قد يكون من الصعب الجزم بالقول أن المدوّنات السوريّة في الأسبوعين الأخيرين قد تم التركيز فيهم على موضوعٍ ما أو اثنين، فتسارع وزخم الأحداث محليّاً وعربياً قد حالا دون ذلك.
بدايةً شهد الوسط التدويني السوري مأساةً إنسانيّة بعد إطلاق حاجزٍ تابع لشعبة الحزب في حلب الرصاص على مارينا شحوارو والدة المدوّنة مرسيل شحوار – صاحبة مدونة لمحات – مما أدى إلى استشهادها قبل أن تصل إلى المستشفى، وكأول ردّة فعل قالت المدوّنة على صفحتها على الفيس بوك:
“كل الوقت كنت متوقعة الموقف يكون بالعكس أنو أنا اللي عم روح عالموت برجليي استشهد وتبكي عليي وكنت دايما اقنعها انو تتذكر أنو هاد خياري وقضيتي وما تزعل عليي ! بس أبداً ما كنت متوقعة الوجع يكون بالعكس”.
وتضيف في تعليقٍ على رسالة أخرى على صفحتها أيضاً، بأن المسؤول عن كتابة الضبط قال لها مبرراً الحادثة: “اللي عم يكتب الضبط بكل وقاحة قلي.. بيكون العنصر جديد!!”.
–
وبين مرحلتين انتخابيتين، المدون ياسين سويحة في مدونته “أمواج اسبانية في فرات الشام” يتحدث عن أول ما تمّ تداوله في الشأن السوري: انتخاب عبد الباسط سيدا الأكاديمي الكردي المستقل رئيساً للمجلس الوطني السوري خلفاً لبرهان غليون.
ما يثيره ياسين في مقالته، هو طريقة تعاطي المجلس – المتكلّس المفاصل وذو شيخوخة لعقده السياسي إضافة لافتقاره لأي إبداعٍ أو ابتكار- وذلك ما يعكس اختلافه كليّا عن الشارع وما قدّمه ويقدّمه منذ آذار 2011 وحتى اليوم.
ويقول ياسين بأن الرئيس السابق للمجلس تم تحميله المسؤولية كاملة عن الأخطاء والتقصير الذي حصل، بينما يجب أن تُسأل الكتلة الأكبر والأكثر تمثيلاً في المجلس عنها.
وأخيراً يضيف ياسين، بأن التصريحات بإعادة هيكلة المجلس، قد تبدو أشبه بـ”إصلاحات النظام” من حيث جديّتها، وفقاً لتصريحات منذر ماخوس لوكالة فرانس برس.
وبين كتلةٍ -الإخوان المسلمين الأكبر والأكثر تأثيراً- لا ترغب بأخذ الواجهة كي لا يحسب المجلس الوطني كتنظيمٍ اسلاميّ من جهة، وتفادياً لتحميلهم انتكاسات المجلس كجماعة، وبين كتلةٍ كإعلان دمشق التي لم تستطع تقديم مرشحها جورج صبرة فوق إرادة الإخوان، يبدو الرئيس الحالي للمجلس كالرئيس السابق له، أسئلةٌ وتحديّات، ودمٌ سيضيع بين القبائل.
أما في الشأن المصري والانتخابات الرئاسية، فيقول ياسين في تدوينة أخرى عَنوَنَها بـ”“شعب وسخ، شعب وسخ” في إشارة منه لعبارة قالتها إحدى مؤيّدي أحمد شفيق -مرشح العسكر- بعد إعلان النتائج الانتخابية بفوز مرسي في الانتخابات.
وفي التدوينة التي تحتوي على عدة نصوص قصيرة لعدة مواضيع مختلفة لكنّها تدور حول محورٍ واحد – الساحة المصريّة- يصف المدوّن تصرف المؤيدة بأنه أكثر المظاهر تمثيلاً لبنية عقل النظام المصري السابق ولكل بنى الأنظمة العربية، فلا يوجد مؤيد لنظام عربي يستطيع أن يعبر عن تأييده دون أن يشتم ويهين الشعب (المتخلف، قليل التربية، الجاحد)، مقارباً هذه الحالة الـ”شفيقيّة” بحالة المؤيدين (أو المنحبكجية) في سوريا، ولكن بشكل أوسع فهو لا يكتفي بتحقير الشعب محلياً، بل يتجاوزه إلى أن يعممه على عدة شعوب مجاورة كانت أم غير مجاورة.
وعن الأخوان المسلمين في مصر يقول ياسين بأنه لا يمكن لأيّ ديمقراطيّ -بغض النظر عن موقفه من الإسلام السياسي، أو العلاقة بين الدين والسياسة- أن ينكر حق الأخوان أو غيرهم من التنظيمات بالوجود وممارسة الحياة السياسية، ويضيف بأن الأخوان أثبتوا خلال تاريخهم بشكل عام وخلال العام ونصف الأخير في مصر وغيرها بأنهم الأكثر “سياسيّة”، ورغم أنهم كثيراً ما ذهبوا ببراغماتيتهم إلى حدود الانتهازية لكن “من كان منكم بلا خطيئة فيلرمِ الحجر الأول” يقول ياسين.
وأخيراً يضيف ياسين: إن السؤال الأهم كم من معارضي الإخوان المسلمين في مصر وخارجها ( وأعتبر نفسي أحد هؤلاء المعارضين) سينجحون في التموضع وبناء الذات والخطاب دون الهسترة على طريقة الشفيقيّة المكلومة بالصراخ “شعب وسخ”؟
–
وفي تدوينتها تستهل مدونة طباشير نصّها “خيالات في زوايا الثورة” التي تحتوي عدة نصوص مختلفة المواضيع بين قضيّة السوريّين في الأردن وما يتعرضون له من مضايقات و”ترحيل” دون السماح لهم بالدخول.
مروراً بقضيّة الاغتصاب، حيث تذكر أنها قرأت كتاب “العظام الجميلة” للكاتبة الأمريكية “اليس سبولد” التي تصف في أحد جزئياته عملية اغتصاب الطفلة “سوزي” بأدق التفاصيل المؤلمة.
وتضيف المدوّنة بأن هذه التفاصيل لم تأتِ من عبث، فالكاتبة نفسها تم اغتصابها عندما كانت في عمر “سوزي” تقريباً، وهي تكتب ليعرف العالم بأسره كم هو “جريمة” موضوع الاغتصاب. وتنهي “شيري” صاحبة المدونة قضيّتها هذه “الاغتصاب ليس عاراً، إنه جريمة، هو لا يحتاج من يغطيه، بل من يكشفه.. ولا تغتصبوهنّ مرتين !”
وأخيرا مع انتخابات المجلس الوطني السوري ورئيسه الجديد، كان له حصة من تدوينتها، فتقول شيري بأن عبد الباسط سيدا ليس سياسيا وجيهاً ولا متحدثاً بارعا، وغالباً أنه لن يقدم شيئاً يذكر للمجلس، لكن كونه كردي يضمن بأن الثورة ستضمن حقوق الأقليات.
وتضيف في نهاية النص : “في الثورة كلنا أكثريّة.. الأقليّة الوحيدة هي المجلس الوطني”.
–
أما مدوّنة “إضاءات قنديل صغير” فاستهلت أولى تدويناتها لهذا الأسبوع بتوصية الجامعة العربية في اجتماعها الأخير إلى إدارة قمري عربسات ونايلسات بوقف بث قنوات النظام السوري الرسمية وغير الرسمية، في الوقت ذاتها تعالت أصوات (المثقفين والمتفزلكين) – على حد تعبيره- منددين بهذه التوصية بحجة معارضتها لأحد أهم مبادئ الثورة السورية : الحريّة.
ويقول صاحب المدونة: إن هذه القنوات التي ينادي البعض بالحريّة لها قد سبق لها أن شوّشت على ترددات قنوات أخرى، وشتمتها مع مذيعيها وأصحابها والجهات التي تعمل لها، وحتى البلاد التي تبث منها، وامتد هذا “التشبيح الإعلامي” إلى المعتقلين في الداخل نفسهم حين قايضت حريّتهم والإفراج عنهم مقابل الإدلاء باعترافات معيّنة لصالحها، أيضاً جولاتها في الشارع بصحبة وحماية جيش من جنود النظام وشبيحته ليرغموا المواطنين على الإدلاء بتصريحات وفقاً لأهوائهم.
ويضيف في النهاية المدون:
لا حرية في إيذاء أي شخص جسدياً أم نفسياً، كذلك لا حرية للحاكم في التصرف بحسب أهوائه، وأخيراً لا حرية لهذه القنوات المريضة عندما تخوّننا وتسيء لأرواح شهدائنا، وتضحك على مشاهد أطفالنا المذبحين وعلى صور أحيائنا وبيوتنا المدمرة، ولا حرية لمن يكذب بالزمان والمكان والوقائع.
ويختم المدون أخيراً بعبارة: لا حرية لقنوات شعارها دائماً “سوريا بخير” وسوريا في الحقيقة تنزف الدماء كل ثانية والنظام يقتل فيها كل خير !.
–
أما مدوّنة “عشوائيات” فقد خصصت تدوينتها للحديث عن “تداعيات غياب الحل السياسي”:
ويرى المدون بأنه مع غياب قيادة حقيقية للحراك في سوريا لما يزيد عن 15 شهراً فقد تزايدت الدعوات إلى التسليح، وانقسم الشارع مجدداً بين مؤيدٍ ومعارض للتسليح.
ويضيف: إن الاقتتال والتسليح غدا مطلباً بدلاً من أن يكون حالة فرضها النظام من خلال بطشه والقتل الذي ينتهجه. أما الجيش الحر ورغم تحقيقه بعض الانتصارات لكنه لا يستطيع الصمود أمام القوة العسكرية للجيش النظامي، والنتيجة استمرار للأزمة دون أن تنتهي.
ويستأنف المدون: لو افترضنا بأن وجود الجيش الحر أدى إلى التخفيف من حالات القتل والتدمير وفي إنهاك النظام وزعزعة أركانه، فأين الجيش الحر بعد كل مجزرة أو خلالها، وألا يعني انسحابها تكتيكياً من بعض المناطق دليلاً على ضعفه في مواجهة القوة العسكرية للجيش النظامي؟.
ويختم تدوينته بأن اعتماد الجيش الحر على الدعم الشعبي له في منطقة معينة أدى إلى تعريض المنطقة وسكانها لأخطار جسيمة مما يؤدي مع الوقت إلى تحجيم الدعم الشعبي للجيش الحر، وإن أقصى ما استطاع الجيش الحر القيام به هو منع الجيش النظامي من دخول بعض المناطق “المحررة” فيما تبقى بقية المناطق تحت سيطرة النظام، مما يؤدي إلى امتداد الأزمة ربما لسنوات.
ويرى المدون أخيراً أنه بعد وضوح تفوق النظام عسكرياً، يجب تفعيل الحل السياسي الداخلي والخارجي إلى جانب الحل العسكري كي تنتهي الأزمة قبل انهيار الدولة.