخضراء، مُسعف من متطوعي الهلال الأحمر، استشهد في دوما وهو يلّبي نداء الإنسانية. لا أعلم لماذا أفكر الآن بما قاله لأمه آخر مرة غادر فيها المنزل مودّعاً. توجه إلى دوما برفقة زملائه ضمن طاقمٍ للتحدث مع مدير منطقة دوما لـ”فك أسر” طاقم آخر كان قد اعتقله حاجز الأمن. بعد خروجه تمّ إطلاق النار على سيارته بشكلٍ مباشر مما أدى إلى استشهاده.
محمد الخضراء ليس شهيد الهلال الأحمر السوري الأول، فقد سبقه حكم السباعي في حمص، بخلاف عشرات الجرحى والمعتقلين.
لا أعلم كيف يمكن للمرء أن “يقتل إنساناً” التزم بمبادئ كهذه. لا أريد أن أصبغ متطوعي الهلال بلون الملائكة، لكنهم كادوا أن يصلوا.
ملاحظة: للهلال الأحمر والصليب الأحمر سبعة مبادئ وتسمى المبادئ الأساسية، يلتزم بها كل المتطوعين حول العالم منذ الساعة التي يتقدمون فيها للتطوع ولا أعلم إن كانوا سيتخلون عنها بقية الحياة. هذه المبادئ هي: الإنسانية، عدم التحيز، الحياد، الاستقلال، الخدمة التطوعية، الوحدة، العالمية.