راجح الشيخ
——————-
مناسبة هذا الحديث صدور عدد جديد من جريدة اليسار الناطقة باسم التجمع الماركسي اليساري ( تيم ) فمن المعروف أن حزب العمل الشيوعي أحد أهم مؤسسيه وبعض الأعضاء من هذا الحزب تتحضر هذه الأيام لانعقاد المؤتمر التأسيسي الذي سيعلن عملياً بعد ن أعلن إعلاميا عن إطلاق ائتلاف التغيير السلمي برعاية الرفيق ـ قدري جميل ـ وهو سيعتمد سياسة مناقضة لسياسة التجمع المذكور والغريب أن كافة المواد المنشورة في هذا العدد من جريدة تجمع ـ تيم ـ ورقمه / 36 / تعكس سياسة هيئة التنسيق الوطنية والتي فيها حزب العمل نفسه إضافة إلى أنها تؤكد سياسة تجمع ( تيم ) المنخرط أيضاً في هيئة التنسيق وبالرغم من ذلك فإن فلول حزب العمل المنخرطة في التحالف مع ـ قدري جميل ـ لا يعنيها توضيح الأمر للرأي العام ويبدو أن قدري جميل لا يعنيه طلب توضيح هذه إشكالية أن يتحالف مع حزب متحالف في الوقت نفسه مع خصومه في أكثر من حالة ولكن كلها بضعة أيام ويعقد المؤتمر التأسيسي وتشكل هيئة القيادة و مكاتب العمل أسوة بهيئة التنسيق وتبدأ مسيرة الخروج السلمي الآمن التي سيقرها ائتلاف التغيير السلمي ولا يبقى إلا أن يعود كل مواطن إلى بيته وينام قرير العين..!؟
من الطبيعي أن يسعى الرفيق ـ قدري ـ إلى التحالف مع أي معارض وبخاصة إذا كان سجيناً سابقاً فمثل هذا التحالف يساهم في تعزيز جهوده لإقناع الرأي العام بصدقية أن الجبهة الشعبية التي يرأسها معارضة للسلطة بحق وحقيق وكأن الرفيق قدري يقول: كيف يقولون إننا معارضة مدجَّنة وفي صفوفنا معارضين أمضوا سنين عديدة في السجون..!؟
الغريب أنه لم يصدر عن فلول حزب العمل الشيوعي الذين يدعون أنهم الحزب أي كلام يلقي بعض الضوء على المشهد الكئيب الذي أصبحت عليه بقايا حزبهم فالحزب لا يزال عضواً في التجمع الوطني الديمقراطي الذي يقوده ـ رياض الترك ـ المنخرط في المجلس الوطني في حين أنهم يعارضون حزب ـ رياض الترك ـ وسياسته.. والحزب موجود في هيئة التنسيق الوطنية وهم يعارضون سياساتها.. والحزب موجود في قيادة تجمع ( تيم ) الذي يعتبر جبهة التغيير التي تحالفوا معها مؤخراً فبركة سلطوية مكشوفة مع أنهم من مؤسسي التجمع وبالرغم من دوامة التناقضات المعيبة هذه والتي تسخِّف حالتهم وتكشف عدم نضجهم السياسي فإنهم لا يجدون ضرورة لتفسير شيء أو الإعلان أمام الرأي العام عن حيثيات هذا التخبيص…؟
هل يصعب مثلاً الإعلان عن الانسحاب من تجمع رياض الترك أو من تجمع تيم أو من هيئة التنسيق والقول بجرأة: نحن من يمثِّل شرعية حزب العمل الشيوعي أو نحن شريحةً منه وقد قررنا الانخراط في تحالف جديد مع جبهة التعيير والتحرير بعد اقتناعنا بأن الأزمة الوطنية تستوجب ذلك..!؟ يبدو أن المسألة صعبة فالمعروف عن أسرى الأيديولوجيا وعبيدها أنهم يهدرون أعمارهم في التنظير واجتراح الأوهام وتصنيم القادة فالأيديولوجيات تسبب حالة من التكلس والتبلد وتخلق قطعان من العشاق المخلصين الذين يتحولون إلى جنود طيعين في إسطبلات القادة الأفذاذ…!؟ غير أن ما بثلج الصدور هذه الأيام هو استطلاع ميداني جرى في بعض المدن والأرياف الملتهبة كشف عن حالة واسعة من البهجة والاطمئنان تعم الأوساط الشعبية بمناسبة قرب ولادة التحالف الجديد وأظهر الاستطلاع أن غالبية السوريين وضعوا أقدامهم في مياه باردة فور أن سمعوا بخبر الاتفاق على تأسيس التحالف الجديد الذي سيقترح السبل الآمنة والمضمونة والسحرية التي تكفل عملية الخروج من نفق الأزمة السورية صلوا على النبي…!؟