أسبوعان دمويان في سوريا، وتجاذب دولي للشأن السوري، احتلّا المحور الأساسيّ للتدوين في سوريا وسط تنوع أدبي وتحليلات اجتماعية وسياسية وترجماتٍ عديدة عن صحف ومدونات غربية. فيما لم يغب عن الساحة مواضيع عديدة ليست بأقل أهمية من سابقاتها: إضراب دمشق واستحضار للإضراب الستيني إبان الاحتلال الفرنسي، ومعتقلي “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” وتعدّيهم حاجز المائة يوم دون أيّة معلومات عنهم.
في البداية يفتتح أحمد في مدونته “قرقعة جوزتين بخرج” الحلقة الأولى من سلسلة “سوريا والتجاذبات الخارجية” عن الأزمة السورية، والنظام السوري وفق معطياتها بالنسبة للخارج.
ابتداءً باستعراضه لاتفاقية “سايكس بيكو” والتقسيمات التي نتجت عنها من جهة، والثورة البلشفية وكشفها لاتفاقيات مشابهة في روسيا من جهة أخرى.
مروراً بالأزمة السورية، وسط الصراع الأمريكي-الإيراني، وانتهاءً بما نتج عن هذا الصراع الدولي في العقد الماضي في العراق وليبيا.
يقول أحمد : ” طبعا من المهم ذكره أيضا أن الأزمة السورية في أحد تبدياتها تشكل محورا أساسيا في الصراع الأمريكي الإيراني وهو في المرحلة الحالية يعتبر الصراع الأكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة ومن خلفها اسرائيل، طبعا كلا الجانبان يحاول كسب نقاط وأراض ٍ من الخصم، وبالتالي “وهذا حاليا ما يعتبر استمرارية لحالة مشابهة للتي أحدثها الاحتلال الأمريكي للعراق وأفغانستان”
ويضيف: “قد يثير هذا الدعم الأمريكي للأطراف المناوئة للحكومة السورية التساؤل حول إمكانية وقوع سورية في حالة الفوضى وبالتالي تشكيل تهديد لاسرائيل حول إمكانية تعرضها لخطر من الشمال، “وهو برأيي إن حدث فلا يمكن أن يشكل تهديدا ضخما، إلا في حال وقوع منظومات الأسلحة السورية المتطورة في أيدي هذه المجموعات، وهذا ما قد يحدث في مراحل لاحقة، ولكن ضمن الخطة الأمريكية الحالية فهذا مستبعد”
المدون “ياسين سويحة – مدوّنة أمواج اسبانية في فرات الشام” في مقاله الأخير “مجازر على مذابح، حاجز نفسي، ومتلازمة أين” يستهلها بالحديث عن المجازر الأخيرة في سوريا (الحولة والقبير):
“أصعب ما في الممنوعات والمحرّمات هو اقترافها للمرّة الأولى. بعدها تسهل الصعوبة مرّة تلو الأخرى، إلى أن تصبح عادةً يغدو الصعب فيها هو تركها”، يقول ياسين.
ويضيف: “ولماذا ﻻ يفعلها النظام؟ ما المانع؟
مانع أخلاقي؟ أرجوكم!
مانع تكتيكي؟ لماذا؟ يعرف تماماً أن أحداً لن يفعل شيئاً ضدّه. ف أن حسابات الجيوستراتيجيا الكبرى تقتضي أنه، خارجياً، وحتّى إشعارٍ آخر، آمن. وأن حساسيّة أخلاق هذه الحسابات للدّم المُراق هي أختً شقيقة لصدق المشاعر التضامنية للحزب الشيوعي السوري مع الإصلاح الزراعي في نيكاراغوا. إدانات واستنكار وشجب؟ فليكن! مزيد من المواد الخام الجاهزة للقولبة في مصانع المؤامرة، مزيدٌ من الحصار النفسي لعقليّة القلعة المحاصرة التي حبس فيها أنصاره، مزيدٌ من استجرار المفارقات (اقرأ: مفرقعات) من طراز:”أين كنتم يوم ضُربت غزّة” أو “أين أنتم من القمع في البحرين؟”، ولهذه المفارقات (اقرأ مرّة أخرى: مفرقعات) جمهورٌ صاخب.. جمهورٌ قد يكتشف فعلاً أن أطفال الحولة هم الذين قصفوا غزّة، أو أنّ سكان القبير الـ 150 شاركوا في قوات درع الجزيرة التي قمعت الانتفاضة البحرينيّة. ”
مضيفاً غضبه على استغلال الأطفال كقرابين للوطن والحريّة فيقول:
” أطفال الحولة والقبير، وكل الأطفال الشهداء ليسوا قرابيناً على أي مذبح، ﻻ مذبح الوطن وﻻ مذبح الحرّية.. دم هؤﻻء الأطفال ليس ثمناً دُفع مقابل شيء، أكان هذا الشيء إسقاط النظام أو نيل التحرر الوطني أو أي شيء آخر. هؤلاء الأطفال ليسوا “مشاعل نصرٍ” كما قرر واضعوا التسمية البليدة للجمعة الماضية. هؤلاء الأطفال ضحايا عمليّة سطو مسلّح على أغلى ما يمتلكون، وعلى أغلى ما نمتلك لو نمتلك ضميراً يقدّر هذه القيمة. ﻻ ديّة تدفع ثمن ابتساماتهم التي انطفأت، وﻻ تعويض يجازي قيمة مشاكساتهم التي صمتت.”
فيما نشر عدد من المدونين السوريين بيانين، أولهما كان يتعلّق بتأجيل محاكمة معتقلي “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” التي كان من المزمع إقامتها في 29/5/2012 يذكر أن المعتقلين تجاوزوا يومهم ال100 في السادس والعشرين من الشهر الماضي (أيار) وسط انعدام أية أخبارٍ عنهم وهم : مازن درويش وحسين غرير ومنصور العمري وعبد الحميد حمادة وهاني زيتاني.
الجدير بالذكر أن المركز السوري للإعلام وحريّة التعبير كان قد حصل على عدة جوائز عالمية، آخرها كان الأسبوع الفائت “جائزة الشارة” التي تعطيها لجنة الجائزة السنوية لحملة شارة حماية الصحفي ومقرها جنيف.
في الوقت ذاته منحت مؤسسة “فرونتلاين ديفندرز” والتي تتخذر من مدينة دبلن مقراً لها، جائزتها السنوية للمدافعين عن حقوق الإنسان المهددين للمدونة رزان غزّاوي – عضو في المركز السوري للإعلام وحرية التعبير ومعتقلة سابقة – لازالت تنتظر محاكمتها- .
البيان الثاني “ بيان ناشطين سوريين حول المخطوفين اللبنانيين“، تبناه العديد من الكتّاب السوريين والمدونين، تقول بداية البيان :
” نحن ناشطون ومثقفون سوريون مناصرون للثورة في بلدنا أو مشاركون فيها ندعو إلى الإطلاق الفوري لسراح المخطوفين اللبنانيين في الأراضي السورية، أيا تكن الجهة الخاطفة، وأيا يكن هؤلاء المخطوفون.
تجمعنا بلبنان والشعب اللبناني من القرب وأواصر القربى ما لا ينبغي لأية تقلبات سياسية أن تفسده أو تقلبه إلى عداوة وأحقاد.”
ورغم وضوح البيان إلا أنه قد شهد عدداً من الانتقادات من بعض الأشخاص الذين اعتبروا أنه –أي البيان- لا يحمّل النظام مسؤوليّة تجاه المعتقلين، فيما اعتبر آخرون أن نص البيان مبهم و”في غير وقته”.
في الوقت ذاته، شهدت العاصمة دمشق بالدرجة الأولى ومن بعدها حلب خلال الأيام القليلة الماضية، تصعيداً ثورياً مفاجئاً وغير مشهود يعيدنا لذكريات الإضراب الستيني لدمشق خلال القرن المنصرم، إبان الاحتلال الفرنسي وما كتب عنه. إبراهيم الأصيل في مدونته “مدينة” تحدث عن دلالات الإضراب ما بين أسباب ونتائج، نلخّصها لكم بما يلي :
“الأولى : إنهاء علاقة ولاء التجار للنظام، واستحضار لذكرى منع بدر الدين الشلاح إضراب الثمانينات.
الثانية: انحسار نفوذ عدد من المؤسسات الرسميّة كغرفة التجارة حين لم تستطع أن تتخذ أي قرار بخصوص الإضراب.
الثالثة: التأكيد على انعدام الخوف وسط السوريين.
الرابعة: احتضار الاقتصاد السوري.
الخامسة: نقل الحراك الثوري إلى الطليعة في دمشق وحلب، ووجودهما في واجهة الثورة اليوم حسم رهان “الأغلبية الصامتة مع مَن؟” لصالح الثورة.
وأخيراً السادسة: تركيز على أهميّة المقاومة المدنية مستشهداً بالإضراب كإحدى الوسائل.”
ويختم إبراهيم تدوينته بالتركيز على أهمية مساندة القائمين بهذه الخطوة بقوله :
” من المهم جدّا أن نذكر أنّنا إذا أردنا للإضراب أن يستمر، فعلينا أن نقوم بمساندة المتضررين بشكل كبير، أو من قام الشبيحة بتكسير بضاعتهم مثلاً، وذلك بتضامن التّجّار الأفضل حالاً منه معه، وبشرائنا من التجّار المضربين عندما يفتحوا محلّاتهم ومقاطعة من لم يضربوا.”
شيري صاحبة مدونة طباشير، ومع ازدياد الحديث عن أهميّة “تصحيح مسار الثورة” اتخذت موقفاً مخالفاً، فباعتقادها أن ما يجري منذ بداية الثورة في آذار 2011 وحتى اللحظة هو بحدّ ذاته تصحيح للثورة، التي تصحّح نفسها بنفسها. معتبرةً أن ما يجري حاليّاً من ظهور لبعض الأحداث المبنيّة على خلفيّات دينية وعشائرية وقوميّة هو أمرٌ طبيعيّ نتيجة للتقسيم المجتمعي الذي اتّبعه حافظ الأسد منذ بداية حكمه لضمان استمراره.
تقول شيري:
“الثورة لا تحتاج إلى تصحيح!
بل أجد ُ أنه من المهين الحديث عن “تصحيح” الثورة، فالثورة تـُصحح نفسها بنفسها من خلال الوقت. ما يحصل الآن ، من وجهة نظر ٍ خاصة، أمر ٌ طبيعي، فالثورة تأخذ ُ وقتا ً و الثورات السريعه كما في تونس و مصر لم تنته ِ بعد و مازالت الثورة قائمة تـُسقط ُ قناعا ً تلو الآخر في محاولة ٍ للوصول إلى الديمقراطيّة المرجوّة. ”
في إشارة منها إلى أن الثورات لا تتمّ حتى تسقط كل الأقنعة وليس فقط القناع الأبشع مستشهدة بمقولة الصحفيّ سمير القصير (شهيد الكلمة) : “ان شرط الديمقراطية، حتى تسود، سقوط الأقنعه كلها، و ليس فقط القناع الأبشع”
وتضيف في سياق الحديث عن “سقوط الأقنعة” :
“يبرز بين فترة و اخرى نجم ُ أحد من هذه الأوساط و يتداول أسمه ُ، يخرج على شاشات الفضائيات و يروي قصصا ً و حكايات تصبح ُ مع الوقت حديثا ً مهمّا ً يموت ُ مع الأيام لتظهر شخصية أخرى بحديث ٍ و قصّة جديدة، و هكذا”
وعن جدليّة الجيش الحر تقول المدوّنة :
“الجيش الحر الذي قام بتشكيله منشقون عن الجيش النظامي و الرافضين للقتل و من ثمّ تطوع فيه عدد كبير من المدنيين الذين وهبوا حياتهم لحماية بعضهم، هذا الجيش نفسهُ ليس َ معصوما ً عن الخطأ فهو يخطأ في التقدير و التخطيط ، أو يصيب”.
وتضيف في مكان آخر :
“أصبح لدينا الجيش الحر و “الجيش الحر”، الأخير هو كلّ من يحمل السلاح تحت َ أيّ عرف ٍ و ينطوي تحت َ اسم الجيش الحر و هو في الحقيقة يمارس ُ كلّ ما يحلو له ُ من سرقة أو خطف ٍ و اعتداء ٍ على النساء باسم الجيش الحر. و أصبحت القدرة على التمييز بين الجيش الحر و ” الجيش الحر” مسألة صعبة فبينما يدافع ُ الجيش الحر عن المدنيين في بعض المناطق يقوم ُ ” الجيش الحر” بالسطو على البيوت و تهديد و خطف و ترويع المدنيين في مناطق أخرى.”
ولم تنسَ المدوّنة في حديثها عن الجيش الحرّ ومن يُحسَبون على “الجيش الحرّ” ذكر حادثة النقيب “أمجد الحميد” قائد لواء رجال الله ذو الأخلاق العالية ومبادئة الأخلاقية، وحادثة استشهاده برصاصةٍ غير معروفة المصدر إن كانت من طرف النظام أم من طرف جماعاتٍ أخرى على خلفية إعلانه في إحدى المظاهرات أن هناك بعض الذين يحملون السلاح عبء على الثورة، كما وصفهم باللصوص ولمّح لأسمائهم والمناطق التي يمارسون فيها الانتهاكات.
دلير يوسف في مدوّنته “بلا اسم” هذا الأسبوع تنوّعت مشاركاتها بين الحديث عن المنفى، والموت، واستعراض نصوص مسرحيّة قصيرة له عن الاعتقال والتعذيب والموت، إضافةً لفيلمه “لَعِب”، يقول عن الفيلم في تدوينةٍ له :
” (لعب – فيلم لدلير يوسف) .. لأن الثورة، قبل أن تكون ثورة على تلك الأنظمة القمعية، كانت ثورة لتغيير الناس، لتغيير طريقة حياتهم ولإحياء الأمل في الحياة.”
وفي تدوينة أخرى يقول دلير عن المنفى :
“في المنفى لن تجداً أذناً تتلقى كلماتك، فلا شيء هنا سوى الفراغ غير المحدود. هنا لن يكون لك حكايات جديدة كلُّ حين. قصة واحدة تتكرر في هذا المكان. تعبٌ وعذابٌ وتشرد. شوقٌ ورسائل لأمك لا تتلقاها إلا في ما ندر.”
أما عن الموت والاعتقال، فيستهلّ ذلك بنصين مسرحيّين هما “جلسة الاعتراف الأخيرة” و”اعتقال”.
فيما تنوعت المشاركات في المدونة الجماعية “المندسّة” كالعادة، بين أدبيّات ( كخواطر وقصص وشعر) وبين مقالات مترجمة وغير مترجمة عن عدد من الصحف الأجنبية، والصفحات الشخصية لبعض الكتّاب والناشطين السوريين.